كان مؤمنا بان الساكت عن الحق شيطان اخرس فلم يخالف ضميره المهني وابلغ عن حالة استغلال تتلخص في تسلم رشوة كبيرة قام بها مجموعة من زملائه..بالنتيجة،وجد نفسه منقولا الى منطقة بعيدة عن محل سكناه بينما واصل زملاؤه تواجدهم في أماكنهم وواصلوا (السرقات) و(استلام الرشاوى)..المشكلة انه وجد رفضا لسلوكه بين أهله الذين علموه من قبل كيف يقول الحق ولا يسكت عن الباطل...ربما كان خوفهم عليه هو الذي دفعهم الى لومه او اقتناعهم بان ركوب الموجة هو الوضع الطبيعي وسط حياتنا التي تسير بالمقلوب ؟..ظل يتساءل مطولا ان كان الجميع على خطأ وهو على حق ام ان العكس هو الصحيح لكن الحقيقة التي صار واثقا منها ان عملية تغيير الوجوه لم تعد حكرا على (المنافقين) بل باتت موضة كالتاتو والبنطلون (النازل) و(السبايكي) ومن لا يطبق تلك الموضة يعده الآخرون متخلفا او دخيلا على العصر..انه دخيل على عصره اذن فهو لا يتقن فن تغيير الوجوه ولا يمكنه التلون كالحرباء حسب كل مكان وزمان يجد نفسه فيه والأدهى من ذلك انه لا يتقن فن الصمت الذي يعتبره العقلاء اسلم طريقة لتفادي التورط في مشاكل او منافقة الآخرين لكن الصمت ليس من ذهب دائما اذا كان الأمر يتعلق بكشف حقائق خفية يمكن ان تساعد قليلا في تغيير أوضاع خاطئة..
النفاق اذن فن قديم –جديد لكن الجديد في الأمر انه كان يسمى في الماضي نفاقا والآن صار (تمشية أمور) و(مسايرة للعصر)..وبهذه الطريقة وبعد ان تحول النفاق الى ثقافة عامة صار يمكن لأولادنا ان يفهموا لماذا كان آباؤهم يصفقون للرئيس خارجا ويدعونه (بابا صدام) ويبصقون على صورته في المنزل حين يتربع على عرش التلفزيون طوال فترة المساء والسهرة..وصار يمكنهم الآن ان يعتنقوا مبدأ النفاق مادامت الحكومة تلقنه للشعب عبر سلوكياتها..فرئيس الوزراء الذي اخذ على عاتقه قيادة شعبه الى الذرى بمقارعة الإرهاب الداعشي ينافقهم حين يصور لهم انتصارات وهمية ويخفي حقيقة تعرض الجيش العراقي الى اكبر مقلب دبره له تجار الدم العراقي وعشاق المناصب الحكومية..انه يتقن فن تغيير الوجوه والتلون ويمكنه ان يستعطف امريكا طالبا مساعدتها بوجه الحريص على شعبه ويستحث تأييد شعبه له بارتدائه وجه البطل ثم يرتدي وجه الصديق المتسامح ليتفاوض مع من كان يرفض التفاوض معهم رفضا باتا وينفذ لهم مطالب لم يعتبرها مشروعة من قبل ويرضى بنقل النائب العلواني الى الأنبار بعد اعتباره قطبا من أقطاب الإرهاب ومن الواجب محاكمته في بغداد..يمكن للشعب الآن وبعد ان عاصر العديد من المنافقين وادرك سياستهم ان يعذر المالكي فلكرسي الحكومة لذة لا يشعر بها الا من يصل اليها ومن يحرم منها وهو لا يريد ان يحرم منها لذلك فلن يدخر وسعا في استخدام مختلف الوجوه ليبقى ذخرا للعراقيين و(قائدا ضرورة) آخر لهم..
فنانو العصر
[post-views]
نشر في: 17 فبراير, 2014: 09:01 م