هناك من يرى بأن واجبك، أنت الذي لا تشغل منصبا ولا تكلف الدولة فلسا واحدا، ان تعطي الحلول، ولا تكتفي بتشخيص تقصير الحاكم مع اعترافه انه مقصر، والا فعليك السكوت! يأتيك فيسألك: وشنو برأيك الحل؟ أو: منو برأيك بديل المالكي؟
ما واجهني سؤال مثل هذا الا وتذكرت "بلاّع الموس". ان سخرت من السائل يتهمك بالدكتاتورية. وان سكت اشعر اني اخدعه قبل ان اخدع نفسي. وان قلت له الحل الذي أراه متاحا ومجربا، تصير تعال يا عمي شيّلني. حل اتفق المالكي مع الضاري على رفضه واعتباره "خيانة" عظمى رغم ان الدستور يقره. اختلفا تقريبا على كل شيء الا الحل الحقيقي لمشكلة العراق من جذرها. تحت أية خانة نضع اتفاقهما هذا؟ لا ادري.
قبل أيام تساءل "العموداتي" المحترف سمير عطا الله في "الشرق الأوسط" تحت عنوان "مبروك عليكم الفيدرالية"، مهنئا أهل اليمن: "أيهما أفضل؟ دول اتحادية بلا موت وقتل وتشريد ودمار، أم دول يحكمها الموت والكره والخراب؟".
هل هناك شعب أولى بالجواب على هذا السؤال منا نحن العراقيين؟ لا بل أما يجب ان يكون هذا السؤال هو شاغل مثقفينا قبل سياسيينا. ها هو إقليم كردستان الخير والأمان والعمران، أقولها رغما عن الذين يزعجهم هذا الوصف،وها هي باقي المحافظات خارج الإقليم يحاصرها الشقاء والموت والمفخخات والخراب والتهجير والظلم والجهل والتعسف والفساد والحرمان من ابسط مقومات الحياة الإنسانية. أي دماغ هذا الذي ما زال يصر على ان نبقى شعبا نتقاتل فيما بيننا ويرفض فكرة الفيدرالية؟
أنا شخصيا اعترف بانني قصرت اذ جاملت بعضا من المثقفين لانهم من دعاة"الحرص" على الوحدة الوطنية ولم اكتب كثيرا في موضوع انشاء الإقليم كحل جذري لمصائبنا.
غريب ان يتفق البعثيون، كقومجية، وحزب الدعوة مع هيئة علماء المسلمين، كجهتين طائفيتين ليس في أي منهما عضو من المذهب الآخر، على رفض حل يقره العقل والدستور والواقع. لا تنسوا ان "داعش" ترفضه أيضا لان طموحها بناء دولة اكبر من كل أقاليم الكون قد تبدأ بالفلوجة ولا تنتهي عند حدود الصين. أما تشمون معي من وراء اتفاقهم هذا رائحة شوفينية نتنة مغطاة بكذبة اسمها "الحفاظ على الوحدة الوطنية"؟
أعرف جيدا ان هناك من سيهاجمني بما لذ وطاب من التهم لأني أشدت بفكرة الأقاليم، مع ذلك لا أتمنى على المهاجم غير ان يجيب على سؤال عطا الله قبل ان يبدأ هجومه.
مبروك عليهم الفيدرالية
[post-views]
نشر في: 22 فبراير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
حارث السعد
سيدي العزيز، في حقيقة الصراع في العراق ليس سني شيعي بل هو صراع على السلطة ، ولكي يسيطر طرف على الاخر يستلزم ادوات ، وماكو احسن من الطائفية، جذور عميقة ووقائع كثير وتاريخ عريق .لا السني ماشي على سيرة سيدة عمر ولا الشيعي مقتفي أثار علي ، بس من اين ياتون بال