التخلف وريث شرعي للكسل ، أمر لابد ان يعيه جميع العاملين في رياضة الانجاز إذا ما ارادوا ان يفكروا في كيفية تطوير الالعاب وصناعة النجوم وكتابة تاريخ مجيد للرياضة العراقية التي لم تستفق حتى الآن من رقادها بين ملفات الفساد وصراع الانتخابات وحرب التشكيك وطعن الوطنية بشتى أنواع الأسلحة من اجل إبقاء الصيد الثمين آمناً في سلال الجشعين !
يكفي أن نستلّ ورقة من درس الأمس لفضح حاضرنا .. فاليابان خرجت مطأطئة الرأس وهي تغطي وجهها المضرّج بدموع القهر عقب اهتزاز شباكها بكرة رأسية في الدقيقة 90 من الصقر جعفر عمران ضمن التصفيات النهائية لبطولة كأس العالم في 28 تشرين الأول 1993 محققاً هدف التعادل الثاني، ليشرع بعدها الاتحاد الياباني بدعوة عمران نفسه الذي تسبب هدفه بإقصائهم من الوصول الى نهائيات المونديال لمحاورته امام مجلس خبراء الكرة والإعلام ودراسة كيفية تسجيله الهدف القاتل وطبيعة الدور المسند اليه بالرغم من وجود ثلاثة من ابرز اللاعبين أحمد راضي وعلاء كاظم ونعيم صدام في المقدمة ، وفي اختتام زيارته لطوكيو مسك بيده أحد رجالات الاتحاد هناك قائلاً له " هدفك أشعل فينا ثورة كروية آن أوان انطلاقها بدءاً من الاندية وصولاً الى المنتخبات"!
ومنذ صدمة تشرين الأول 1993 لأبناء الساموراي حتى الآن 20 عاماً ونيف من العمل الدؤوب والنظام العالمي في شؤون التدريب والإعداد والمشاركات التاريخية اللافتة في كؤوس العالم والقارات وأمم آسيا ثأراً لانتكاسة ربما تعدها الاتحادات الأخرى ومنها اتحادنا عادية أو كما يصف ناجح حمود الإقصاء من أية مناسبة كروية لا يعني نهاية العالم إلا في اليابان فإنه يأذن لبداية جديدة من التصحيح وترويض النفوس لتقبّل النقد بهدف التقويم، وفي المقابل مضى 20 عاماً عراقياً تعاملت خلالها إدارات اتحاد الكرة السابقة والحالية مع المنتخبات (فرض واجب) وكأن لاعبيها عابروا سبيل لا علاقة لهم بتطويرها وتجديد حيويتها، ولهذا لم تحصد كرتنا طوال السنين تلك في فئة الكبار غير لقب واحد (كأس أمم آسيا - جاكرتا 2007 )!
وفي وقت انشغل الاتحاد (الهيصة) بالتطبيل والتزمير لمنتخبي 2004 و 2013 بالحصول على المركز الرابع أولمبياً ومونديال الشباب على التوالي ، راح يكرر ذات التجربة بتحميل عناصر المنتخبين أعباء المشاركات ضمن الروزنامة الخليجية والقارية والدولية ولا نفكر بغيرهم حتى ينهكوا ويلفظوا انفاس وداع الكرة في ظروف غريبة لا تستقيم مع سن الاعتزال الواقعي 30-34 اذا كان اللاعب قد ولج الملاعب وفق لائحة قانونية ، بينما لم يأبه الاتحاد الياباني لإقصاء منتخبه الأولمبي تحت 22 عاماً الذي اختار المنضوين اليه في مسقط بأعمار صغيرة وقرر بعد العودة الى بلاده الاعلان عن انطلاق الموسم الأول من دوري المحترفين للدرجة الثالثة من 9 آذار ويُختتم في 23 تشرين الثاني المقبل ، ويكون من بين الفرق المشاركة فريق يجمع أفضل اللاعبين تحت 22 عاماً ممن لم يجدوا فرصة اللعب مع أنديتهم بالدرجتين الأولى والثانية من أجل إعدادهم لدورة أولمبياد (ريو دي جانيرو 2016 ) وهو ما دفع رئيس رابطة الدوري الياباني اوهيجاشي لمصارحة الإعلام "مازلنا مستمرين في التحدي لنشر الاحتراف في جميع الأندية اليابانية.. هذا التحدي يساعدنا في صناعة كرة قدم ممتعة للجماهير وانعاش الاقتصاد بالبلاد ".
من يريد ان يخدم كرة بلاده فالباب مشرعة من دون قيود شريطة أن يتخلى عن مصالحه واطماعه ونزواته قبل أن تطأ قدماه أرض المهمة الموكلة اليه ، ولا يُشغلنا باستقوائه على الحكومة والبرلمان بشرعية (فيفا) في معاركه الطاحنة داخلياً ويشعرنا بالخجل من كونه مواطناً مثلنا لا يقوى على الدفاع عن ملفات سيادية خارجياً.
نريد رئيساً لكرة العراق حريص على مال الشعب (دينار.. دينار) ويعلم في كل حين ان اخلاقية الانسان تسمو في نكرانه لنفسه عندما تحضر قامة الوطن في محن البطولات وينتفض دمه ولا يغمض له جفن إذا ما سقطت دموع العراقيين حزناً على ضياع أملٍ لم يكن مستحيلاً ..!
اليابان تترحّم لعمران!
[post-views]
نشر في: 15 فبراير, 2014: 09:01 م