يعتبر فاغنر من الشخصيات الموسيقية المؤثرة وفي نفس الوقت المثيرة للجدل حتى اليوم. فقد عُدّ بين أهم المؤلفين في الفترة الرومانتيكية وأسهم في تطور الاوبرا بشكل ملحوظ بفضل إدخاله العديد من الأفكار الجديدة والابتكارات الذكية، على الخصوص التعامل مع الاوبرا
يعتبر فاغنر من الشخصيات الموسيقية المؤثرة وفي نفس الوقت المثيرة للجدل حتى اليوم. فقد عُدّ بين أهم المؤلفين في الفترة الرومانتيكية وأسهم في تطور الاوبرا بشكل ملحوظ بفضل إدخاله العديد من الأفكار الجديدة والابتكارات الذكية، على الخصوص التعامل مع الاوبرا كفن موسيقي غنائي مسرحي متكامل، حيث يبدأ العمل منذ ولادة النص الشعري مروراً بالتلحين حتى الإخراج المسرحي. وتوكيداً على هذا أطلق فاغنر على أعماله الأوبرالية صفة دراما موسيقية، ونهل من الأساطير الجرمانية التيوتونية القديمة فسار في مقدمة التيار الذي أحيا الأساطير الجرمانية ليستثمرها في تعزيز الشعور القومي الألماني قبل وبعد قيام ألمانيا الموحدة، وهي عملية أفلتت لاحقاً لتصب في طاحونة النازية وهتلر الذي اعتبر فاغنر مؤلفه الموسيقي المفضل.
كان فاغنر عنصرياً ومعادياً لليهود وزاد هذا العداء في أواخر سنواته بتأثير أفكار مجايله الكاتب الفرنسي العنصري آرتور دو غوبينو (1816-1882) صاحب فكرة العرق الآري السائد. وأدى استعمال النازية لموسيقى فاغنر في الدعاية بشكل كثيف إلى ردة فعل قوية تجاه هذا الموسيقار وأعماله في أوروبا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، فقد تجنبت الدول الاشتراكية السابقة تقديم أعماله في البداية، قبل أن تهدأ العواطف في الصدور في السبعينات والثمانينات، لأن فاغنر، برغم عنصريته ومعاداته لليهود، ليس مسؤولاً عن النازية وجرائمها. فبدأت أعماله تعود إلى دور الأوبرا، أما في إسرائيل فلا يزال فاغنر وأعماله من المحظورات.
وجرى اللجوء إلى فاغنر في السينما بشكل متكرر بسبب الشحنة الدرامية العالية لأعماله، فهي تستعمل كموسيقى تصويرية لما تمتلكه من تأثيرات قوية على العواطف بسبب ما يميز موسيقى فاغنر: التوزيع الأوركسترالي المتقن والجرأة في البناء الهارموني، واستعماله الطليعي للتلوين الموسيقي (الكروماتية) والانتقالات المثيرة بين المراكز النغمية. من أبرز الأمثلة استعمال فرانسيس كوبولا مشهد مسير الفالكيريات (مطلع الفصل الثالث) من دراما الفالكيريات ثاني حلقات رباعية النيبلوغ في فيلم القيامة الآن، وهو مشهد لا ينسى. واستعمل والت دزني مشهد تشييع جنازة زيغفريد في دراما غسق الآلهة (الحلقة الأخيرة من رباعية النيبلونغ) في تصوير مشهد داكن وشرير من فيلمه فانتازيا.