اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رسائل مقتدى الصدر

رسائل مقتدى الصدر

نشر في: 16 فبراير, 2014: 09:01 م

قرار جريء اتخذه السيد مقتدى الصدر بمنع أية كتله سياسية من ادعاء  تمثيل التيار الصدري، معلنا بوضوح: "عدم تدخلي بالأمور السياسية عامة وان لا كتلة تمثلنا بعد الآن ولا أي منصب في داخل الحكومة وخارجها ولا البرلمان ومن يتكلم خلاف ذلك فقد يعرض نفسه للمساءلة الشرعية والقانونية " .
أهمية القرار انه يأتي في وقت يحاول فيه العديد من الساسة اتخاذ الدين وسيلة للتكسب والتربح، بدلا من ان يكون وسيلة لإقامة الحق والعدالة الاجتماعية، فنحن نرى يوميا أعضاء في البرلمان وفي مجالس المحافظات يسيئون بتصرفاتهم لقدسية الدين أولا، وللعمل السياسي ثانيا .
ولطالما شاهدنا مسؤولين ونواباً من التيار الديني، تأخذهم نوبة من الدروشة حين يتم الحديث عن الفساد وسرقة المال العام وفشل البرلمان، مرات كثيرة نسمع ونشاهد نوابا يخرجون الدستور من جيوب جببهم ويصرخون ضد كل من يطالب باحترام حقوق الآخرين، أو لأن البعض يريد أن ينتصر لحق العراقيين في العيش بمجتمع يحترم خياراتهم السياسية والفكرية والاجتماعية.
والغريب أننا سمعنا وشاهدنا نوابا يرتدون الزي الديني وهم يزأرون غضبا ضد كلمن يقترب من قلعة "الامتيازات والمناصب" الحصينة، وكأن هؤلاء النواب يمثلون شعبا غير الشعب العراقي. ولهذا فمن غير المنطقي ان تقوم وسائل إعلام أو منظمات مجتمع مدني بالحديث عن الخراب والانتهاكات التي يتعرض لها نفر ضال من "العراقيين"يسعون لتخريب المسيرة الديمقراطية التي يرفع لواءها نواب وساسة ينتمون الى تيار الإسلام السياسي، والغريب أننا دائما ما نجد نواب الأحزاب الدينية يصرون على استعداء الشعب وتخوينه والتسبيح ليل نهار بقرارات البرلمان او الحكومة حتى لو جانبها الصواب.. وفي مرات كثيرة نرى فيها دراويش السياسة، ينتفضون من اجل التستر على الفاسدين والمخربين فنراهم يطلون علينا في أكثر من مناسبة وهم يدافعون عن قرارات جائرة وخاطئة ارتكبتها مجالس محافظات أساءت لتاريخ الشعب العراقي وحضارته.
دراويش السياسة لديهم طريقة مختلفة في التعامل مع العراقيين، طابعها الخداع وتمجيد الاستبداد، خصوصا أنهم يصورون ما يحدث على الساحة السياسية علىانه مؤامرة من "أعداء الوطن" الذين يتداولون أفكارا وطروحات حول الإصلاح والخدمات وغير ذلك من مفردات نابية وعدائية بحسب ذهنية الدراويش.. بل ان البعض  منهم مصاب بنوع من "فوبيا الإصلاح والتغيير" تجعله كلما ذكرت كلمة إصلاح سياسي يستغرق في نوبة من الهرش وحك الجلد بعنف حتى تسيل منه عبارات التخوين والشتائم.
ولهذا يأتي قرار السيد مقتدى الصدر ليرفع الغطاء عن البعض من النواب والسياسيين الذين اتخذوا من  التيار الصدري وسيلة للتربح والتكسب، من الذين يعتقدون ان السياسة هي لعبة المصالح، والكذب وعروض الفضائيات واستعراضات الخطب الرنانة .
هذه هي قصة العراقيين مع معظم الأحزاب  الدينية التي تمارس العمل السياسي سواء أكانت هذه الأحزاب شيعية أم سُنيّة.. فمعظم هذه الأحزاب التي خرجت من  العتمة الى الأضواء، لم تنشغل للأسف بتفاصيل حياة الناس وهمومهم، لأنها ومنذ اللحظة الأولى رتبت كل استعراضاتها على مبدأ القوة والكسب، لا مبدأ الحوار والتعايش السلمي مع الآخر، ووجدنا العديد من ساسة الأحزاب الدينية لايزال مصرا على ان يعيش دور المضطهد، ويلخص لنا السياسة على أنها مكاسب  لقوى عانت من المظلومية والإقصاء طويلا، ولهذا نجد معظم هذه الأحزاب تسارع للالتصاق بالسلطة، لتبدو كأنها جناح شعبي للمؤسسة الحاكمة، وشاهدنا البعض منهم يقفز بدهاء الى مواقع متقدمة في مؤسسات الدولة، فيما آخرون اكثر تطرفا في لعبة الغرام بين الدين والسياسة، لايزالون يصرون على إشعال حرب المظلوميات  بين العراقيين.
للاسف العديد من الاحزاب الدينية في العراق، ترى في نفسها المسؤولة عن الدين، بينما المجتمع جاهلي لم تصِلْ إليه رسالة الاسلام بعد، ولهذا لابد من ان يقاد الى طريق الهداية والفضيلة.
إن مشكلة ممثلي الأحزاب الدينية بعد عشر سنوات من الفشل، تتلخص في أن الناس لا تصدقهم مهما تحدثوا، ومهما استخدموا من حجج ومبررات وأسانيد ومهما حاولوا أن يرسموا الوداعة والتقوى على وجوههم، فهناك فرق بين أن يعتقد الناس في صحة كلام السياسي من عدمه، وبين قدرة هذا السياسي على التخاطب والتواصل مع الناس.
المدهش في قرار السيد مقتدى الصدر انه يضع الأحزاب الدينية أمام خيارين لاثالث لهما، إما مزيد من الانغلاق والتطرف، او السعي الى التحالف مع قوى مدنية تحررهم من فكرة وكلاء الله على الأرض.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 7

  1. محمد

    هناك تأكيدات تشير الى ان انسحاب السيد مقتدى جاء نتيجة مراوغات ومكائد وتدليس بعض من قيادات التيار وتحديدا تلك التي تخص رئيس كتلة تياره في البرلمان وخصوصا بعد فضيحة تمرير قانون التقاعد نتيجة تصويت الكثير من نواب كتلته بالموافقة علي تمرير فقرات التقاعد والام

  2. د. محمد معارج

    لدينيالسيد علي حسين المحترم طاب صباحك أولا . ان من الملاحظ ان جميع الاحزاب بلا ا( واقصد الدينية منها واللادينية ) جعلت من شعاراتها عيشا لقادتها وتصدرت المناصب وحتى لم لم تشرك ( قاعدتها ) ولم تدع للشعب بكل تاكيد رأيا بذلك والمعيب حقا اننا نحكم من قبل هؤلاء

  3. علي

    داحوا الحراميه بعد القرار الشجاع من سيد مقتدى والذي ان شاء الله قرار صائب، سوف لن يكون هنالك وسيله للسراق والفاسدين بأستغلال هذا الاسم الشريف الخط الصدري وأل الصدر ،الذين قدموا الكثير للعراق، لاستغلاله لتحقيق مكاسبهم الشخصية وهم بعيدين كل البعد عن اخلاق ا

  4. ضياء الحجيمي

    السلام عليكم استاذ علي المحترم كلام قريب من الواقع لا الواقع نفسه لكنه قاسي جداً تعليقاً على بعض الاخوة انه لايمكن لاي احد ان يعرف السبب الحقيقي لهذا القرار المفاجئ والمحزن في نفس الوقت لانه سيغير نتائج الانتخابات القادمة لصالح المجهول وعوداً على بدء ان ع

  5. ابو سجاد

    الم ترى ان اعتزال السيد في هذه الفترة العصيبة التي يمر بها العراق وهو مقبل على حرب الانتخابات نعم انها حرب فيه شىء كبير من الريبة نعلم جيدا ان جمبع القوى السياسية اتفقت على تغيير المختار والضغط عليه لعدم منحه ولاية ثالثة وبهذا الوقت وبهذا الظرف ينسحب التي

  6. أبو كاطع العراقي

    الاخ الكاتب المحترم شكرا على هذه المقالة التي أتسمت بالوصفية حيث شخصت الجروح دون علاج . المشكلة في الانتخابات هي القائمة الواحد وم ثم القوائم هذا يتنافي والعمل السياسي العراقي, يجب ان تكون الانتخابات ترشيح فردي كل حسب منطقته مثلا بغداد فيها 14 ناحية وعليه

  7. احمد محمود حسن

    سانتظر مقالك القادم بعد عودة السيد مقتدى الصدر عن قرار اعتزاله لارى ماذا ستكتب فيه.

ملحق منارات

الأكثر قراءة

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: يا طرطرا.."!

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

متى تتكلم الأغلبية الصامتة؟ وماذا بعد قانون الأحوال الشخصية؟

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

العمودالثامن: شجاعة نائبات

 علي حسين إذا كنت مثلي مجبراً رغم أنفك، على سماع أخبار هذه البلاد العجيبة، فإن هناك جيشاً قوامه العشرات من المدونين ، يشن حملة ضد محامية ذنبها الوحيد أنها دافعت عن قانون الأحوال...
علي حسين

قناطر: الشعر هو ما يجعلنا نحلم

 طالب عبد العزيز قليلاً ما أكتب الشعر في الصيف، بل هو لا يأتيني فيه، فأنا أكره الحرَّ والشمس اللاهبة، ذلك لأنني رجل شتوي بامتياز، أحبُّ البرد والرياح القارصة والمطر والثلوج، ولا أجمل من...
طالب عبد العزيز

فلسفة الحكم في العراق

محمد حميد رشيد الحكم في العراق مبني على شعارات مجردة وفرضيات مبهمة وعواطف ملتهبة وعلى قواعد عامة لا تكفي أن تكون نظام لتسيير مؤسسة صغيرة وليست دولة كبيرة. وهناك من يقول ان الدستور هو...
محمد حميد رشيد

العراق: أحوال شخصية ام تكريس لظاهرة السلطة الموازية؟

حارث حسن واجهت معظم الدول الإسلامية الحديثة إشكالية التناقض بين مبادئ وأحكام الفقه الإسلامي (الذي يستخدم خطأً باعتباره مطابق للشريعة)، وبين المبادئ التي تقوم عليها الدولة الحديثة. يتعلق الأمر بمسألة شرعية هذه الدولة، والتي...
حارث حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram