احد الأصدقاء قال لي انه يفتقد هذه الأيام صوت الفريق الركن قاسم عطا، الذي شغل منصب ناطق رسمي لأكثر من جهة أمنية.
الصديق الذي أشار الى حالة ظهور اكثر من ناطق يتحدث عن المعارك التي تدور في الانبار، ضحك وهو ينبهني الى تصريح اطلقه نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني شرح فيه لعدد من الصحفيين مهمات القوات المسلحة وخططها في الفلوجة، فقد قال الشهرستاني:" ان التوجيهات التي صدرت هي ان يحاصر الجيش المدينة، ويمنع دخول وخروج السلاح والمسلحين والعتاد اليها، فالخطة الحالية هي التضييق على المسلحين الموجودين لحين نفاد السلاح والعتاد".
وانا اقرأ تصريح الشهرستاني تساءلت هل أصبحت الرتبة العسكرية حلما يراود معظم السياسيين، فقد عشنا من قبل مع مسؤولين لم يكونوا عسكريين ولكن، جيء بخياطين ليصمموا لهم بدلات مليئة بالنياشين والأوسمة، ليقفوا بعدها أمام مصورهم الخاص يلتقط لهم صورة توزع في الدوائر والمدارس والمصانع، وفي البيوت حيث تعلق اتقاء لشر المخبرين، ظل العسكر لعقود طويلة يطلون علينا من كل مكان يرمون بالجميع في السجون، رافعين شعارات من عينة "العدالة والمساواة وتحرير آخر شبر من تراب فلسطين"، عصر العسكر هو العصر الذي كان البعض فيه يغير فيه البدلات العسكرية مثل عارضات الأزياء،عصر أزياء المهيب الركن بطل النصر والسلام، عصر الإذاعات التي تُسبح بحمد القائد، تلك هي صورة العراق، بعدها كانت الناس تأمل أن تقوم صورة الدولة الحديثة على فكرة تقاسم السلطات والفصل بينها بحيث تمنع ظهور ساسة جدد يسرقون من الجيش زيه ومكانته ودوره في حفظ امن واستقرار البلاد، وقد دفع العراقيون جميعا الثمن غاليا من اجل التغيير والديمقراطية، ولم يدر بخلدهم يوما أن تتحول الرتبة العسكرية الى مزاد تمنح فيه الرتب لمن يسبح بحمد القائد العام للقوات المسلحة، حتى اصبح لدينا اكثر من 80 فريقا وأكثر من 200 لواء، وهو الأمر الذي لم يحصل في أقوى قوتين عسكريتين في العالم هما روسيا وامريكا.
وانا اقرأ تصريح الساعي لرتبة مهيب ركن، حسين الشهرستاني، تذكرت محاورة شهيرة أجراها الصحفي المصري محمد حسنين هيكل مع الماريشال مونتغمري بطل (حرب العلمين) والتي وردت في كتاب هيكل " زيارة جديدة للتاريخ " يذكر هيكل ان مونتغمري استغرب ان يحصل عبد الحكيم عامر نائب الرئيس المصري انذاك، على رتبة ماريشال.. فالرتب تمنح لمن يحقق انجازا عسكريا في ساحات القتال لافي المكاتب المكيفة (حسب قول مونتغمري.)
ويضيف هيكل ان بطل حرب العلمين أثار في حواره معه مشكلة تعاني منها بلدان العالم الثالث، هي مشكلة العلاقة بين العسكريين والمدنيين، وقد بدأ حديثه بتذكر خلاف حدث بينه وبين ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني إبان الحرب العالمية الثانية، راويا أن تشرشل أرسل إليه أثناء اندلاع معركته مع الجيش الألماني بقيادة روميل يطلب منه غاضبا أن يتحرك بالهجوم ولا يكتفي بخوض معركة دفاعية، ليرد مونتغمري عليه ببرقية أملاها على مساعده قال فيها بالنص "إنني أرجو أن يظل رئيس الوزراء في مكانه وأن يترك لي مكاني" ثم أضاف مونتغمري قائلا: "لا أحب الساسة حين يتحولون إلى جنرالات، وأيضا لا أحب الجنرالات حين يتحولون إلى ساسة."
وأسأل السيد الشهرستاني، إذا كنا نتحدث عن عهد جديد شعاره الديمقراطية والشفافية، وإذا كنا نعتبر أننا أمام قيادة عامة للقوات المسلحة، تضم ضباطا كبارا، فلماذا اذن يخرج علينا كل يوم أشخاص لا يمتون بصلة إلى الدفاع او الداخلية؟ لكنهم يخوضون في الشأن الأمني والعسكري.
إن المشهد السياسي العراقي اليوم مليء بعناصر الألغاز والإثارة والتناقض، فالقادة الأمنيون وجيش الفرقاء الركن والجنرالات آثروا الصمت، فيما نجد نائب رئيس الوزراء لشؤون النفط والكهرباء ومعه العديد النواب يحاولون ان يجعلوا من انفسهم ناطقين باسم الجيش والشرطة والاستخبارات وحتى الانضباط العسكري.
ايها السادة المهيبون إلى متى سنتحمل بياناتكم وخطبكم.. الى متى نعيش مع ساسة ومسؤولين ليست أمامهم إلا مكاتب يترك في ادراجها الفاشلون الذين سرقوا أعمارنا خطاباتهم وأدواتهم ميراثا لفاشلين جدد؟ !
المهيب الركن حسين الشهرستاني
[post-views]
نشر في: 14 فبراير, 2014: 09:01 م