TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فنانو العصر

فنانو العصر

نشر في: 17 فبراير, 2014: 09:01 م

كان مؤمنا بان الساكت عن الحق شيطان اخرس فلم يخالف ضميره المهني وابلغ عن حالة استغلال تتلخص في تسلم رشوة كبيرة قام بها مجموعة من زملائه..بالنتيجة،وجد نفسه منقولا الى منطقة بعيدة عن محل سكناه بينما واصل زملاؤه تواجدهم في أماكنهم وواصلوا (السرقات) و(استلام الرشاوى)..المشكلة انه وجد رفضا لسلوكه بين أهله الذين علموه من قبل كيف يقول الحق ولا يسكت عن الباطل...ربما كان خوفهم عليه هو الذي دفعهم الى لومه او اقتناعهم بان ركوب الموجة هو الوضع الطبيعي وسط حياتنا التي تسير بالمقلوب ؟..ظل يتساءل مطولا ان كان الجميع على خطأ وهو على حق ام ان العكس هو الصحيح لكن الحقيقة التي صار واثقا منها ان عملية تغيير الوجوه لم تعد حكرا على (المنافقين) بل باتت موضة كالتاتو والبنطلون (النازل) و(السبايكي) ومن لا يطبق تلك الموضة يعده الآخرون متخلفا او دخيلا على العصر..انه دخيل على عصره اذن فهو لا يتقن فن تغيير الوجوه ولا يمكنه التلون كالحرباء حسب كل مكان وزمان يجد نفسه فيه والأدهى من ذلك انه لا يتقن فن الصمت الذي يعتبره العقلاء اسلم طريقة لتفادي التورط في مشاكل او منافقة الآخرين لكن الصمت ليس من ذهب دائما اذا كان الأمر يتعلق بكشف حقائق خفية يمكن ان تساعد قليلا في تغيير أوضاع خاطئة..
النفاق اذن فن قديم –جديد لكن الجديد في الأمر انه كان يسمى في الماضي نفاقا والآن صار (تمشية أمور) و(مسايرة للعصر)..وبهذه الطريقة وبعد ان تحول النفاق الى ثقافة عامة صار يمكن لأولادنا ان يفهموا لماذا كان آباؤهم يصفقون للرئيس خارجا ويدعونه (بابا صدام) ويبصقون على صورته في المنزل حين يتربع على عرش التلفزيون طوال فترة المساء والسهرة..وصار يمكنهم الآن ان يعتنقوا مبدأ النفاق مادامت الحكومة تلقنه للشعب عبر سلوكياتها..فرئيس الوزراء الذي اخذ على عاتقه قيادة شعبه الى الذرى بمقارعة الإرهاب الداعشي ينافقهم حين يصور لهم انتصارات وهمية ويخفي حقيقة تعرض الجيش العراقي الى اكبر مقلب دبره له تجار الدم العراقي وعشاق المناصب الحكومية..انه يتقن فن تغيير الوجوه والتلون ويمكنه ان يستعطف امريكا طالبا مساعدتها بوجه الحريص على شعبه ويستحث تأييد شعبه له بارتدائه وجه البطل ثم يرتدي وجه الصديق المتسامح ليتفاوض مع من كان يرفض التفاوض معهم رفضا باتا وينفذ لهم مطالب لم يعتبرها مشروعة من قبل ويرضى بنقل النائب العلواني الى الأنبار بعد اعتباره قطبا من أقطاب الإرهاب ومن الواجب محاكمته في بغداد..يمكن للشعب الآن وبعد ان عاصر العديد من المنافقين وادرك سياستهم ان يعذر المالكي فلكرسي الحكومة لذة لا يشعر بها الا من يصل اليها ومن يحرم منها وهو لا يريد ان يحرم منها لذلك فلن يدخر وسعا في استخدام مختلف الوجوه ليبقى ذخرا للعراقيين و(قائدا ضرورة) آخر لهم..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram