TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إلى أين تتجه تركيا؟

إلى أين تتجه تركيا؟

نشر في: 9 فبراير, 2014: 09:01 م

أثارت فضائح الفساد في أعلى هرم السلطة التركية، والكشف عن صراع مصيري، بين وجهي الإسلام السياسي أردوغان وغولن، الكثير من الأسئلة حول إمكانية استمرار تركيا في العيش ضمن ازدواجية أوروبا والإسلام، أو السعي لاستعادة أمجاد العثمانيين، بعد أن كانت علمانية أتاتورك قطعت مع ماضي الخلافة، وهو ما استمر زمناً بحراسة المؤسسة العسكرية، إلى أن سطع نجم الأب الروحي والفعلي للإسلام السياسي التركي، نجم الدين أربكان، الذي اصطدم بالمؤسسة العسكرية، التي حاولت الدفاع عن خياراتها العلمانية، لكنها تراجعت خطوات كبيرة، بعد نشوء حزب العدالة والتنمية، الذي ساعدته برجوازية المدينة على تشكيل هويته، بعد انصرافه عن العمل في بيئة الريف، التي ظلت لعقود الخزان البشري لكل أحزاب الإسلام السياسي.
لعب أردوغان، بمشورة المُنظر الأبرز للسياسة الخارجية التركية، أحمد داوود أوغلو، مع واشنطن باعتبارها القوة العظمى الوحيدة، على ثلاثة محاور، هي تعاظم قدرة إيران الإقليمية، ومحاولة احتواء النظام السوري، والعمل على تسوية القضية الفلسطينية عبر كسب حماس، وهنا سعت أنقرة لتحسين علاقاتها بمحيطها العربي، ونجحت في ذلك بامتياز، غير أن تلك العلاقات ضُربت في الصميم، مع سقوط حكم الإخوان في مصر، وتراجع دورهم في الثورة ضد نظام الأسد، لصالح قوى أكثر تشدداً وراديكالية، ورغم ما بدا من عداء إسلاميي تركيا لإسرائيل، فإن الشعور بالتقارب بينهما ظل الأقوى، فكلاهما تعتبران نظامهما ديمقراطياً أقرب إلى الغرب، وكلاهما تشعر بالغربة عن محيطها، فإسرائيل مفروض عليها ذلك بسبب صراعها مع العرب، وتركيا بسبب عضويتها الأطلسية، وسعيها الدائب للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
ظلت العلاقات مع إيران مشوبة بذكريات الصراع العثماني الصفوي، غير أن نجاح ثورة الخميني دفعت إسلاميي تركيا للبحث عن جوامع مشتركة، تجلت بعد تسلم حزب العدالة والتنمية للسلطة، في تعاون اقتصادي ورؤى مشتركة حيال عدد من القضايا، لعل أبرزها مكافحة الثوار الكرد، والجهد الدبلوماسي المتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، والسعي للبحث عن حلول منصفة للمعضلة الفلسطينية، لكن كل ذلك انهار بعد توضح موقف البلدين من ما يجري في سوريا، وانحياز كل منهما إلى واحد من طرفي الصراع، غير أن ذلك لم يفض إلى القطيعة الكاملة، رغم أن استدارة أنقره كانت باتجاه السعودية، على خلفية رؤيتهما المشتركة للأزمة السورية، ما عنى في بعض الأوقات التوجه لبناء تحالف سُنّي ضد إيران، برزت بعض ملامحه فيما يجري من صراع طائفي في العراق، باعتباره منطقة نفوذ إيرانية.
لم تتوقف إخفاقات أردوغان وحزبه عند سقوط نظرية صفر مشاكل، بسبب الانخراط في تفاصيل الأزمتين السورية والمصرية، بمشاعر إخوانية عند البعض، وحنين للنفوذ العثماني عند آخرين، فقد انفجرت مجموعة من القضايا الداخلية، لم يكن أولها احتجاجات ساحة تقسيم، فقد سبقها الملف الكردي الذي يبحث عن حل منذ عقود، كذلك مشاعر علوييها المؤيدة لنظام بشار الأسد، ولحقها ارتفاع الأصوات المعارضة للقضاء على علمانية الدولة، بسياسات الأسلمة الناعمة، وانتهت بالصراع القائم حالياً بين جناحي الإسلام السياسي، المتمثل بالعدالة والتنمية "المدنية" من جهة، ومريدي غولن في الأرياف من الجهة الثانية، ما يبشر بسقوط تجربة الإسلاميين الأتراك، رغم نجاحاتهم الاقتصادية والسياسية، وبسبب محاولتهم التفرد بالسيطرة على مؤسسات الدولة، التي كانت سبباً مباشراً لسقوط تجربة إخوانهم المصريين، الذين استلهموا النموذج الأردوغاني.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram