اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > الجدل بين رجال التحقيق وأطباء الطب العدلي

الجدل بين رجال التحقيق وأطباء الطب العدلي

نشر في: 16 فبراير, 2014: 09:01 م

بغداد / المدى  بعيداً عن الجدل حول موضع الروح في الجسد، يجمع الأطباء على أن الدماغ هو العضو المسيطر على جسم الإنسان من حيث الحركة والإحساس والتفكير، وهو أهم الأعضاء على الإطلاق فيما يتعلق بالحياة والموت. كما أننا نعلم أن استمرار خفقان القلب بمع

بغداد / المدى 
بعيداً عن الجدل حول موضع الروح في الجسد، يجمع الأطباء على أن الدماغ هو العضو المسيطر على جسم الإنسان من حيث الحركة والإحساس والتفكير، وهو أهم الأعضاء على الإطلاق فيما يتعلق بالحياة والموت. كما أننا نعلم أن استمرار خفقان القلب بمعزل عن الجسد ليس بسبب احتوائه على الروح، إنما بسبب احتوائه على مولد ذاتي يبعث إشارات عصبية تعمل على تحريك الألياف العضلية المكونة لعضلة القلب. وبمجرد أن يزرع القلب في جسد المريض المستقبل، فإنه لا يحتاج إلى أكثر من تدفق الدم إليه وما يحمله من غذاء وأكسيجين ليستمر في الخفقان دون الحاجة إلى إشارات عصبية تنبعث إليه من دماغ ذلك المريض.
وقد تأخر القانونيون في الولايات المتحدة عن الأطباء في اقتناعهم بمفهوم الموت المعتمد على المعايير الدماغية أو ما يدعى (موت الدماغ)، فبينما صدر الإجماع الطبي عام 1968بموجب تقرير لجنة شُكلت لهذا الغرض في كلية الطب بجامعة (هارفرد) بالولايات المتحدة الأمريكية، لم يبدأ القانونيون في استيعاب المسألة وتقنينها إلاّ عام 1974. أثناء محاكمة متهم بجريمة قتل في مدينة أوكلاند بولاية كاليفورنيا يُدعى أندرو ليونز كان قد أصاب ضحيته برصاصة في رأسه ما أدى إلى موت دماغه، انتهز محامي الدفاع فرصة أن أقارب القتيل تبرعوا بقلبه للزرع، ودافع بأنه إذا كان القلب ما زال يخفق عندما أجريت الجراحة، إذن كيف يُتهم موكله بقتله في اليوم السابق؟ وحاول المحامي أن يُقنع المحلفين بأن الذي قتل المجني عليه هو الطبيب الجراح الذي استأصل قلبه وليس موكله المتهم. وقد مثل أمام المحكمة أحد رواد جراحة زرع القلب الدكتور (نورمان شاموي) بوصفه شاهداً خبيراً، ووضح للمحلفين بأن المعايير الطبية لتعريف الموت في هذه الحالة هي المعايير الدماغية، وأن موت الدماغ يعني الوفاة، وأدت هذه الشهادة إلى إدانة المتهم. في أعقاب ذلك أصدرت ولاية كاليفورنيا قانوناً بأن الموت يتحقق قانوناً بموت الدماغ.
أما في العالم الثالث فما زالت التشريعات القانونية في بعض الدول تدور في دوامة تعريف الموت، وهل موت الدماغ موتاً محققاً أم لا؟ شاهدت في قناة فضائية عربية برنامجاً بث في شهر سبتمبر عام 1997استضاف عدداً من الأطباء العرب، وسمعت كلاماً لا يمت إلى العلم بصلة يصدر عن أطباء مؤهلين وأساتذة في كليات الطب، رفضوا فكرة أن موت الدماغ موتاً، وكانوا يخلطون بين موت الدماغ (أو تأكيد حدوث الوفاة بالمعايير الدماغية)، والحالة النباتية (حالة مرضية تنجم بسبب تعطل قشرة المخ فقط حيث المراكز العقلية العليا). الخوف من استئصال أعضاء الأحياء على اعتبار أنهم موتى بسبب خطأ في التشخيص مشابه للخوف من الدفن المبكر الذي ساد في بدايات القرن التاسع عشر، فكلاهما لا يستند إلى أية أدلة حقيقية أو وثائق صحيحة. الفحص الطبي واختبار المعايير الدماغية بالصورة الصحيحة لا يترك مجالاً للخطأ، وفي حالة الشك يمكن التأكد عن طريق إجراء رسم تخطيطي لنشاط الدماغ، الذي يستبعد الخطأ في التشخيص بصورة نهائية.
عودة إلى حديث الروح في ضوء نقل القلب؛ فقد أجرى جراحون وأطباء نفسانيون استبياناً عام 1991, حيث سألوا 47 مريضاً نقلت إليهم قلوب من متبرعين موتى عما إذا لاحظوا أي تغيرات في شخصياتهم بسبب تأثير القلب المزروع وصاحبه السابق، فأجاب أربعة وأربعون منهم بالنفي، أما الثلاثة الذين أجابوا بالإيجاب فتبيّن أنهم واقعون تحت تأثير الوهم بسبب تخيلهم خصال معينة في واهبي القلوب، فأرادوا تقليدها. كما تأكد تأثير الوهم في دراسات أخرى أثبتت أن تغيرات الشخصية تعود إلى أوهام تتعلق بظنون غير صحيحة حول شخصية الواهب.
الكليتان هما آخر الأعضاء التي تُستأصل من الواهب الميت، فتوضعان في إناء يحتوي على سائل مثلج يعمل على حفظهما لأطول فترة إلى حين زرعهما. بعد ذلك يقوم جراح آخر باستئصال أجزاء من الشرايين والأوردة ترفق بالأعضاء على سبيل الاحتياط، فربما كانت الأوعية المستأصلة مع الأعضاء قصيرة فيُستعان بالأوعية الاحتياطية لتوصيلها بأوعية المريض المستقبل لأحد تلك الأعضاء. وبعد الفراغ من استئصال الأعضاء الموهوبة يأتي جراح مبتدئ تكون مهمته خياطة شق الجلد الذي وصفناه آنفاً، الذي يمتد من العنق إلى العانة. وبينما يقوم الجراح بالخياطة، يتولى أحد فريق التمريض التقاط ما سقط على منضدة العمليات من الأنسجة بواسطة ملقاط ووضعها في تجويف الجسم.
بعد انتهاء خياطة الجرح يُغسل الجسد ويغطى بقطعة قماش نظيفة، ويوضع فوق نقالة يدفعها أحد الممرضين أمامه إلى المصعد الذي يهبط إلى طابق قبو المستشفى حيث ثلاجة حفظ الموتى، تمهيداً لدفنه. عندما يكفّن الجسد بالقماش يختفي الجرح؛ ولا يدرك الناظر إليه أنه يختلف عن سائر الأجساد التي تنتظر الدفن. الحقيقة أن هذا الجسد يختلف عن غيره في أن كل عضو انتزع منه أنقذ مريضاً من الموت. من المفارقات العجيبة أن أكثر الناس يفضلون أن تفنى قلوبهم مع أجسادهم على أن يهبوها لإنقاذ حياة الآخرين. لا يريدون أن يدفنوا من دون قلوب، على الرغم من أن آخر ما يمكن أن يوصف به واهبو القلوب أنهم دون قلوب!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

القبض على عشرات المتسولين والمخالفين لشروط الإقامة في بغداد

لهذا السبب.. بايدن غاضب من صديقه اوباما 

في أي مركز سيلعب مبابي في ريال مدريد؟ أنشيلوتي يجيب

وزارة التربية: غداً إعلان نتائج السادس الإعدادي

التعليم تعلن فتح استمارة نقل الطلبة الوافدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram