حازم مبيضينلن يكون بمقدور أحد أن يلوم الفلسطينيين إذا ما سعوا لإعلان دولتهم المستقلة، بغض النظر عن المفاوضات مع الإسرائيليين، عبر دعوتهم مجلس الأمن لإصدار قرار واضح وملزم، يعترف بالدولة العتيدة على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967
وعاصمتها القدس الشرقية، ويأتي تزايد الدعوات في هذا الاتجاه، بعد التعنت الإسرائيلي الرافض لوقف الاستيطان، والالتزام بقرارات الشرعية والقانون الدوليين، وبعد أن فشلت الإدارة الأميركية في إقناع إسرائيل بوقف الاستيطان، تمهيداً لاستئناف المفاوضات مع الطرف الفلسطيني. الوحيدون الذين رفضوا ذلك سلفاً هم الإسرائيليون، الذين دفعوا بتصرفاتهم الفلسطينيين إلى محاولة سلوك هذا الدرب، وهم يتوهمون أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيمتنع عن الإعلان عن قيام دولة فلسطينية من جانب واحد، من دون إجراء مفاوضات مع إسرائيل والتوصل إلى اتفاق، وفي ذلك محاولة للالتفاف على تصريحات رئيس دائرة المفاوضات الفلسطيني صائب عريقات، التي أكد فيها إن القيادة الفلسطينية بصدد حشد التأييد لفكرة التوجه إلى مجلس الأمن الدولي لنيل اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية، وكأن الرجل يغني على هواه، أو أنه يدلي بتصريح كهذا دون موافقة الرئيس. لكن الإسرائيليين يعترفون بأن تنفيذ هذه الخطوة ممكن من الناحية التقنية، وإن كانوا يظنون أن عباس لن يقدم عليها، بزعم أنها ستكرس احتلال الضفة مثلما تكرس انفصالها عن غزه. لم يلجأ الفلسطينيون إلى هذه الخطوة إلا بعد أن استنفذت المفاوضات أغراضها من الناحية السياسية، وبات عليهم خوض معركتهم الدبلوماسية في مجلس الأمن، وهذه الخطوة مدروسة وموافق عليها من مركزية فتح وتنفيذية المنظمة، وهي كما يقولون تلقى قبولاً وتأييداً من الدول العربية وبعض الدول الغربية، وقد أعطت الجامعة العربية تعليمات لمندوبيها في المنظمة الدولية لبلورة هذا القرار، ولعل هذا يكون اختبار نوايا بشان فكرة حل الدولتين، التي كانت تلقى التشجيع على مدى السنوات الماضية، والتعرف إلى مدى قدرة الدول على التصويت لصالح هذا الحل. يمكن لقادة إسرائيل أن يهددوا بإعادة احتلال الضفة وتحمل نتائج فعلتهم، بعد أن أوصلوا عملية التفاوض إلى طريق مسدود بالكامل وظلوا ينادون باستئنافها ، وكأن التفاوض هدف بحد ذاته، ولهم أن يصفوا الخطوة بأنها تشدد وإرهاب، ولهم أن يؤكدوا عدم إمكانية إقامة دولة فلسطينية من دون اتفاق سلام، ولهم أن يعارضوا الانسحاب إلى حدود عام 1967 ، لكن عليهم أن يفهموا أن العالم لن يقف مكتوف اليدين، حيال استمرارهم في إنكار حقوق الفلسطينيين، الذين يواصلون دعوة العالم لتحمل مسؤولياته لإنقاذ مسيرة السلام، والمضي قدماً لتحقيق أهدافه وغاياته، ويعتبرون دون مواربة أن عملية السلام هي خيارهم الإستراتيجي، رغم ثقتهم بأن السلام يتعرض اليوم إلى عملية تخريب ممنهجة على يد قادة اليمين الصهيوني المتطرف. لم يعد أمام الفلسطينيين غير البحث عن دروب جديدة تفضي إلى بناء دولتهم، بعد أن قدموا كل ما باستطاعتهم لإنجاح التفاوض مع الإسرائيليين، الذين مارسوا على مدى سنوات طوال كل أشكال التسويف والمماطلة، وإذا كان القائد الإسرائيلي التاريخي بن غوريون قد أعلن قيام الدولة العبرية من طرف واحد، وفي ظروف دولية مشابهة للحالية بالنسبة للفلسطينيين، فان هؤلاء لن يعدموا قائداً تاريخياً يعلن قيام دولتهم، ويضع العالم بأسره أمام مسؤوليته، ويدعوه لتحملها بشكل عملي.
خارج الحدود: فليعلن الفلسطينيون دولتهم
نشر في: 16 نوفمبر, 2009: 06:38 م