TOP

جريدة المدى > عام > "رجال الآثار" لجورج كلوني: فكرة "الأميركي الخارق" في عرض ساذج

"رجال الآثار" لجورج كلوني: فكرة "الأميركي الخارق" في عرض ساذج

نشر في: 26 فبراير, 2014: 09:01 م

 بدا طبيعياً أن يكون مصير العرض الأول لفيلم المخرج والممثل جورج كلوني " في مهرجان برلين السينمائي، مشوبا بالكثير من الامتعاض والسخرية، لما حفل به الفيلم من إعادة إنتاج الصورة النمطية للأميركي الخارق، الذي يكاد يجترح المعجزات من اجل إنقاذ التراث

 بدا طبيعياً أن يكون مصير العرض الأول لفيلم المخرج والممثل جورج كلوني " في مهرجان برلين السينمائي، مشوبا بالكثير من الامتعاض والسخرية، لما حفل به الفيلم من إعادة إنتاج الصورة النمطية للأميركي الخارق، الذي يكاد يجترح المعجزات من اجل إنقاذ التراث الإنساني، ممثلا بآلاف القطع الفنية والآثارية التي سرقتها قوات الاحتلال النازي ضمن مشروع لجعل "متحف الفوهرر" كأعظم متحف للفنون والآثار في العالم.
اللافت أن هذه المهمة التي بدأها الفيلم من خلال عرض تولاه البطل ( كلوني) للرئيس الأميركي روزفلت لإقناعه بأهمية إنقاذ الموروث الإنساني وتخصيص وحدة من علماء آثار ومؤرخي فن ورجال متاحف، اعتمدت رجالا هم في النصف الثاني من أعمارهم ( أصغرهم سناً الموظف في متحف متروبوليتان الأميركي الشهير ولعب دوره النجم مات ديمون)، لكن مع تقدمهم في السن إلا أن هذا لا يمنعهم من إنجاز الخوارق في الحرب: قيادة طائرات وسيارات والتسلل خلف خطوط القوات الألمانية في تقهقرها، والتعامل مع المتفجرات، وقراءة المواقع العسكرية دون وجود أي وحدة عسكرية لحمايتهم حتى ولو كانت صغيرة، على الرغم من ان مهمتهم تمت بدعم مباشر من الرئيس ( القائد العام للقوات المسلحة)، وهو ما يعني منطقيا دعما من قادة القوات المسلحة الأميركية المقاتلة في أوروبا باتجاه برلين.
ومثلما كانت البداية حسبما صور الفيلم المقتبس عن كتاب يحمل نفس الاسم للمؤرخ روبرت إدسيل ان الرئيس الأمريكى روزفلت وافق على أمر بالبحث عن التحف الفنية «المنهوبة» وإنقاذها، قام كادر الفيلم وفي المقدمة المخرج والممثل جورج كلوني بعرض الفيلم في البيت الأبيض للرئيس أوباما، غير أن شيئا لم يرشح عن اللقاء "السينمائي" ما يثبت أن الرئيس الأميركي الحالي قد يكلف ( بعد فرط تأثره) فريقا جديدا للبحث عن آثار وكنوز إنسانية تتعرض للخطر الجدي، على الأقل ما سببته قوات بلاده الغازية للعراق من نهب منظم وتدمير واسع لحضارة بلاد الرافدين القديمة!
فكرة "الأميركي الخارق" تتحقق في الفيلم، ليس عبر إنقاذ الآثار الفنية واللوحات النادرة المسروقة من قبل النازيين وحسب، بل عبر إشارتين بالغتي الدلالة، ففريق "العجائز" كان قادرا من خلال مهمته في تتبع المناجم الألمانية ( مستودعات الآثار والنوادر المسروقة) على العثور على "الاحتياطي الألماني من الذهب"، أما الإشارة الثانية فهي تتمثل بضرورة إنقاذ تمثال مريم العذراء وابنها لمايكل أنجلو من منجم أخير قبل وصول السوفييت إليه ضمن التقسيم الذي وضعه الحلفاء لألمانيا، دون أن ينسى "العجائز الخارقون" أن يُبقوا للسوفييت شيئا مهما، متمثلا بالعلم الأميركي الكبير الذي عُلّق على بوابة المنجم !
الفيلم لعب بقوة أقرب إلى المبالغة، بين جرائم النازيين بحق الآثار والأعمال الفنية، وصلة الموروث الإنساني باليهود،  فعرفنا من تفاصيل الحكاية أن أغلب المجموعات الخاصة النادرة كان يقتنيها أثرياء اليهود، وضمنا نتعرف على مستودع من الأسنان الذهبية التي كان النازيون يقتلعونها من أفواه الضحايا اليهود قبل حرقهم.
عدا بعض جماليات التصوير والموسيقى فإن لا شيء جدياً لجهة القيمة الفنية في الفيلم، حتى أن أداء الجميع فيه كان سقطة مدوية عدا بعض الحضور للممثلة كيت بلانشيت في أدائها دور موظفة المتحف الفرنسية التي عوقبت على أنها متعاونة مع الألمان رغم عملها المهم في إنقاذ ما كان "العجائز" يبحثون عنه، فهي وثّقت الأعمال التي سرقها الألمان وقاموا بنقلها إلى بلادهم.
 وفي حين يفخر طاقم الفيلم بأنه عرّف الأميركيين والأوروبيين وبالتحديد من الأجيال الجديدة، بحكاية لا تبدو متداولة جدا في تاريخ الحرب العالمية الثانية، وتتعلق بأهمية حماية الإرث الفني العالمي والإنساني من الضياع، إلا أنّ هناك من يقلل من أسئلة جدية تتعلق بمصير الإرث الإنساني في مدار الحروب المعاصرة التي تشارك فيها أميركا بشكل مباشر أم غير مباشر! فمعظم الدول الواقعة تحت نيران الحرب تواجه أخطارا جدية حيال ضياع إرثها النادر، ويظل المثال العراقي هنا يشكل عاراً على الثقافة والسياسة الأميركية.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

"ذو الفقار" يستهدف وزارة الدفاع الإسرائيلية

مالية البرلمان تحدد أهداف تعديل قانون الموازنة

نائب عن قانون تعديل الموازنة: من المستبعد إقراره خلال جلسة الغد

مفاجأة مدوية.. نائب يكشف عن شبكات تتجسس على المرجع السيستاني

برلماني يصف الوضع السوري بـ"المعقد": العراق يسعى لحماية مصالحه

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

في مديح الكُتب المملة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

كوجيتو مساءلة الطغاة

مقالات ذات صلة

علم القصة: الذكاء السردي
عام

علم القصة: الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الاولالقصّة Storyالقصّة وسيلةٌ لمناقلة الافكار وليس لإنتاجها. نعم بالتأكيد، للقصّة إستطاعةٌ على إختراع البُرهات الفنتازية (الغرائبية)، غير أنّ هذه الاستطاعة لا تمنحها القدرة على تخليق ذكاء حقيقي. الذكاء الحقيقي موسومٌ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram