TOP

جريدة المدى > عام > هذه حكايتي مع المسرح

هذه حكايتي مع المسرح

نشر في: 23 فبراير, 2014: 09:01 م

لا أعلم متى كان يوم ميلادي سوى إنني ولدت على سطح عال قرب نخلة تمر البربن في الفلوجة، أما في أي يوم ثقوا بي لا أدري!!، لكن أدري إنني وقفت أول مرة على خشبة المسرح في يوم 24 شباط / فبراير عام 1944.وأوضح: وقفت ولا أدري ما التمثيل سوى إنني كنت أقلد النسوا

لا أعلم متى كان يوم ميلادي سوى إنني ولدت على سطح عال قرب نخلة تمر البربن في الفلوجة، أما في أي يوم ثقوا بي لا أدري!!، لكن أدري إنني وقفت أول مرة على خشبة المسرح في يوم 24 شباط / فبراير عام 1944.
وأوضح: وقفت ولا أدري ما التمثيل سوى إنني كنت أقلد النسوان اللواتي يأتين إلى بيت أخي وكيف يتحركن ويتهامسن وكيف وكيف، وأقلد المدرسين ومن اعجب بهم ومن لا اعجب بهم، هذا الشيء لعب، في ذلك اليوم الذي وقفت فيه على تلك الخشبة قبل 67 سنة وجدت نفسي مخرجا لأنني كاتب (التمثيلية) وليست المسرحية كما كنا نسميها، ولكن مدرس اللغة العربية صحح لي وأنا أقول (تمثيلية) فقال: قل: مسرحية، ومن هو الذي يحرك الجالسين في مقهى (جايخانة) مقهى صغير وقعت فيه حادثة طريفة جدا فأعجبتني هذه الحكاية فسطرتها كما يحلو لي ولا ادري كيف، واجتمعنا نحن خمس شخصيات في الصف الرابع الثانوي وشخصان من الخامس، واتفقنا على ان نقدمها على المسرح، وكانت في حفلة تعارف للطلبة، المشرف على تلك الحفلة، مدرس مادة النبات، في الثانوية المركزية ببغداد، قلت له أنا عندي تمثيلية أريد ان اقدمها في الحفلة، فقال (هل هي تضحك؟) فقلت له: نعم.. تضحك!!، أجبته بسذاجة، وقلت له تضحك وتقهر أيضا، قل لي: إذن قدمها، لكنني قلت كيف سأقدمها؟ فقلت لأصدقاء لي، الله يرحمهم، أنا الوحيد بينهم ما زلت حيا، من الذين مثلوا معي، مصطفى الخضار ورشيد النجار وغيرهما، كلنا نريد ان نمثل، فالمكان كان مقهى تخيلته كما شاهدت الحادثة فيها في سوق حمادة، انت اجلس هنا وانت هنا وكذا وكذا والفكرة كانت بسيطة وطريفة، ضحك الناس وخلصت المسرحية وخرجنا سعداء فمسكني المدرس الذي كان مشرفا على الحفلة، فقال لي: ماذا تريد ان تقول بهذه التمثيلية؟ فقلت: لا شيء، فقال: لا لا، انت طلعت الشرطي يرتشي وهذا يعني ان تمثيليتك ضد الحكومة!!!، وهذه معارضة للسلطة وللحكومة، وطلب ان لا افعلها ثانية، هنا.. طرقت أذني كلمة لم نكن نعرفها، وبقيت في رأسي، ولكن النقطة الثانية ان التمثيل ليس قضية ان الشخص يعجبه ان يقلد ذلك أو يضحك أو يبكي الآخرين، ولكن اهم شيء الخلق، العلم، هاتان القضيتان في بدايتي كانتا اكبر من قابليتي وطاقتي على فهمها.
كنت جالسا على المسرح وانا أتصبب عرقا بعد ان أنهيت مسرحية المونودراما (مجنون يتحدى القدر) وإذا بأحدهم يفتح باب المسرح من الخلف ويدخل وكانت ملابسه غاية في الأناقة، كنت قد سمعت به ولكن لم أتعرف عليه، وإذا هو إبراهيم جلال، نظر إلي ثم قال: أين كنت انت؟ (هاي انت وين جنت)، ثم لفلفني بكلامه، وبعد حديث بيننا حصل تأثير منه ان ادخل معهد الفنون الجميلة / القسم المسائي كطالب، كان قبلي في المعهد الأساتذة سامي عبد الحميد وبدري حسون فريد، ولدينا وظائفنا وكنت أنا محاميا، فانجمعنا ،وكانت هذه البداية لتأسيس فرقة المسرح الحديث أولا، وقدمنا أعمالا، وفعلا صيغة معهد الفنون تغيرت كلها، كان يقدم كل سنة مسرحية واحدة في مناسبة تتويج الملك أو غيرها،مسرحيات تقليدية، لكننا بدأنا نبحث وصرنا نعطي للقضايا بعدا آخر، حتى صار هناك تحسس من السلطة ان هذه المسألة تمسهم واحيانا كنا نبالغ ـ مثل أننا ذات مرة لم نجعل احدى الحفلات تحت رعاية وزير المعارف بل تحت رعاية محمد مهدي الجواهري ونحن في معهد الحكومة، وهذا لا يجوز، فكانت الناس تحضر العروض بشكل كبير لعدة أيام، فانتبهوا لنا وبدأوا يضايقوننا حتى فصلوني من المعهد، ولأننا كنا بدون نشاط قررنا ان تؤسس فرقة المسرح الحديث، إبراهيم جلال هو من تبنى الموضوع لأنه الوحيد، وكانت الفرق المسرحية في ذلك الوقت تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية ،مثل الملاهي، يعتبرون المسرح ملهى، قدم إبراهيم طلبا وأجيزت الفرقة المسرحية في الثالث من نيسان / أبريل عام 1952، لهذا أنا دائما احتفل بمناسبتين هما: وقوفي على المسرح يوم 24 شباط واحتفل بتأسيس فرقة المسرح الحديث التي استمرت ولي شرف عضويتها إلى الآن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

"ذو الفقار" يستهدف وزارة الدفاع الإسرائيلية

مالية البرلمان تحدد أهداف تعديل قانون الموازنة

نائب عن قانون تعديل الموازنة: من المستبعد إقراره خلال جلسة الغد

مفاجأة مدوية.. نائب يكشف عن شبكات تتجسس على المرجع السيستاني

برلماني يصف الوضع السوري بـ"المعقد": العراق يسعى لحماية مصالحه

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

في مديح الكُتب المملة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

كوجيتو مساءلة الطغاة

مقالات ذات صلة

علم القصة: الذكاء السردي
عام

علم القصة: الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الاولالقصّة Storyالقصّة وسيلةٌ لمناقلة الافكار وليس لإنتاجها. نعم بالتأكيد، للقصّة إستطاعةٌ على إختراع البُرهات الفنتازية (الغرائبية)، غير أنّ هذه الاستطاعة لا تمنحها القدرة على تخليق ذكاء حقيقي. الذكاء الحقيقي موسومٌ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram