TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ديمقراطية إسلامية!

ديمقراطية إسلامية!

نشر في: 26 فبراير, 2014: 09:01 م
الأسبوع الماضي دخل حيّز التنفيذ في تركيا قانون جديد خاص بخدمة الإنترنت. وهو قانون لا نظير له في أي بلد ديمقراطي، وبخاصة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الذي تلحّ تركيا منذ عقود للانضمام إليه.
القانون يعكس النزعة الدكتاتورية الجامحة لدى رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان وحزبه الإسلامي "العدالة والتنمية"، ويقدّم دليلاً آخر على انه ما من حزب إسلامي ديمقراطياً. كل الاحزاب الإسلامية التي ترفع شعارات الديمقراطية إنما تلعب اللعبة نفسها التي يؤديها اردوغان وحزبه.. لعبة الوصول الى السلطة بالوسائل الديمقراطية ثم التشبّث بالسلطة بكل وسيلة غير ديمقراطية، وهذا هو الجاري الآن في تركيا وعندنا هنا في العراق أيضاً.
حكومة اردوغان جاهدت لتشريع القانون الذي يمنح وزارة الاتصالات وهيئة الاتصالات عن بُعد سلطة إغلاق أي موقع انترنت من دون الحصول على تصريح قانوني مسبق من القضاء أو البرلمان. كما ينص القانون على الإذن للسلطات الحكومية بتسجيل مواقع البحث التي يرتادها مستخدمو الانترنت وحفظها لمدة سنتين. ويحدّ القانون من امكانية الوصول الى مواقع نشر افلام الفيديو على شبكة الانترنت.
وتطبيقا للقانون ستُنشئ الحكومة التركية برنامجاً جديداً ينبغي على كل مستخدمي الانترنت أن يشتركوا فيه ليتمكنوا من الوصول الى الشبكة الدولية. وسيتحكم هذا البرنامج بشكل مباشر في مصدر المعلومات التي يبحث عنها المستخدم.
منذ طرح فكرته، واجه القانون معارضة شعبية قوية عكستها وسائل الإعلام وعبّرت عنها مظاهرات في عدد من المدن التركية تعاملت معها قوات الأمن التركية بقسوة.
اردوغان وحكومته برّرا القانون بانهما لا يسعيان الى فرض الرقابة، وإنما الى منع الأوجه "غير الأخلاقية» للإنترنت" لحماية العائلات والأطفال والشباب من المعلومات التي تدفعهم لتناول المخدرات والانحرافات الجنسية والانتحار. لكن القانون قُدّم إلى البرلمان على خلفية الكشف عن فضيحة مدوية عن تورط شخصيات من الحزب الحاكم، بعضها مقرب من اردوغان، في قضايا فساد مالي وإداري وسياسي كبرى، وكان لوسائل الاعلام ولشبكة الانترنت دور كبير في عملية الكشف هذه. وكانت حكومة اردوغان قد فرضت، قبل تشريع القانون، حظراً على الوصول الى معلومات خاصة بالجيش وبالقومية الكردية والكثير من المواقع الأخرى. ومن المؤكد أن قائمة المحظورات ستطول منذ الآن.
لا يمكن التعويل على تبريرات الحكومة التركية، لأن الواقع يقول شيئاً آخر، هو ان اردوغان وحزبه يضيقان ذرعاً، اليوم بعد الآخر بحرية التعبير، وفي قلبها حرية الإعلام. وفي الأشهر الاخيرة تعرضت الصحف ووسائل الاعلام الاخرى الى مضايقات جمّة من الحكومة، ووصل الأمر الى حدّ ترحيل صحفيين أجانب عاملين في تركيا، وهو ما حصل أخيراً مع الصحافي الاذربيجاني ماهر زينالوف الذي يعمل لصحيفة "تودايز زمان" (زمان اليوم)، فقد جرى ترحيله على عجل.. والسبب انه انتقد اردوغان على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"..
ديمقراطية إسلامية .. أليس كذلك؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. فاروق ابراهيم

    عبدالله ملك الاردن في احد تصريحاته قال ان اردوغان اخبره مره في احد لقائتهما ان الديمقراطيه بالنسبة له هي باص يستقله ليوصله الى المكان الذي يريده و عندها يترك الباص احمق من يعتقد ولو للحظه ان أي عقائدي من الاسلام السياسي او من لون يساري او قومي عرقي يمكن

  2. حنا السكران - اسطنبول

    أردوغان يرفض رفضا تاما استلام عمولات من اصدقائه رجال الاعمال لتسهيل امورهم وكسب الصفقات , اردوغان أسس وقفا اسلاميا خاصا خارج الحكومة لمساعدة الفقراء بادارة ابنه بلال , الى هذا الوقف فقط يرسل العمولات ويستلمها ابنه بدموع خاشعةوقلب حزين على الفقراء!!!!!!!

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram