TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بطرانين

بطرانين

نشر في: 21 فبراير, 2014: 09:01 م

قبل أيام انتقد بعض رواد الفيس بوك ما جرى في شارع ابو نؤاس يوم الرابع عشر من شباط الذي تحتفل فيه اغلب دول العالم بعيد الحب ، ولأن العراق مازال دولة تنتمي الى دول العالم ولم تشرذمه النوايا الخبيثة والمخططات الدخيلة على أهله الطيبين فقد فكر بعض أهله بالاحتفال بهذا العيد دون ان يعرف اغلبهم بانه يدعى ( عيد القديس فالنتاين ) ..وما همهم لو علموا بذلك ؟ وهل يحتكر أي من الأديان مفردة الحب ؟...انهم بحاجة الى الحب الذي نفتقده كثيرا هذه الأيام ونحن نعيش أياما تسحبنا بكلاليب الروتين اليومي لنصبح آلات تلتهم الزمن التهاما دون ان تشعر به او تقتطف على غفلة منه لحظات جميلة كتلك اللحظات التي عاشها بعض الشباب والأطفال في حدائق ابي نؤاس .
بعد أيام طالبت كتلة المواطن محافظ النجف ومدير شرطتها بالاعتذار لسماحهم لبعض الشباب بالاحتفال بعيد الحب ما أساء الى قدسية المدينة ...من حق الأحزاب الدينية طبعا ان تحافظ على قدسية المدن المقدسة فهي تستمد وجودها وبقائها في الصدارة من الصبغة الدينية التي تصبغ تلك المدن وتملي على أهلها نوعا من الالتزام المبالغ فيه بالطقوس الدينية وحين تهاجم سلوكا منح بعض شباب المدينة المقدسة قليلا من الفرح فإنها تكسب تأييد شريحة واسعة من المتمسكين بمظاهر الدين حتى وان كانت تحمل الكثير من المبالغة ...لكن الدين يدعو الى المحبة والعراقيون هم أحوج الناس لها ..
لقد تعبنا من السير في طرقات مستقبل مظلم لا تضيء جنباته الا أضواء الانفجارات ولا تبدد صمته الا أصوات سيارات الحريق والإسعاف ..تعبنا من الأحقاد التي بدأت تغزو نفوس البعض كالديدان لتنهش ما فيها من إنسانية وحب للآخرين ..من حق العراقي ان يحب وان يحتفل بالحب وان يسعى الى الفرح مادام غائبا عن عالمه ..ألسنا من صناع الحضارة ..ألا يمكننا ان نصنع الفرح ؟
لم نعد نتلذذ بطعم الأشياء ..الفواكه والخضر فقدت رائحتها وطعمها الشهي ..ليس بسبب الهندسة الوراثية التي غيرت ملامح المحاصيل الزراعية بل لأننا فقدنا الإحساس بلذة الأشياء التي تحيط بنا ..هل فكر أحدكم مثلا ان ينتشي بعبير زهرة وهو يسير عدة كيلومترات على قدميه متحديا ازدحام المركبات ليصل الى مكان عمله او دراسته في الوقت المحدد ..وهل واظب أحدكم على إهداء زهرة او كلمة حب لزوجته بعد عودته من عمله مرهقا بتفاصيل فيلم حياتي يومي يجسد بطولته التعب والخوف؟
دعونا اذن نستمتع بيوم واحد من العام نجدد فيه ولاءنا للحب ولا ضير ان يكون من ابتدع هذا اليوم ( بطرانا ) او مخالفا لمنهجنا الحياتي والديني ...اننا نلتقي معه في حاجتنا الى الحب ما دمنا بشر ..وكما يقدم بعض المسيحيين قدورهم في عاشوراء لملئها ب( التمن والقيمة ) مراعين مشاعر الحزن لدى شيعة المسلمين، فلابأس ان يحتفل أبناء النجف او العاصمة او كل العراق، بعيد ارتبط اسمه بقديس مسيحي مادام يدعو الى المحبة ..ألسنا بأمس الحاجة لها ..واكثر بكثير من حاجتنا الى الحزن ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram