الحمّى تأتي دائماً من الرجلين، بحسب الموروث الشعبي. أفترض ان الحكومة –حكومتنا ما غيرها– فيها حمّى شديدة الآن، صاعدة إليها من رجليها، ورجلا الحكومة هما حلفاؤها، وبالذات حلفاء حزب الدعوة بوصفه الحزب الحاكم.
افتراضي هذا قائم على افتراض آخر هو أن حزب الحكومة مُحرج مما فعله حلفاؤه بالتعدي بالمتفجرات على مكاتب إحدى الصحف المحلية، وتهديد العاملين فيها، وتنظيم تظاهرة في قلب بغداد جرى فيها تمجيد زعيم دولة أجنبية كما لم يُمجّد أي زعيم عراقي في السنوات الأخيرة.
أفترض أن الحكومة وحزبها في حرج شديد وحمّى شعواء لأنه لم يعد من السهل عليهما مواصلة حملاتهما ضد دول جوار أخرى، كالسعودية وتركيا وقطر، بالتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، فأي كلام من هذا القبيل سيبدو مثيراً لعلامات التعجب والاستفهام، بل الاستهزاء والاستنكار. فما من عاقل سيصدق أن الحكومة –حكومتنا- مهتمة بالسيادة الوطنية ومكترثة بالاستقلال الوطني، فيما هي تغضّ الطرف وتوصد الآذان بالصمغ عن نشاطات من النوع الذي جرى أول من أمس في العاصمة.
من الان فصاعداً، أي كلام يتهم السعودية وتركيا وقطر بالتدخل في شؤوننا الداخلية سيعطي صدقية للكلام الذي يتهم حكومتنا وحزبها ورئيسها بالانحياز الى ايران أو في الأقل التهاون معها.
ما كان للحكومة ورئيسها وحزبها أن يقابلوا بالصمت ما حدث أول من أمس.. انه صمت مريب للغاية، ولابد من القيام بشيء، قولاً أو عملاً، لتدارك الأمر.
عندما قُتلت الأميرة البريطانية دايانا في حادث سيارة في 31 آب 1997، عقد الذهول ألسنة أفراد العائلة المالكة، فيما خيّم حزن بالغ على الشعب البريطاني الذي انتظر من ملكته كلمة لمواساته وتأبين أميرته، ولما طال الانتظار ثلاثة أيام خرجت إحدى الصحف اليومية الشعبية بمانشيت يقول: (( قولي شيئاً يا أمنا!))، وكان ذلك واحداً من أقوى المانشيتات في تاريخ الصحافة، حتى ان الملكة اليزابيث الثانية المعنية بالمانشيت ظهرت الى الناس عبر شاشة التلفزيون مساء ذلك اليوم وقالت كلاماً في الأميرة الفقيدة المحبوبة أقرب إلى الشعر.
ما كان يجدر بالحكومة أن تتهاون حيال ما حدث، لأن السكوت عما حدث يزعزع أركان شرعيتها، فما معنى أن تكون لدينا حكومة ولا تفعل شيئاً لمواطنيها المهددين داخل أراضيها وفي حدود سلطتها وسيادتها بسبب دولة أجنبية؟ وما كان للبرلمان هو أيضاً أن يصمت ولا يستنكر الفعل ولا ينتقد الحكومة عن موقفها المفرّط بالسيادة والاستقلال.
أفترض الآن ان هذا الكلام سيجعل الحكومة تستحي على حالها وتأمر برفع الصور الكبيرة التي تُركت في ساحة الفردوس وغيرها، فبقاؤها سيظل شاهداً على تفريط هذه الحكومة بسيادتنا واستقلالنا الوطني.
افتراضات
[post-views]
نشر في: 11 فبراير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
رمزي الحيدر
صدام حسين كان عميل الاستخبارات الامريكية حين قام في أنقلاب ٨ شباط ١٩٦٣، و اليوم توجد لدينا سلطة عميلة الى إيران و هذا واضح جداً لايستطبع أحد إثبات عكس هذا . الوطنية غابت عن العراق منذ أن قتل عبدا الكريم قاسم . طائفية + عمالة = أنهيار المجتمع. ألف مبروك لل
طارق عبدالواحد
هناك ألف دليل ودليل على ان حكومة المالكي وحزب الدعوة والأحزاب الأخرى في ( التحالف الوطني ) تدور في فلك السياسة الأيرانية ، وهذا أمر يعرفه كل العراقيين بأستثناء المهوسين بالمخدر الطائفي ، الذين لا يبصرون ما يجري على ارض الواقع ، ولا يدركون الوضع المزري الذ