قبل أسبوعين كتبتُ هنا تعليقاً على قرار مجلس الوزراء إعادة الدوام يوم السبت في المدارس والمعاهد والجامعات وسائر المؤسسات التربوية والتعليمية، وقلتُ ان دافع القرار سليم وكذا هدفه، لكنني اجتهدت بانه "ليس القرار الصحيح الذي يُقدّم الحل الناجع لمشكلة كبيرة تتفاقم العام بعد الآخر".
مجلس الوزراء برّر قراره بـ "تأثّر المستوى العلمي لطلبة المدارس والكليات والمعاهد بسبب كثرة العُطل"، وهو تبرير صحيح، لكن العُطل الكثيرة ليست تلك التي تصادف مناسبات وطنية وقومية، وإنما التي تترافق مع مناسبات دينية، وهي كثيرة للغاية، ويمتدّ إحياء بعضها، والتعطل عن الدوام في المدارس والمعاهد والجامعات وسائر دوائر الدولة ومؤسساتها، الى أسبوع وأكثر.
في ما كتبته آنئذ برأتُ عطلة يوم السبت من التأثير على المستوى التعليمي والعلمي للتلامذة والطلبة من الأول الابتدائي الى الدراسات العليا في الجامعات، وقلتُ ان العطل غير الرسمية الكثيرة هي التي كان لها التأثير الأكبر، تليها عملية تسييس العملية التعليمية الممتدة من زمن النظام السابق حتى اليوم.
وفي ما كتبت أيضاً لفتُّ الانتباه إلى ان المشكلة هي في "أن إدارات المدارس وعمادات الكليات ورئاسات الجامعات ومديريات المؤسسات التعليمية أخذت تتبارى في ما بينها للزجّ بالتلامذة والطلبة والمدرسين والأساتذة في مناسبات الزيارات، ويُرغم البعض على تشكيل مواكب تمشي على الاقدام. والاسباب والدوافع في كل الأحوال ليست إيمانية، بل هي انتهازية، فكما جرى تملّق حزب صدام في الماضي في عيد ميلاد الدكتاتور ومناسباته الأخرى يجري الآن تملّق زعماء الأحزاب الإسلامية ومسؤوليها في وزارتي التربية والتعليم العالي في مناسبات الزيارات، وتُنظّم هذه العملية بكتب وتوجيهات رسمية".
رداً على هذا تسلمتُ رسالة من وزارة التعليم العالي تفيد بان الوزير السيد علي الأديب وجّه بنفي وجود تعليمات أو توجيهات في هذا الخصوص. وكفالةَ لحق الردّ، نشرنا رسالة الوزارة. ويؤسفني القول ان الرد لم تكن معلوماته صحيحة، فلديّ شواهد على ما كتبت عنه، وهنا واحد منها:
بالعدد رقم 532 وبتاريخ 25/11/2013 صدر كتاب من قسم الإعلام والعلاقات العامة في رئاسة جامعة بغداد، موجّه إلى "عمادات الكليات والمعاهد كافة" و"مكتب معاون العميد للشؤون الادارية"، وموضوعه "موكب عاشوراء". الكتاب يقول:
"على خلفية المشاركة الفاعلة لجامعتنا في موكب عاشوراء المركزي لطلبة الجامعات العراقية في كربلاء المقدسة مؤخراً والتي أكدت أصالة الولاء المطلق للإمام الحسين(عليه السلام) والايمان العميق بأهداف الثورة الحسينية الحقيقية. وبهذه المناسبة راجين (كذا) ترشيح عدد من التدريسيات والطالبات وبعدد لا يتجاوز الثلاثين تدريسية وطالبة للمشاركة في موكب عاشوراء لطلبة جامعة بغداد في كربلاء المقدسة والتي (كذا) لم يتسن لهن المشاركة في الوجبة الأولى بسبب توجيهات الامانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة في حينها...". وأُرسلت نسخٌ من الكتاب الى مكتب رئيس الجامعة ومكتب المساعد العلمي ومكتب المساعد الإداري".
تُرى، ما معنى هذا؟
ما معنى هذا؟
[post-views]
نشر في: 9 فبراير, 2014: 09:01 م