TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > غياب المسرحية الموسيقية!

غياب المسرحية الموسيقية!

نشر في: 10 فبراير, 2014: 09:01 م

عام 1967 فاجأ المسرحيون البصريون ـ وفرقة المسرح الحديث بالذات ـ الجمهور البغدادي بمسرحيتهم الموسيقية المسماة (أوبريت بيادر خير) من تأليف (ياسين النصير) وإخراج (قصي البصري وأشعار (علي العضب) وألحان (حميد البصري) وشاركت زوجته (شوقية) بتمثيل الدور الرئيسي فيها وقدمت المسرحية بوقتها في قاعة الشعب .وفي عام 1970 قدمت المجموعة نفسها مسرحية موسيقية بعنوان (المطرقة) لم تحظ بمثل النجاح الذي حظيت به المسرحية السابقة.
وفي العمارة قدم المسرحيون أوبريتات مثل (كل ليالينا كمر) و (يولدون من جديد).  وبعد ذلك قدمت (فرقة المسرح العسكري) مسرحية بعنوان (جذور الحب) من تأليف (إبراهيم البصري) وإخراج (محسن العزاوي) يمكن تصنيفها ضمن المسرح الموسيقي.وكان المؤمل ان يتطور هذا النوع من المسرح الذي تطور في الغرب كثيرا خلال القرن العشرين وأصبح صيغة فنية تختلف نوعا ما عن صيغة (الأوبرا) من حيث الشكل والمضمون.
المسرحية الموسيقية هي تلك التي تأخذ الموسيقى فيها شكل أغان هي الأساس للسرد. وتعتمد على تعديلات في الحوار وفي الأغاني ومن غير استمرار للموسيقى والكلام المغنى كما في الأوبرا رغم ان مصطلح (الكوميديا الموسيقية) يتضمن مادة فكاهية أو رومانتيكية، فإن المسرحيات الموسيقية المعاصرة تختلف في الموضوعات وفي الأسلوب. كما في الصيغ ذات الصلة مثل (الاستعراض) و (صالة الموسيقى) و (الفودفيل) و(الأوبرا)، (الأوبريتا)، فإنها تستخدم الرقص والجوقة بشكل متكرر وكذلك الممثلين الذين يشخصون شخصيات والسنوغرافيا الاستعراضية.
بدأت المسرحيات الموسيقية  الحديثة تنفصل عن (الأوبرا) أوائل القرن الثامن عشر وذلك عندما نجحت مسرحية (غاي) المسماة (أوبرا الشحاذين) في لندن عام 1728 وفيها موضوعة ساخرة مأخوذة من الأساطير. في أوائل القرن التاسع عشر تجمعت تلك الترشيحات المتعددة التي جاءت من الأوبرا والأوبريتا وصالة الموسيقى و البانتومايم وغيرها من المنوعات وطورت صيغا سردية متفردة في الولايات المتحدة، وكانت للعبودية وآثارها ومنعطفات الهجرة الهائلة في البلاد قد أنتجت ما سمي (المنسترل شو) و(الفودتيل) والأغنية الأميركية المتميزة قد دخلت إلى المسرحية الموسيقية. ويدين المسرح الموسيقي في صفته البارزة إلى التلقيح المتبادل بين أوروبا (وبالأخص إنكلترا وفرنسا) وبين الولايات المتحدة.
هكذا تبلورت صفات خاصة للمسرحية الموسيقية التي بدأت أولا في أميركا ثم انتقلت إلى إنكلترا وأوروبا بعد ذلك، ومن تلك الصفات الاعتماد على نص حكائي سردي  تتخلله أغان ورقصات وحوار منطوق يدور بين الشخصيات وبناء درامي متصاعد نتيجة صراع بين الشخصيات الرئيسية وخصومها.
ومن صفاتها أيضا اعتمادها على نصوص مسرحية وروايات مؤلفة سلفا تعاد صياغتها وفقا للمتطلبات الفنية لهذا الجنس المسرحي الجديد كما حدث مع مسرحية (روميو وجوليت) التي أعدت وسميت (قصة الحي الغربي) ،حيث يدور  الصراع الدرامي فيها بين شبان من المهاجرين من جنسيات مختلفة يعيشون في ذلك الحي من نيويورك. أو كما حدث مع مسرحية (بيغماليون) لبرناردشو  التي سميت (سيدتي الجميلة) أو كما حدث مع رواية البؤساء المشهورة. وقد تتعرض المسرحية الموسيقية لأحداث سياسية  معاصرة كما حدث مع (إيفينا) زوجة رئيس الأرجنتين السابق (بايرون) وفيها يتم الكشف عن تسلط العائلة الحاكمة على أبناء الشعب وقهرهم.
ويدل ظهور المسرحية الموسيقية في الغرب وطغيانها في مرحلة معينة على الرغبة بالتجديد وإبعاد الملل عن نفوس الجمهور الذي اعتاد على مشاهدة الكلاسيكيات بصيغتها المسرحية المألوفة ،وبالتالي بتغيير جنسها من الدراما الاعتيادية إلى الدراما الموسيقية. ولاشك في أن مثل تلك الظاهرة لا تحدث إلا في بلاد تقدمت كثيرا في الفن المسرحي وصارت لها تقاليد راسخة فيه مما يقتضي الخروج على المألوف وتقديم ماهو مبتكر أو جديد. الحاجة والضرورة هي التي تقتضي حدوث مثل تلك الظواهر.
بعد هذا يحق لنا أن نتساءل: هل ترسخت لدينا في العراق تقاليد مسرحية ألفها الجمهور واعتاد عليها وتستدعيه للمطالبة بالتجديد؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

(المدى) تنشر نص قرارات مجلس الوزراء

لغياب البدلاء.. الحكم ينهي مباراة القاسم والكهرباء بعد 17 دقيقة من انطلاقها

العراق يعطل الدوام الرسمي يوم الخميس المقبل

البيئة: العراق يتحرك دولياً لتمويل مشاريع التصحر ومواجهة التغير المناخي

التخطيط: قبول 14 براءة اختراع خلال تشرين الثاني وفق معايير دولية

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram