لو كان أوسكار وايلد حياً اليوم، فإن فضائحه الجنسية المثيرة (1) ما كانت ستستحق انتباهةً ــ بينما ستكون أقل همسة عن الانتحال أو السرقة كافية ربما لإبعاده إلى فرنسا، أو أي مكان يُنفى إليه الكتّاب الملعونون في هذه الأيام، كما تقول أماندا فورمان كاتبة هذا
لو كان أوسكار وايلد حياً اليوم، فإن فضائحه الجنسية المثيرة (1) ما كانت ستستحق انتباهةً ــ بينما ستكون أقل همسة عن الانتحال أو السرقة كافية ربما لإبعاده إلى فرنسا، أو أي مكان يُنفى إليه الكتّاب الملعونون في هذه الأيام، كما تقول أماندا فورمان كاتبة هذا المقال.
في هذا الوقت في الأقل، لن يجد وايلد نفسه وحيداً. فقد كانت السنة الماضية سنة القطاف بالنسبة لفضائح الشعر، حين شهد عالم الشعر المحكم الاعتبارات توجيه تهمة الانتحال plagiarism إلى أربعة شعراء فائزين بجوائز. و في آخر مثال على ذلك، قام محكّمو جائزة Forward الرفيعة بإعلان القائمة القصيرة للفائزين في شهر أيلول، فقط للكشف عن واحد من المتصدِّرين باعتباره " منتحلاً " متسلسل التجاوزات. و كانت القضية يكتنفها الغموض. فقد أُقرّت القصيدة موضوع الخلاف باعتبارها أصلية، لكن هل مخالفات المؤلف الماضية قد جعلتها غير مؤهلة للفوز؟ وقد رد المتهم على ذلك بالانسحاب من المسابقة.
و قبل أن يهرع القراء إلى الحواجز في غضب، ينبغي أن يكون حاضراً في الذهن أن هناك سبباً في أن يزلّ الشعر و الانتحال من اللسان بشكلٍ غير مقصود.
فقبل ألفي عام، كان الشاعر الروماني مارشال Martial قد أتقن فن القصيدة القصيرة المازحة epigram (2). وما أن تنامت شهرته و دخله المالي، حتى قام عدد من المقلدين بالشيء نفسه، مما جعله يخترع تعبير الـ plagiarus، و يعني حرفياً " خاطف العبيد ". و رد على تلك الحالة غاضباً : " إذا كنت ترغب في أن يقال إنها لك، فابتهل من أجل أن تشتريها، ذلك أنها ربما لم تعد لي ". و حجة مرشال في احترام حقوق التأليف الخاصة به لم تكن تعني إلا القليل في " العصور المظلمة "، حين صار أمر الكتابة يعني المحافظة بجهدٍ على النصوص القديمة للجيل القادم. و مع الزمن كانت الطباعة أمراً عادياً، و الحساسيات مع هذا مختلفة عن زمن مارشال : فالناس لم يكونوا يشتكون من بيّنة الانتحال في " حكايات كانتربَري " لتشوسَر أو مسرحيات شكسبير، مع أن الاثنين جرى الاقتباس منهما و تقليد طريقتهما إلى الخلود.
لقد بدأ الشرف المصاحب للأصالة بالانتشار في أوروبا حين ترسخت حركة النهضة. و كان الكاتب المسرحي في القرن السابع عشر بين جونسون يُنكلِز anglicize (3) انتحال مارشال في قصيدته القصيرة المازحة هو ضد السرقة الأدبية : " جولة في الانتحال To Prowl the Plagiary ". و قد أثنى النقاد لاحقاً على جونسون لصياغته المعنى الحديث للانتحال لائمين إياه في الوقت نفسه على الانتحال من مارشال.
و في القرن الثامن عشر، أصبح التحري عن الانتحال ما يشبه ألعاب الصالات. ففجأةً يمكن لأيٍّ كان أن يصبح بوليساً سرياً و يبدأ بتمزيق سمعة العمالقة. و الحقيقة، أن الملاحظة المستخفة بالذات التي أبداها عالم الفيزياء الشهير إسحاق نيوتن ( 1643 ــ 1727 ) حول " الوقوف على أكتاف العمالقة " لم تكن من صنعه هو، و إنما هي شيء معدَّل عن سطر من كتاب أمثال للشاعر الإنكليزي جورج هيربرت ( 1593 ــ 1633 ).
و قد فقدت اللعبة تسليتها تماماً حين تسبب الأستاذ وليام لودر في إحداث ضجة في عام 1747 بإعلانه عن " برهان " لديه على أن الشاعر الإنكليزي جون ملتون ( 1608 ــ 1674 ) قد انتحل ملحمته الشعرية " الفردوس المفقود ".
و على مدى القرون التالية، استمر الشعراء بانتظام دائب في اتهام بعضهم بعضاً بالانتحال والتعرض للتهمة ذاتها. و من بين هؤلاء : وردزوَرث، سكوت، بايرون، شيلي، كولريج، دي كوينزي، تينيسون، لونغفيلو، بو، وايلد، و إليوت. كثيرون جداً، حتى من دون التطرق إلى الشعراء الذين استخدموا عبارة " الدم، العرق، و الدموع " ،مثلاً، في إعادات أو صياغات متنوعة.
و أخيراً، فإن شجارات الماضي ينبغي أن تقدّم بعض الراحة للوسط الشعري الجاهل اليوم. فالمسألة ليست أن المعايير تنقضي أو تتغير، و إنما هي أن التحري عن السرقة أو الانتحال مجرد فرقعة عابرة.
عن/ the wall street journal