البتاويين وسط العاصمة بغداد ليست بعيدة عن المنطقة الخضراء ، وبإمكان المسؤولين والساسة الوصول اليها بعبور جسر الجمهورية مشيا على الأقدام ، ان استطاعوا ذلك، طلبا للأجر والثواب ، ولضمان الحصول على المزيد من أصوات الناخبين ، البتاويين استقبلت مؤخرا عشرات الشباب النازحين من قضاء الفلوجة بحثا عن العمل ، ليوفروا لأسرهم النازحة والساكنة حاليا في منازل تحت التشييد "هياكل " في قضاء هيت وغيره من مدن الأنبار، موارد مالية ، لحين العودة الى ديارهم .
شباب الفلوجة وجدوا فرص العمل في المطابع وورش تصليح السيارات والمعدات الميكانيكية ، وبعضهم ممن يجيد أعمال البناء ، لجأ الى المسطر بقرب جدارية فائق حسن لتقديم خدماته لقاء مبلغ 25 الف دينار يوميا ، 5 منها تذهب لصاحب الفندق ، وبمقدارها للطعام والسجائر وشرب الكركدية و ما تبقى من المبلغ يجمع أسبوعيا ليبعث به الشاب الى أسرته النازحة .
الشباب لا ينتابهم ادنى شعور بالخوف والقلق من العمل في أية منطقة في بغداد ، "شيعية كانت ام سنية" فهم غير معنيين إطلاقا بتقسيمات استحدثها الاحتقان الطائفي وسعى الى تكريسها من يدعي حق الأغلبية في حكم الأقلية ، في الزمن الديمقراطي العراقي ، انهم معنيون فقط بالحصول على أجرهم اليومي ، وتوفير اكبر قدر من المال ، باعتماد التقشف وشد الحزم على البطون بتناول الطعام في مطاعم السودانيين ، ثم التوجه الى الفندق والنوم في ساعة مبكرة استعدادا ليوم عمل جديد ، وليس فيهم من يتابع الفضائيات وما تبثه نشرات أخبارها من أنباء عن أحداث الرمادي والفلوجة لوصولهم الى قناعة أكيدة، بان المشكلة معقدة ، بعد ان أصبحت مدينتهم رهينة بيد عناصر التنظيمات الإرهابية .
يمثل محافظة الأنبار ومدينة الفلوجة بالتحديد اكثر من عشرة نواب في البرلمان العراقي ، تصريحاتهم اليومية، تؤكد أهمية اعتماد الحل السلمي للمشكلة ، ويدعم موقفهم آخرون يمثلون محافظات أخرى فضلا عن العاصمة بغداد ، لم يفكر احدهم بزيارة النازحين في قضاء هيت والتعرف على أوضاعهم ، وقد يكون انقطاع الطريق والاتصالات سببا في ذلك ، وبإمكانهم زيارة البتاويين وبالتحديد "مقهى السودان " للتعرف على شباب الفلوجة ، واحتساء الشاي و"الكركدية" معهم والحديث عن أوضاعهم ، ولاسيما ان زيادة أعدادهم في المنطقة ، قد تعرضهم لمضايقات من جهات معينة لا ترغب في وجود عدد كبير من النازحين من الفلوجة في بغداد، وخاصة من الشباب فقد يكون احدهم مرتبطا بتنظيم داعش ، جاء الى العاصمة لينفذ عملا إرهابيا ، يستهدف المدنيين او السوادنيين المقيمين في بغداد منذ عقد الثمانينات في بغداد ، ومنهم نادل المقهى المتخصص الوحيد في أعداد" الكركدية" شاي الكجرات الأحمر .
شباب الفلوجة بعضهم يحمل شهادة جامعية لا يعول احدهم على سياسي او مسؤول لضمان عودتهم الى مدينتهم ، وعمال البناء منهم في مناطق الحسينية ، والبلديات ، ومدينة الصدر والشعب وغيرها ، وجدوا من أهلها الرعاية والاحترام والتقدير ، ولعنوا" ساعة السودة " يوم صعد نائبهم منصة الاعتصام ، وآخر اعتلى بناية المطعم التركي ، ليشعلا نيران الانقسام الطائفي ، ولا حل لمشكلة الفلوجة الا بشرب "الكركدية" بصحتك مولانا .
"كركدية" لشباب الفلوجة
[post-views]
نشر في: 16 فبراير, 2014: 09:01 م