TOP

جريدة المدى > غير مصنف > هل يستحق نازيّ مكاناً بين الفلاسفة؟

هل يستحق نازيّ مكاناً بين الفلاسفة؟

نشر في: 17 نوفمبر, 2009: 04:01 م

الكتاب: سؤال أخلاقي تأليف: إيما نويل فاي ترجمة: ابتسام عبد الله لعدة عقود، كان الفيلسوف الألماني مارتن هيدجر موضوع جدل مثير إذ أن فلسفته النقدية وافكاره وتقنيته قد تغلغلت عميقاً في حقول شتى منها العمارة وعلم النفس والادب،
واثرت على الحركة الثقافية والفكرية للقرن العشرين ومع ذلك كان هيدجر نازياً متحمساً. ويتم اليوم مراجعة هيدجر وتدور المناقشات حوله: هل من الممكن فصله عن فلسفته؟ ويناقش مؤلف الكتاب إيمانويل فاي الفاشية والعنصرية المتغلغلتين في نسيج نظريات هيدجر، بحيث لا يمكننا اعتباره فيلسوفاً وكنتيجة للبحث يدعو فاي لمراجعة اعمال هيدجر في شتى الحقول، لانها ستشيع الافكار السيئة الخطرة بالنسبة للفكر الحديث لأن الحركة النازية أدت إلى إبادة البشرية. لقد طبع هذا الكتاب للمرة الاولى في فرنسا عام 2..5 بعنوان "هيدجر:تقديم النازية إلى الفلسفة"، ودعا معاملة اعمال هيدجر الكاملة مثل احاديث تدعو إلى الكراهية، وطلب من المكتبات عدم تصنيف اعماله (التي تمت مراجعتها من قبل اسرته) ضمن حقل الفلسفة، بل ضمها إلى الكتب التي تتناول تاريخ النازية، وهذا المقياس سيكون اشبه بعلامات التحذير، مثل الجمجمة والعظمتين المتقاطعتين على زجاجة السم، لمنع الاقتراب من تلك الاعمال. ويشن المؤلف في كتابه (طبع في هذا الاسبوع بأميركا) حملة قاسية على هيدجر (1889 ـ 1976)، داعياً إلى مقاطعة أعماله الفلسفية في أميركا وفرنسا أيضاً، التي كان له فيها درجة عالية من التقدير. وإيما نويل فاي الاستاذ في جامعة باريس بدرجة مساعد بروفسور، لا يدعو فقط إلى استبعاد هيدجر من صفوف الفلاسفة، بل يريد أيضاً تحدي زملائه في إعادة النظر بفلسفته وعلاقتها بالعنصرية ويطالب المؤلف بإقصاء أفكار هيدجر عن الدراسات الشعرية والتحليلات النفسية، التي يربطها بالأفكار اليمينية المتطرفة حالياً، مع أن المثقفين اليساريين قد استلهموا أفكاره.. إن الوجودية، وما تعد الحداثة، والهجوم على الاستعمار والأسلحة الذرية، وعلاقة الأحياء بالبيئة وتدميرها، قد استندت إلى أفكار هيدجر ونقده الحضارة الغربية. ورداً على تلك الاتهامات، قال ريتشارد وولن، مؤلف عدة كتب عن هيدجر أنه غير مقتنع أن أفكار الفيلسوف العالمية تأثرت بالنازية، لأنها ونظرياته من صلب الثقافة ومع أن النسخة الانكليزية من الكتاب طبعت من قبل جامعة ييل، فإنه لن يوزع في الولايات المتحدة الأمريكية إلاّ بعد أسابيع. لقد أحدث الكتاب ضجة حتى قبل توزيعه بعد نشر عرض له في الكرونكل وقلة من الناس قرأت الكتاب حتى الآن، ولكن الردود التي انهالت على الكرونكل كانت بالعشرات، مدافعة عن هيدجر او متفقة مع المؤلف والبعض من تلك الردود استشهدت بعبارة الفيلسوف الأمريكي ريتشارد رورتي، الذي كتب يوما في النيويورك تايمز، لا نستطيع قراءة معظم الفلسفة الحديثة من دون التطرق الى هيدجر وأفكاره ولكنه أضاف أيضاً، "أن رائحة الدخان المنبعث من المحرقة يتخلف بين الأوراق". ومن رأي المؤلف أن فلسفة هيدجر لا يمكن فصلها عن السياسة بأي شكل كان. ويمكننا الإشادة بأعمال ت.س. إليوت الشعرية او بإبداع د.و. غريفيث وأعماله السينمائية بحد ذاتها في حين أن أعمال هذا الفيلسوف ومحاضراته غير المطبوعة تنتمي إلى أفكار الاشتراكية الوطنية ويجادل إيمانويل فاي الأمر بقوله أن الناس من دون تفهم التربة التي تتجذر فيها أفكار هيدجر سيتوجهون إلى الخطأ الأخلاقي. أن الحماسة تأججت لفلسفة هيدجر طوال عقود من الزمن علما أنه انتمى إلى الحزب النازي عام 1933 في أثناء عمله في جامعة فريبورغ. وبعد الحرب منع من التدريس بعد اندحار، النازية وفي عام 195.، بدأت محاولات جديدة لإعادته إلى الضوء. كان هيدجر ناقداً لمجتمع التكنولوجيا الحديثة وإرث الفلسفة الغربية وناقش في ضرورة التغلب على ذلك الارث والتفكير مجدداً بطبيعة وجود الانسان. أن نثر هيدجر مكثف جداً ومكتنز بالمعاني، وقال عنه عدد من الباحثين ان تفسيره قد يعني أي شيء، وهو على الرغم من كل شيء يعتبر احد كبار المفكرين والاكثر تأثيراً. لقد لجأ إليه اللاهوتيون لتفسير قفزة الايمان واستلهم منه المعماريون تصميماتهم الحديثة مبتعدين عن القوانين المحافظة، ونقده في مجال الرياضيات جذبت علماء البيئة وواضعي الخطط لها. وعلى أي حال فإن الاعمال الكلاسيكية قيد المراجعة في المجتمعات الليبرالية خوفا من تسّرب أفكار خطيرة منها أو كما يقول إيمانويل فاي،"أن تدريس افكار هيدجر من دون الكشف عن تعاطفه العميق مع النازية هو مثل اعطاء ألعاب نارية براقة لطفل من دون تحذيره من أنها قد تنفجر بوجه شخص آخر". عن النيويورك تايمز

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

انتشار مزارع المخدرات في العراق.. تهديد جديد يفاقم المخاوف الأمنية!

الصحة: 16 ألف عراقي مصاب بأمراض ضغط الدم "دون علمهم"

مقالات ذات صلة

انتشار مزارع المخدرات في العراق.. تهديد جديد يفاقم المخاوف الأمنية!
غير مصنف

انتشار مزارع المخدرات في العراق.. تهديد جديد يفاقم المخاوف الأمنية!

متابعة/المدىتشير تقارير حديثة إلى احتمالية انتشار مزارع غير قانونية للنباتات المخدرة في بعض المحافظات العراقية، ما يثير مخاوف كبيرة بشأن تزايد ظاهرة زراعة المواد المحظورة في البلاد. وتأتي هذه المخاوف في ظل الوضع الأمني...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram