مثلما بدؤوا في الانتشار وتوطين أقدامهم في مناطق أطراف بغداد مطلع العام 2005، حيث كان تواجدهم وتحركاتهم واضحا للعيان آنذاك، يعاود تنظيم "القاعدة" والمتشددون المرتبطون به من السكان المحليين تنظيم صفوفهم ومزاولة نشاطاتهم مجدداً انطلاقا من تلك المناطق التي تحولت أجزاء منها إلى حواضن اجتماعية لهم.
معلومات استخباراتية صادرة عن مكتب القائد العام للقوات المسلحة الذي يقوده رئيس الوزراء نوري المالكي تفيد بأن فلول القاعدة الممثلة بـ "دولة العراق الإسلامية" ومجموعات مسلحة تساندها تسعى إلى تجميع قواها مجدداً وبسط سطوتها مثلما كانت عليه الحال إبان ذروة العنف الطائفي الذي شهدته البلاد بين العامين (2006 – 2008). في تلك المرحلة تحولت أقضية هبهب والعظيم منفذ بغداد إلى الشمال، والتاجي وأبو غريب من جهة الغرب، ونواحي اليوسفية واللطيفية والمدائن التي تمثل منفذ العاصمة إلى الجنوب إلى مناطق حاضنة لعناصر "القاعدة" ونقطة انطلاقهم لتنفيذ عمليات إرهابية داخل بغداد.
مقتطفات من وثيقة رسمية على شاكلة توجيهات عسكرية مكتوبة على الآلة الطابعة اطلعّت عليها "نقاش" نقلت بعض بنودها أن مكتب المالكي العسكري حذر القادة الأمنيين في الوحدات الميدانية في تلك المناطق من أنشطة قائمة وأخرى محتملة للعناصر الإرهابية في قواطعهم الجغرافية.
ويستند المكتب العسكري في تحذيراته، إلى "تحركات مشبوهة لمتمردين وأفراد جماعات متشددة كانوا معتقلين سابقاً في السجون الحكومية والأميركية" لاحظتها عيون المخبرين السريين واعترافات أدلى بها بعض "الإرهابيين" ممن تم اعتقالهم مؤخراً.
وهناك مجموعة مؤشرات تفيد بتنامي نشاط الجماعات الأصولية في مقدمتها عمليات اغتيال مسؤولين وضباط أمنيين، وسلسلة تفجيرات بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة تكررت في بغداد وغيرها من المدن، وكذلك الهجمات المُنسقة على مقار وسجون حكومية لتهريب عناصر متشددين أعلنت "القاعدة" مسؤوليتها عنها.
وأبرز مثال على ذلك، ما حدث في عملية فرار سجناء خطرين من سجن "تسفيرات تكريت" قبل أسابيع، حيث يُرجح إن الهدف منها كان لـ"رفد صفوف القاعدة بنشطاء وأصحاب خبرة يحتاجهم هذا التنظيم لتنفيذ عمليات تم التخطيط لها في العاصمة بغداد تحديداً". الوثيقة تشير إلى أن من بين أولئك المتطرفين الذين يعيدون تنظيم صفوفهم، عناصر مستترين تحت عباءة الأجهزة الأمنية، وآخرين من أفراد "مجالس الصحوات" الذين عاد بعضهم من جديد للانضمام إلى صفوف "القاعدة" بعد أن تخلّت عنهم الحكومة وتركتهم يواجهون مصيرهم بين مطرقة المتشددين ووابل رصاصهم، وسندان الدعاوى القضائية المقامة ضدهم من الأهالي والتي يُطالب في بعضها منهم بالحق العام".
التأكيدات لما تم تسريبه من الجهات الرسمية، جاءت على لسان الشيخ أبو معمر الدليمي نائب القائد السابق لمجلس صحوة منطقة التاجي الذي أكد إن بعض عناصر المليشيات المسلحة التي كان يتزعمها والذين لم يسعفهم الحظ بالانخراط في المؤسسات الحكومية سواء الأمنية أو المدنية عادوا للعمل مع القاعدة بشكل سري".
عن "نقاش ويكلي"