البرامج التلفزيونية جمعتني طيلة الايام الماضية، بعدد من اعضاء دولة القانون. الموضوع كان يتعلق بالتغييرات التي طرأت على التيار الصدري، والتي كشفت قدرته على التحول الايجابي والتكيف مع الظروف، وإعادة تعريف ثوابت سياسية متعقلة خصوصا في الاعوام الثلاثة الاخيرة. بينما كان ممثلو دولة القانون، رافضين لمراجعة اي موقف، متصلبين، تكبر لديهم العزة بالاثم، وتجعلهم مثالاً نادراً للعجز السياسي.
احد انصار الحاج ابو اسراء راح يعدد لي الجهات الدولية التي تؤيد بغداد في حربها ضد داعش، محاولاً ان يصور للجمهور، ان تضامن المجتمع الدولي مع العراق في حربنا ضد الارهاب، يمثل تزكية وتصفيقا لنهج المالكي في استخدام الجيش لادارة الخلافات السياسية.
لم اطلب منه ان يتنازل عن "اهمية الدعم الدولي"، لكن رجوته فقط ان يعيد قراءة نصائح صدرت من عقلاء عراقيين واجانب، قالوا للمالكي ان حرب العراق "المشروعة" لن يكتب لها النجاح، اذا بقيت تركز على الدبابات وقصف الفلوجة، ولم تنصت السلطة لضرورات التسوية السياسية، وعدم جدوى اعتقال الساسة السنة ومطاردتهم بالطريقة التي رأيناها. الرجل رفض ان يسمع، وراح يقول ان كل تحليل من هذا النوع يمثل "دعماً خفياً" لداعش، ولم تنفع معه توسلاتي بأن يعيد مشاهدة المؤتمر الصحفي الهزيل للمالكي في قاعدة البغدادي العسكرية، حيث بدا متوسلاً اهل الانبار من اجل حل سياسي، دون ان يوضح لنا السر وراء سخرية اتباعه من الحلول السياسية التي بحت حناجرنا بالحديث عنها منذ مسرحية "اعدام طارق الهاشمي".
ان الشخصيات التي يزجها ائتلاف دولة القانون على الشاشات، تقطع الطريق على اي مراجعة، ولا تحسن صناعة مناخ يمهد لحوار مفيد. وقد حاولت مع عضو آخر في دولة القانون ان ابحث جدوى العملية العسكرية العظمى التي شنها الجيش بتلك الطريقة على منزل احمد العلواني، وادت الى مقتل شقيقه، وعنصرين من جيشنا، ثم تعمد تصوير النائب المعتقل بطريقة مهينة وبث مقطع الفيديو عبر اليوتيوب، وما اذا كان المالكي يشعر بضرورة اهانة اهل الانبار، بدل ان يعمد الى تقوية موقف عقلائهم، ليتكاتف الجميع من اجل تطويق ردود افعال الحمقى في الانبار وبغداد على حد سواء، لكن عضو دولة القانون، راح يتهمني بأنني اتستر على اخطاء المعتصمين والمحتجين، وأخذ بتعداد المثالب والعيوب التي رافقت عاماً كاملاً من الاعتصامات.
بهذه الطريقة، وصولاً الى ارفع الجهات السياسية المحيطة بالمالكي، يستمر انتاج القرارات التي تنقصها الحكمة، ويرفض هؤلاء تصديق حقيقة ان فريق السلطة الحالي لم يعد صالحاً لابرام سلام بين العراقيين، يجعلهم موحدين وقادرين على مواجهة داعش، وغير داعش.
ويبدو ان بقاء هذا الفريق ٨ اعوام في السلطة، جعلته يتبلد بنحو مؤسف، ويقوم بتهوين المشاكل العميقة، ويعتقد ان المال والخوف قادران على فعل المستحيل. كما يعتقد ايضا ان الهدف الاسمى هو بقاء المالكي في السلطة، ولا يهم بعدها ان يبقى العراق يحترق، اذ سيبقى "هتافو" دولة القانون يتهمون السعودية وقطر..الخ، بالوقوف وراء الموت المتواصل، متناسين ايضاً الحكمة العظيمة "يفعل الجاهل بنفسه، ما لا يفعله العدو بعدوه".
احد ابطال دولة القانون، ترك المالكي والصدر وبارزاني، وراح يمسك بتلابيبي، ويشرح للصديق مقدم البرنامج، ان "سرمد الطائي غاضب على المالكي، لانه لم يحصل على تعيين، وقد اعترف بذلك امام شهود معروفين، ولديه عقدة من المالكي". قلت له: لنفترض ان لدى سرمد، عقداً ومشاكل تحجب عن عقله رؤية المواصفات العظيمة لدى قيادات دولة القانون، ولكن عليك ان تفسر، لماذا بقيتم منبوذين من جميع الاطراف، حتى من مرجعية النجف، والى درجة انكم صرتم تحتاجون التحالف، حتى مع مشعان الجبوري؟
تساؤل اخير: لو كنت امثل لكم مشكلة عويصة الى هذه الدرجة حقاً، فلماذا لا تعينوني في وظيفة، وتخلصون من مشكلتي، كما فعلتم مع العديد من الاصوات التي نجحتم في اخراسها؟!
تريد "تعييناً" من المالكي؟
[post-views]
نشر في: 22 فبراير, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 6
alimodric
لاتوجد دولة في العالم مثل العراق سكانها 30 مليؤن وموظفيها مع القوى الامنية 7ملايين اموالنا تذهب للرواتب والتعويضات والسرقات اين الصناعة والزراعة والتنمية اية عقو ل تدير البلد واي شعب يترك مهنته وصنعته ليلهث وراء التعيين
ام احمد
المشكله ان رئيس الوزراء محاط بجماعه من المستشارين والمعاونيين الاغبياءوالمنافقين او حراميه اوفاشلين واذ تراجع اسماء المسشارين كل مواطن سيعرف حقيقتهم لذلك ترى الحكومه من تخبط الى اخر
سامي
المشكله في عراق مو بس المالكي المشكله الكبيره هيه الحكومه المشاركه انا اعتقد المالكي افضل من اخرين
فاروق ابراهيم
القريبين من السلطان هم بطانه وليسوا حتى حاشيه و تعرف البطانه ملتصقه بالستره فهل تتوقع يا سيد سرمد ان يتفق معك في جزء من طروحاتك انسان اسما و حقيقته بطانه هؤلاء ناس همهم الاساس هو مداراة خبزتهم و مستحيل ان يقروا بأي امر مهما كان بسيطا و واضحا طالما ان ه
حكمت حسين
عزيزي أستاذ سرمد ، سيفهمون مقالتك هذه كطلب منك للتعيين وسيقدمون عرضاً لك كمستشار اعلامي في مكان ما ، واذا فاز المالكي بولاية ثالثة فسيقبضون عليك ليلاً وتتهم بالخيانة والعمالة والفساد والتجسس ولبس النظارات وصبغ الشعر .... الخ استمتع بقراءة ما تكتب
محمد المطارحي
المشكلة لازالت الحكومات المتوالي على العراق مابين كابحة للحريات وأخرى صماء تحاول أن لا تسمع بل يهرب كالنعامة التي تغطي راسها . بل في اجواء الحرية المدعات تسقيط وتكميه الافواه من خلال عدة تهم جاهزه .ولكن في النهاية أوريد ان اذكر دائما ما ألوح به أن التغيير