عام 1967 فاجأ المسرحيون البصريون ـ وفرقة المسرح الحديث بالذات ـ الجمهور البغدادي بمسرحيتهم الموسيقية المسماة (أوبريت بيادر خير) من تأليف (ياسين النصير) وإخراج (قصي البصري وأشعار (علي العضب) وألحان (حميد البصري) وشاركت زوجته (شوقية) بتمثيل الدور الرئيسي فيها وقدمت المسرحية بوقتها في قاعة الشعب .وفي عام 1970 قدمت المجموعة نفسها مسرحية موسيقية بعنوان (المطرقة) لم تحظ بمثل النجاح الذي حظيت به المسرحية السابقة.
وفي العمارة قدم المسرحيون أوبريتات مثل (كل ليالينا كمر) و (يولدون من جديد). وبعد ذلك قدمت (فرقة المسرح العسكري) مسرحية بعنوان (جذور الحب) من تأليف (إبراهيم البصري) وإخراج (محسن العزاوي) يمكن تصنيفها ضمن المسرح الموسيقي.وكان المؤمل ان يتطور هذا النوع من المسرح الذي تطور في الغرب كثيرا خلال القرن العشرين وأصبح صيغة فنية تختلف نوعا ما عن صيغة (الأوبرا) من حيث الشكل والمضمون.
المسرحية الموسيقية هي تلك التي تأخذ الموسيقى فيها شكل أغان هي الأساس للسرد. وتعتمد على تعديلات في الحوار وفي الأغاني ومن غير استمرار للموسيقى والكلام المغنى كما في الأوبرا رغم ان مصطلح (الكوميديا الموسيقية) يتضمن مادة فكاهية أو رومانتيكية، فإن المسرحيات الموسيقية المعاصرة تختلف في الموضوعات وفي الأسلوب. كما في الصيغ ذات الصلة مثل (الاستعراض) و (صالة الموسيقى) و (الفودفيل) و(الأوبرا)، (الأوبريتا)، فإنها تستخدم الرقص والجوقة بشكل متكرر وكذلك الممثلين الذين يشخصون شخصيات والسنوغرافيا الاستعراضية.
بدأت المسرحيات الموسيقية الحديثة تنفصل عن (الأوبرا) أوائل القرن الثامن عشر وذلك عندما نجحت مسرحية (غاي) المسماة (أوبرا الشحاذين) في لندن عام 1728 وفيها موضوعة ساخرة مأخوذة من الأساطير. في أوائل القرن التاسع عشر تجمعت تلك الترشيحات المتعددة التي جاءت من الأوبرا والأوبريتا وصالة الموسيقى و البانتومايم وغيرها من المنوعات وطورت صيغا سردية متفردة في الولايات المتحدة، وكانت للعبودية وآثارها ومنعطفات الهجرة الهائلة في البلاد قد أنتجت ما سمي (المنسترل شو) و(الفودتيل) والأغنية الأميركية المتميزة قد دخلت إلى المسرحية الموسيقية. ويدين المسرح الموسيقي في صفته البارزة إلى التلقيح المتبادل بين أوروبا (وبالأخص إنكلترا وفرنسا) وبين الولايات المتحدة.
هكذا تبلورت صفات خاصة للمسرحية الموسيقية التي بدأت أولا في أميركا ثم انتقلت إلى إنكلترا وأوروبا بعد ذلك، ومن تلك الصفات الاعتماد على نص حكائي سردي تتخلله أغان ورقصات وحوار منطوق يدور بين الشخصيات وبناء درامي متصاعد نتيجة صراع بين الشخصيات الرئيسية وخصومها.
ومن صفاتها أيضا اعتمادها على نصوص مسرحية وروايات مؤلفة سلفا تعاد صياغتها وفقا للمتطلبات الفنية لهذا الجنس المسرحي الجديد كما حدث مع مسرحية (روميو وجوليت) التي أعدت وسميت (قصة الحي الغربي) ،حيث يدور الصراع الدرامي فيها بين شبان من المهاجرين من جنسيات مختلفة يعيشون في ذلك الحي من نيويورك. أو كما حدث مع مسرحية (بيغماليون) لبرناردشو التي سميت (سيدتي الجميلة) أو كما حدث مع رواية البؤساء المشهورة. وقد تتعرض المسرحية الموسيقية لأحداث سياسية معاصرة كما حدث مع (إيفينا) زوجة رئيس الأرجنتين السابق (بايرون) وفيها يتم الكشف عن تسلط العائلة الحاكمة على أبناء الشعب وقهرهم.
ويدل ظهور المسرحية الموسيقية في الغرب وطغيانها في مرحلة معينة على الرغبة بالتجديد وإبعاد الملل عن نفوس الجمهور الذي اعتاد على مشاهدة الكلاسيكيات بصيغتها المسرحية المألوفة ،وبالتالي بتغيير جنسها من الدراما الاعتيادية إلى الدراما الموسيقية. ولاشك في أن مثل تلك الظاهرة لا تحدث إلا في بلاد تقدمت كثيرا في الفن المسرحي وصارت لها تقاليد راسخة فيه مما يقتضي الخروج على المألوف وتقديم ماهو مبتكر أو جديد. الحاجة والضرورة هي التي تقتضي حدوث مثل تلك الظواهر.
بعد هذا يحق لنا أن نتساءل: هل ترسخت لدينا في العراق تقاليد مسرحية ألفها الجمهور واعتاد عليها وتستدعيه للمطالبة بالتجديد؟
غياب المسرحية الموسيقية!
[post-views]
نشر في: 10 فبراير, 2014: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...