القسم الثاني
هل يحق لنا أن نحلم بظهور معجزة وطنية عراقية فيولد من رحم المعاناة والعذابات العراقية المؤبدة رجل يملك بعض سمات الدكتور زين العابدين عبد الكلام المحلق بأجنحة من نار ورؤى هو الذي عنون كتاب سيرته ( أجنحة من نار).
هل كثيرٌ علينا وكثير على المجتمع العراقي وعمقه الحضاري وثقافته أن ينتج سياسيا عراقيا واحدا يمتلك قدرا من الروحانية والفكر الإنساني والنزاهة والإنجاز المتفوق عالميا و التعامل المتفاني مع الوطن؟ هل ستنعم علينا السماء - مقابل تضحيات العراقيين الهائلة وصبرهم - برجل فيه شيء من عبد الكلام وإخلاصه لثقافة وطنه ووحدته قبل إخلاصه لانتمائه الحزبي وطائفته ؟
الهند هذه القارة التي يتكلم سكانها 347 لغة محكية مع اعتماد 22 لغة رسمية ويتعايش فيها اكثر من 1500 دين وطائفة وعقيدة وعرق- أجمعت بكل تنوعها العرقي والديني والثقافي هذا من اجل مستقبلها - على اختيار الدكتور المهندس الفضائي والشاعر لرئاسة جمهوريتها العتيدة ، ففي سنة 2002 رشّح التحالف الوطني الديمقراطي الدكتور زين العابدين عبد الكلام لمنصب الرئاسة و حاز ترشيحه قبول جميع الأحزاب بما فيها الأحزاب المعارضة للتحالف الوطني واختير لمساهماته العلمية و التقنية في تطوير المجتمع الهندي و حاز عبد الكلام منصب الرئاسة بسهولة . ويكمن سحر هذا الرجل وجماله الذي أهّله ليكون محبوب الهنود -في امتلاكه وسامة العقل النبيلة والإنسانية المترفعة على الانتماءات الفرعية والسياسية إضافة لقدرته على الرؤية المستقبلية واعتناقه المعرفة والعلم والابتكار وقيادته لمؤسسة الفضاء الهندية ، و أدّى القسم باعتباره الرئيس الحادي عشر للهند والرئيس المسلم الثالث ،دون أن يحاول فرض عقيدته وقناعاته الدينية والروحانية باعتباره مسلما- على المجتمع التعددي متجاوزا انتماءاته الخاصة ومرسخا انتماءه للهند وحدها ليغادر المنصب بعد خمس سنوات في 2007 وتخلفه السيدة ( براتيبها باتل ) لتسمى أوّل امرأة رئيسة للهند عبر تاريخها الطويل.
سئل عبد الكلام الشاعر عن قصيدته الفضلى التي يحبها قال :
أفضل ما كتبت من شعر - كما أعتقد – هي قصيدة ( الرؤية The Vision ) و قد قرأتها سابقاً في البرلمان الهندي :
تسلّقت و تسلّقت ...
أين القمّة ، يا إلهي ؟
حرثت و حرثت ...
أين كنز المعرفة ، يا إلهي ؟
أبحرت و أبحرت ...
أين جزيرة السلام ، يا إلهي ؟
أيّها العظيم القدرة ...
بارك أمّتي بالرؤية و الكدح المفضيين إلى السعادة..
هذا الشاعر الروحاني الحالم هو نفسه عالم الفضاء الذي وضع برنامجاً تقنياً طموحاً تحت عنوان ( رؤية تكنولوجية للهند حتى عام 2020 ) حدد فيه الإمكانات التي ستتوفر للهند إذا طورت برامج التعليم والتقنية ، ويعتبر هذا البرنامج بمثابة خارطة طريق لجعل الهند مجتمعاً قادراً على المنافسة التقنية العالمية خلال عشرين عاما ،فقد ركّز البرنامج على موضوعات زيادة الإنتاجية الزراعية واعتماد التكنولوجيا وسيلة أساسية للنمو الاقتصادي ، و زيادة قدرة المواطنين على الاستفادة من الوسائل و التقنيات الصحية . وفي بلادنا يجري إقصاء العقول العلمية والتخصصات المهمة عن مواقع الإدارة لصالح الطائفة والحزب مما يؤشر سببا رئيسا من الأسباب العديدة للتبلّد والركود الحضاري و الثقافي و العلمي والاقتصادي - الذي يغرق فيه عراقنا الموبوء بسوء الإدارة المستديمة منذ عقود خلت، ترى ألا يحق لنا أن نحلق بأجنحة من نار العلم والتقنية نحو آفاق المستقبل ونتجاوز حضيض تخلفنا وخراب وطننا؟
الرئيس الشاعر عبد الكلام المحلّق بأجنحة من نار
[post-views]
نشر في: 8 فبراير, 2014: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...