TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مشروع علاوي

مشروع علاوي

نشر في: 8 فبراير, 2014: 09:01 م
ليست مجرد أزمة عابرة يمكن حل عقدتها بإجراءات بسيطة في وقت قصير، فنحن الآن في مشكلة عويصة ومحنة حقيقية.. لا سلم أهلياً في البلاد، ولا أمن للناس محفوظاً، ولا ضمان للأرزاق والممتلكات قائماً، ولا تنمية اقتصادية واجتماعية وسياسية جارية، وفوق هذا كله البلاد في حال حرب حقيقية تعداد ضحاياها بالألف كل شهر، وهي حرب لها طابع طائفي برغم النكران.
هذه المحنة التي يختنق بها نظامنا السياسي ومجتمعنا بأسره، يمكن لها أن تؤول إلى خراب شامل ما لم يكن هناك حل يجري العمل عليه في الحال.. كيف يكون هذا الحل؟ الخطوة الاولى تبدأ بالحوار بين جميع الأطراف صانعة هذه المحنة والمتأثرة بها. في هذا الإطار أظن ان ما طرحه رئيس ائتلاف "الوطنية" إياد علاوي منذ ثلاثة أيام يمكن أن يكون المخرج من المحنة وإطار الحل المرتجى. انه يدعو الى عقد مؤتمر وطني لبحث المحنة بطبيعتها وأسبابها وعواقبها وسبل الخروج منها وجعلها ذكرى من الماضي. 
بطبيعة الحال لن يكون مجدياً أن تقتصر أعمال المؤتمر على الوضع الراهن في الأنبار برغم مخاطره الجسيمة وتداعياته غير الحميدة، ولا أظن ان علاوي يريد لمؤتمره أن ينحصر في هذا وحده، فالوضع في الأنبار ليس إلا واحداً من التجليات الحادة لمشكلتنا العويصة، وحلّ أزمة الأنبار أمنياً لن يوفّر لنا مخرجاً من هذه المشكلة، بل يزيد من تفاقمها.
لكي ينجح هذا المؤتمر يتعيّن أن يشمل كل الاطراف السياسية. أعني القوى السياسية الممثلة في الحكومة والبرلمان ونظيراتها الموجودة خارج الحكومة والبرلمان، إضافة الى ممثلين عن متظاهري الانبار ومتظاهري بغداد الذين نزلوا الى ساحة التحرير قبل ثلاث سنوات ورفعوا شعارات لاصلاح العملية السياسية ولم يستمع لهم أحد فتفاقمت الأمور الى مرحلة المحنة الحالية. ولابدّ ايضاً من مشاركة ممثلين عن المجتمع المدني ومراقبين من الأمم المتحدة.
ونجاح المؤتمر يتطلب، في ظني، ألا يُثقل بجدول أعمال طويل عريض ولا بمناكفات ومزايدات من النوع الذي توطّن في مجلس النواب. وربما الأفضل أن يكون جدول الأعمال مفتوحاً. المشاركون يقدّم كلُّ واحد منهم رؤيته لما هو قائم (المحنة) ولما يتصوره مخرجاً منها، وتُشكّل لجنة لتلخيص هذه الرؤى، ويُعرض المُلخّص على المجتمعين من جديد ليُصار الى فرز الرؤى المتماثلة والأخرى المختلفة، فيجري النقاش على هذه الاخيرة من أجل التوصل الى تسويات بشأنها، فينتهي المؤتمر بخارطة طريق أو برنامج محدد للخروج من المحنة، يلتزم به الجميع، وتوضع آلية عملية لمراقبة هذا الالتزام. 
أغلب الظن ان طرفاً رئيساً في المشكلة، وهو ائتلاف دولة القانون الذي يُمسك بالسلطة في البلاد، لن يتجاوب مع مشروع علاوي، ليس فقط لأنه مشروع علاوي، وإنما كما علمتنا تجربة السنوات الماضية لأن الطرف الحكومي لا يرغب في مشروع للحل مطروح من غيره، والمشكلة انه ليس لديه مشروع للحل.. انه يضع رهانه في القوة المسلحة الغاشمة وفي قوة المال، وهو متمسك بهذا الرهان برغم خسارته الأكيدة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. فاروق ابراهيم

    شبع العراقيون من المؤتمرات التي تعتمد ضاهريا على النوايا الصادقه دون اخذ الاعتبار لموازين القوى للمتحاورين انه صراع على السلطه شبه معلن بين القوى السياسيه المفروض تحاورها فكيف لهم ان يتحاوروا لترجيح مصلحة الوطن و المجتمع غلى مصالح احزابهم بصراح

  2. حامد اسماعيل حسين

    بسم الله--- الاستاذ الفاضل عدنان حسين المحترم قرات مقالتك وكالعادة حضرتك رائع في تحليل الواقع السياسي العراقي لكن في هذه المقالة المخصوص بمبادرة الدكتور علاوي لااعرف كيف فات على جنابكم الكريم هو موافقة اللطرف الاخر الا وهو مختار العصر ابو حمودي رئيس وزرا

  3. ابو سجاد

    الحل ليس بيد العراقيين بل بيد الامريكان والايرانيين وبعض الدول العربية وتركيا اما العراقي يبقى تابع وبلا ارادة كون جميع السياسيين منزوعي الوطنية والكرامة

  4. فريد الحمداني

    استاذ حسين اعتقد ان مقالك هذا هو محاولة متاخرة لتسويق شخص افلس سياسيا.

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram