بغداد \ وائل نعمة لم يكن يدور في بال طالب الماجستير (مهند) ان حصوله على الشهادة التي حلم بها طويلا قد يكلفه أموالاً كبيرة ، بحيث يعجز عن توفيرها، ويضطر في النهاية الى الاستدانة من الأصدقاء لان ما يحتاجه يتعدى ( 6) ملايين دينار هي خارج إمكاناته الشخصية وإمكانات عائلته .
المختبرات العلمية التي توجد في الجامعات وتحديدا في الاختصاصات العلمية ، تعد جزءا مكملا للدراسة النظرية ، فمن غير الممكن ان نتصور ان طلاب الماجستير الذين يحتاجون لاستخدام المختبرات يضطرون لاستخدام غير مختبرات الجامعة ،والاسباب كما يقول مهند : مختبرات الجامعة بدائية ، والاجهزة الموجودة فيها قد أكل عليها الدهر وشرب، ومعظمها يعود تاريخ صنعها الى ماقبل ثلاثة عقود ، بالاضافة الا ان العناصر والمواد التي احتاجها في عملي غير متوفرة فأضطر الى اللجوء لدوائر الدولة المعنية للعمل في مختبراتها . ولكن الأمر ليس كما يبدو بهذه السهولة! مختبرات خاوية فمهند طالب ماجستير بعلوم الأرض ، ويتناول موضوعه الذي بدأ بإجراءات العمليات المختبرية عليه منذ 3 أشهر وسيستغرق الأمر ربما أكثر من سنة ، دراسة التلوثات في نهر الفرات ، وهذا الموضوع يتطلب منه توفير مختبرات كيمياء وتقنيات إحيائية وهذه المختبرات موجودة داخل كلية العلوم في قسم علوم الارض ، لكنها تفتقد الأجهزة الحديثة والمواد اللازمة للعمل ، ويضيف مهند : سوف يكلفني إتمام الإجراءات المختبرية لإكمال أطروحتي اكثر من ستة ملايين دينار ، لان العناصر التي استخدمها غير متوفرة في الجامعة ، لذلك اذهب إلى مختبرات في مؤسسات الدولة ، وهم لا يقدمون هذه الخدمة مجانا بل مقابل اموال ، واحيانا قد اضطر الى شراء الكثير من المواد والعمل عليها لانها غير متوفرة في مختبرات الجامعة ، كما ان دوائر الدولة احيانا لا تتعاون معنا ، فالمختبرات التابعة لوزارة البيئة رفضت إعطائي الحق بعمل 25 نموذجاً خاصاً بعملي ، وأعطوني الحق بعمل 6 نماذج فقط ، والسبب يعود إلى قلة الإمكانات والمزاجية في التعامل . وعن مغزى وجوده داخل أحد مختبرات الكلية حيث التقيناه ، أجاب قائلا : انا هنا اقوم بتحضير العمل فقط ثم أكمل عملي في المختبرات الأخرى في خارج الجامعة .ويجد مهند ان هذه العملية سوف تأخذ الكثير من الوقت والجهد والمال .و لو كانت المختبرات الجامعية متوفراً فيها الأجهزة والمواد كان مهند سيكمل عمله خلال ثلاثة أشهر فقط. أجهزة مخضرمة فيما يقول الأستاذ مهند زهير ، المسؤول عن مختبر( الجيوكيميا) بقسم علوم الأرض : لدينا نقص كبير في الأجهزة والمعدات الخاصة بالمختبرات ، والأجهزة شبة عاطلة ، والجهاز الذي يعمل هو قديم لأنه يعود الى ما قبل الثمانينيات من القرن الماضي . ويطالب الأستاذ مهند الجامعة بإن توفر أجهزة جديدة لمعالجة النقص الحاصل في المختبرات وخصوصا فيما يتعلق ببحوث الدراسات العليا . ونوه محدثنا :ان معظم الأجهزة باهظة الثمن فلا يمكن الحصول عليها بسهولة لذلك تحتاج عملية إحضارها إلى الجامعة بعض الأمور ا لتنظيمية حتى لا نجلب جهازا مكلفا ولا نعرف كيف نستخدمه او غير ذي فائدة او بعيد عن اختصاصنا ، وأضاف قائلا : لقد استطعنا الحصول على اجهزة محمولة ( بورتوبل) تتعلق بصميم عملنا ، ولكن هذه الاجهزة بسيطة وتفيد القياسات الحقلية وليست للعمل المختبري الدقيق الذي يحتاج الى اجهزة كبيرة وحديثة . وفيما يتعلق بما موجود من اجهزة في المختبر قال : لدينا جهاز لتحليل العناصر يحتاج الى مبلغ كبير لإصلاحه لأنه عاطل منذ فترة الحصار ولم يستطع احد ان يصلحه ، كما انه قد اسقط من قبل الشركة التي صنعته لأنه أصبح قديماً . كما أشار بيده إلى جهاز ( المجهر) الموضوع على إحدى الطاولات القريبة منه قائلا : هذا المجهر( اليتيم) الوحيد الذي لدينا وهو موجود هنا منذ سنة 1979 ، ونحن نضطر الى تقسيم الطلاب الى مجاميع صغيرة حتى نستطيع ان نضع كل اثنين أمام مجهر واحد ، ولو زاد عدد الطلاب فسوف تكون لدينا مشكلة . وفيما يتعلق بالدراسات العليا يجد مهند بأن المشكلة اكبر ، لأنهم يحتاجون إلى عمليات دقيقة وكثيرة ، وليس كما الدراسات الأولية فهم يأخذون مفاهيم عامة دون التعمق فيها ، فطلاب الدراسات العليا يذهبون إلى مختبرات خارجية بدلا من ان تكون الجامعة مكانا لاستقطاب العلماء والباحثين لإجراء العمليات المختبرية فيها . وعن مدى رضا الأستاذ مهند عما يقدمه للطلاب في هذه المختبرات ، قال : نحن مكبلون ولا نستطيع ان نفعل شيئا وليس بيدنا سوى انتظار الفرج . نفقات ليست بالحسبان تقول طالبة الدكتوراه ( هناء) في قسم علوم الحياة: ان معظم المواد التي تدخل ضمن اختصاص عملي غير موجودة مما اضطر الى الذهاب الى مراكز بحوث خارجية ويكلفني هذا جهدا ومبالغ كثيرة بالإضافة إلى الوقت الذي يضيع من جراء الطابور الطويل الذي اقف فيه منتظرة دوري في فحص المواد التي اجلبها معي . وفيما يتعلق بالمبالغ التي تنفقها ( هناء) بسبب عدم توفر المواد في مختبرات الجامعة تقول : فقط الماء المقطر اشتريه ب 50 ألف دينار للصندوق الواحد وأنا احتاج الى اكثر من 50 صندوقاً ، كما اني اشتري أنابيب الاختبار( التيوب) ب 6 آلاف دينار لكل مجموعة منها ، ولكن كل انبوب واحد افح
طلاب الماجستير يتركون مختبرات الجامعة ويتجهون الى الأهلية
نشر في: 17 نوفمبر, 2009: 04:17 م