أود أن أسألكم بجد: ما هو رد الفعل الذي تتوقعونه من حكام الإمارات العربية لو أنها سمعت بأن العراق قد تبرع ببناء مدرسة لأطفالهم على أرضها؟ أيقبلها الإماراتيون، حكومة وشعبا، على أنفسهم؟ ما نعرفه ان الإنسان الذي ستر الله حاله بما يكفيه تحرم عليه الصدقة. والمتمكن الذي يتقبلها إما بخيل أو دنيء النفس، والبخل دناءة روحية، قبل ان تكون مادية، على كل حال.
العيب ليس في مانح الصدقة بل فيمن يتقبلها وهو ميسور الحال. ودوافع المتصدق قد تكون نبيلة وخالصة النية لكن مرضا أو عيبا ما في نفس من يرضى ان تحل الصدقة على نفسه أو على أهله وهو غني. فما بالكم لو كان المُتصدَّق عليه أغنى من المُتصدِّق؟!
يوم الأحد الفائت طالعت خبرا يقول أن "الكويت ستبني ثلاث مدارس للعراقيين" ضمن منحة أولى تشمل بناء 13 مدرسة. شخصيا، لا أشك بان وراء العمل الكويتي غير فعل الخير إذ لا يمكن لمثل هكذا منح ان تحمل غايات دفينة. إنها مجرد بنايات لمؤسسات تعليمية لا يمكن للكويت ان تجني منها مكسبا سياسيا. جزاهم الله خيرا، ولكن ...
هل فعلا ان الكويت أغنى منا بمواردها؟ لو جاءت المنحة من باب التعامل بالمثل لقلنا لا بأس ان يردّ الجميل بما هو أجمل.
هل يتقبلها رئيس الحكومة، وكل المنعمين بالخضراء معه، ان يتصدق أحد على أمهاتهم أو زوجاتهم وأطفالهم بكسوة العيد مثلا؟ في المدينة التي نشأت بها لم تمر ببالي صورة احتقار اجتماعي لشخص مثل صورة (ح) الذي كان يسكن في قصر وأمه صارت خبّازة عند الناس.كم كان موجعا صوت أمي حين كانت تختنق بعبرتها يوم مرضت أم (ح) وهي تقول لي: يمه صارت تحل عليها الصدقة. ماتت الأم فأقسم "عباس الداوري" ان ابنها العاق لو تقرب من "الفاتحة" فسيجعله فرجة لمن يحب. لكن لا بو علينه لفه ولا جاب مسحاته.
أما يستحي مصبوغ الراس، أن يبعثر أموال البلد الهائلة على آل بيته ومقربيه، وأطفالنا خلف الله على الجيران يبنون لهم مدارس؟
أنكون نحن دولة الصومال ولا ندري؟ أم ان حصارا جديدا جاءنا بثوب مختار عصر حلّل علينا الصدقة ولم يحرّم سوقنا لمذابح الولاية الثالثة على أنغام المفخخات والمجازر اليومية؟
من حلّلَ الصدقة على العراقيين؟
[post-views]
نشر في: 11 فبراير, 2014: 09:01 م