TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مظاهرة 5 نجوم ومرتبة شرف..!

مظاهرة 5 نجوم ومرتبة شرف..!

نشر في: 16 فبراير, 2014: 09:01 م

سعد أحمد

لا دخل لي بما حرّض جمهوراً له وزير وسطوة  أو دالة على "رئيس الحكومة"، ولا تعليق لي على مصدر حصول البعض على المتفجرات أو ما شابهها، ولا رأي لي فيما اذا كان مقبولاً ان يتظاهر جمهور غاضب، افترض تنظيمه ورئيسه، الوزير، أن تعريضاً قد جرى، ومسّ ما هو "مقدس" ومُمتَنعٌ على التجاوز.
لا دخل ولا تعليق ولا رأي لي في كل التفاصيل المذكورة، فقد تغيّرت الدنيا، ولم تعد دنيانا نحن الذين كان يؤشر إلينا بالسبابة باعتبارنا أهل البيت وأصحاب الحل والربط. بل اننا نحن، بكل قضّنا وقضيضنا، أمسينا شيعاً وأحزاباً، مللاً وطوائف، اتباعاً ورعايا، يتوزعنا امراء الطوائف بلا حول ولا إرادة حرة.
ما هو مهمّ وحيوي لي، القدرة الفائقة للقوات الأمنية، واستعداد مكتب رئيس مجلس الوزراء على إدارة "أزمة طارئة"، يرى حليف مقرب منه، "يمون" عليه، ان عليه ان يعالجها باستعراض القوة في الشارع، لا لأن السبب في اثارة الأزمة له مثل الاهمية التي اثارته، بل لإظهار "العين الحمرة" لمن يُفكر، مجرد تفكير بالتعرض للافتراضات "المقدسة" لتنظيم الوزير المدلل الذي اصبح رقماً مهماً بعد ان انشق عن المجلس الأعلى  الإسلامي، تأديباً له على كسر عصا الطاعة عشية "البيعة الثانية" للمالكي.
وقد تبين من الكيفية التي ادارت بها  قوات المالكي ازمة الصحيفة المحلية الممالئة التي أساءت التقدير في مساحة المناورة المسموحة للحليف في الشرود خارج السرب، دون ان تقصد التحدي، أو المروق، إنها "كُليّة القدرة" على ضبط ايقاع التحرك في الشارع، وتحديد هوية الداعين والمشاركين و"الهتّافة" في اي مظاهرة تخرج، دون حاجة لطلب إذن مسبق من الداخلية او محافظة بغداد، او حتى اشعارها بأنها قد تستخدم "قبضات فتواتها" المتمرسين بصولات عديدة ضد المواطنين والاهداف المرسومة.
لم تخرج مظاهرة واحدة، مشكوك بولائها للسلطان المقتدر بأمره، إلا وأُلصقت بها سلفاً، تهمة البعث والقاعدة، وشبهة مشاركة "قوى مشبوهة" تتربص بالعملية السياسية، ويُخشى ان تقوم بإثارة الفوضى، بل والقيام بالتفجير والتفخيخ وعظائم الأمور. وسجلت كل المظاهرات السلمية، الداعية للاصلاح والمطالبة بتحسين الاحوال المتردية، فظائع يندى لها الجبين، ضد المتظاهرات والمتظاهرين، تخللتها مظاهر التحشيد العسكري، واستخدمت في بعضها المروحيات التي تثير الغبار، والمطاردات البوليسية في الشوارع الفرعية، وعمليات الاختطاف، دون ان تخلو من الضرب والسباب والشتائم المقذعة المستخرجة من قاموس النظام الدكتاتوري السابق، ثم لِتتوج بالاعتقال الكيفي، وفبركة وثائق وتهم مزورة، وادعاءات باطلة بالانتماء الى البعث وللقوى المضادة لـ"المسيرة الديمقراطية" الظافرة.
ليست المرة الاولى التي يتكشف فيها زيف ادعاءات الفريق الحاكم، وكيله بمكيالين، إزاء التحرك في الشارع والتعامل مع المظاهرات السلمية. فقبل مظاهرات الاحتجاج على مقدسات وزير معروفٍ بما يفعل، أو ما كان يفعل، حين كان نائباً، خرجت مظاهرات عديدة لموالين او حلفاء لرئيس الحكومة، كان التعامل معها شبيهاً بهذا الذي جرى في مظاهرة الاسبوع الماضي، مما يدلل على أن احد المنجزات التي نبخسها حقها، ولا نسلط الأضواء عليها، تعكسها خارطة طريق سرية لوزارة الداخلية المؤتمرة بأمر المختار الضرورة، وهي خارطة لم تعد سرية، تُقسّم الشارع والمظاهرات، مثل الفنادق والمنتجعات السياحية، حسب "عدد نجومها" وفقاً لدرجة الولاء، وشدة المعارضة للمالكي شخصياً، ولتذهب العملية السياسية والديمقراطية والشعب الى حيث "حطت رحلها ام قشعم"!
مظاهرة "نجمة ناقص" تعرّف عليها المواطن البغدادي في ساحة التحرير في كل مرة يتجرّأ الشباب على احتجاج سلمي، أقصى ما يتفوهون به خلالها، شعار "جَذّاب"، وأبناء المحافظات وأصدقاء الشيّال في الناصرية، تعرفوا على مثل هذه المظاهرة، كلما تذكروا مطالبتهم بمجرد تحسين الخدمات وكشف اللصوص والفاسدين، وربما خرج صوت نشاز، خارج المقرر، يهتف بصوت أجش: ارحل..!
اما تصنيف الداخلية لمظاهرة "5  نجوم"، فقد شاهدها البغادّة في ساحة الفردوس، الاسبوع الفائت، سبقها وأعقبها، الضرب بالاسلحة النارية على مقرات الجريدة التائهة عاثرة الحظ.
ما لم تحسب الداخلية له الحساب، مظاهرات النجوم الغائبة حتى الآن، وهي مظاهرات العائمين فوق خرائب الدولة وفجائعها وانتهاكاتها واستهتارها بكل ما يعتقده المواطن مقدسات له، وخطاً أخيراً، يستحيل السكوت عنه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram