ضيّف نادي السرد في اتحاد الأدباء الناقد حسن مجاد ضمن منهاجه الثقافي لجلسة السبت 23/2. وقد قال في معرض حديثه: تعد التجربة الروائية العراقيّة حديثة النشأة والتكوين، وهي بهذا الوصف بقيت تحت خيمة الاستعارات الكبرى للمؤثر الأوروبيّ بشكل مركزيّ ومن ثم لفاع
ضيّف نادي السرد في اتحاد الأدباء الناقد حسن مجاد ضمن منهاجه الثقافي لجلسة السبت 23/2. وقد قال في معرض حديثه: تعد التجربة الروائية العراقيّة حديثة النشأة والتكوين، وهي بهذا الوصف بقيت تحت خيمة الاستعارات الكبرى للمؤثر الأوروبيّ بشكل مركزيّ ومن ثم لفاعلية حضور الأدب الروسيّ بنصوصه المؤثرة وبفعل تيارات فلسفيّة واتجاهات فكريّة كانت تمثل صراعاً للرؤى تقصي كل واحدة منها الوجه الآخر وتعمل على تعريته؛ ولهذا بقيت الرواية العراقيّة تتعثر بين النبرة الإصلاحية أو الإسراف في اللعب الشكليّ نستثني من ذلك نماذج كانت قد شكلت بصيرة في سياقات التحولات السياسية العراقية رؤى أفراد حالمين و مصائر جماعات بروليتارية، ومن هنا بدت فكرة اقتباسات المحتوى الفكرى وانفصاله عن صيرورة الواقع الاجتماعي وتطور الوعي السياسيّ، سواء على مستوى فئة الانتجلسنيا العراقيّة التي ظلت أسيرة للعبة الحلم البرناسيّ والوعي الشقي في الفهم والتجاوز أو على مستوى الشريحة الاجتماعيّة التي تشكل الخلفية التي تضيء به الرواية تمثلاً لحكاية زقاق أو بيوتات أو أسرة أو جماعات، ومع ازدهار عصر الأيديولوجيا منذ أربعينات القرن العراقيّ حتى أفولها قدّمت الرواية العربيّة في العراق نماذج رمزية متعالية عن منطقها الحيّ لعلنا نستذكر معاً عبد الرحمن مجيد الربيعيّ باصطناع بطولة المنتميّ في القمر والأسوار والأنهار، أو البطل المضاد عند فاضل العزاويّ الذي بقي تحت هيمنة المؤثر الوجوديّ وبنيت أزمته بناء تلفيقياً استعارياً هو الآخر عبر المزج بين كوابيس كافكا وهرطقاته و أحلام كامو ونزواته وتمرد.
إنَّ الخلطة التلفيقية أو بصيغة أكثر اعتدالاً وتهذيباً النزعة التجريبية الشكلية مسخت الشكل والمحتوى وظلت أسيرة نماذج عليا ساعدها على ذلك مبررات قلق مفتعل ورؤية غائمة وبصيرة هشة للعلاقة الجدلية بين الفن رؤية وأداء ، ومن هنا لم تكن الأمة موضوعاً للرواية البتة لأنها لم تعِ صيرورتها بعد وتركتها تعيش في مطابخ التوجه الأيديولوجي والعنف السلطوي والإكراهات الاجتماعية. لأن شرائط النهضة وأحلامها الطوباوية قد ضلت الطريق نحو صدى الصوت والصوت الآخر ،مما جعل التجربة الروائية وليدة أفكار جاهزة ومعدة مسبقاً وأحادية الرؤى على الرغم من مظهرها البوليفوني. وإن كانت هزيمة حزيران قد شكلت منعطفاً كبيراً في إعادة السؤال العربيّ والبحث عن الهوية في ظل الاستبداد السياسيّ والعجز الاقتصاديّ فإن شيوع النزعة الفردانية والنرجسيّة والتمركز حول الذات قد جعل من الأفق الروائيّ منغلقاً على ذاته يقف على أطلال الذاكرة ونشيد المراثي دون أدنى قدرة في التفكير على إحداث فارق جوهريّ في المعادلة الصعبة تلك التي تتحدد بشكل خاص في أنَّ عوامل السقوط الحضاري تكمن في بذور النهضة نفسها، غيبت تلك الرؤية من أجل إشاعة الفجائعيات وكرست في ما بعد جمالياً بدعاوى التداخل الأجناسي الذي سمح للرواية بأن تقترب من روح القصيدة ، وهذا الفعل الجمالي وإن كان يتكئ على معطى نظري وتصورات قبلية إلا انه يخفي نسق الاضطراب في الرؤية لصالح خلق عالم بديل ينسى فيه المثقف روائيا مشاكله الأصيلة ويتناسى بها حقيقته وزيفه لصالح تجميل الصورة بشكل آخر يبرر منطقا سرديا يعيد به الإنسان توازنه مع العالم والمحيط.
وفي مداخلة للشاعر والناقد فاضل ثامر أشاد بالناقد مجاد قائلاً: وجدت نفسي إزاء شخص يمتلك رصيداً ثقافياً وصوتاً نقدياً يستطيع ان يغني حياتنا مستقبلاً من خلال تشخيصه للمؤثرات الاجتماعية ومكامن الخطأ العراقي وقدرته على التحليل.
وقال الكاتب شجاع العاني: أؤكد ما قاله فاضل ثامر، لكني أشفق على الناقد حسن مجاد من هذا الموضوع الكبير لأن موضوعة الأمة لا نكاد نجدها في الرواية إلا نادراً ربما عبد الرحمن منيف كتب عن التحولات واصفاً الطبقات الاجتماعية. وعلى الأغلب تكاد تكون الأمة موزعة بين التاريخ وفكرة الرواية اجتماعياً.