هل تتذكرون محمد عباس ..المدرب الرياضي الذي عاد من الغربة ليخدم بلده فداسته أقدام قوات سوات وسلبت منه عمره وأحلامه وتاريخه..؟ من المؤكد انه سقط من ذاكرة قراء الصحف ومتابعي القنوات الفضائية والفيس بوك لكثرة ما يعترض طريقهم يوميا من قضايا وأخبار وشخصيات ، أما نحن أقارب وأصدقاء ومعارف محمد عباس فلا يمكننا تجاهل ملامحه حين يطل علينا من صفحات أحبته وهو يصرخ بصمت " بأي ذنب قتلوني ؟!".
الحكم في قضية محمد عباس التي تولتها محكمة جنايات كربلاء لم يعد له اعتباره او يمحو بقع دمه الملتصقة بأرض ملعب كربلاء الرياضي فقد حكم على اثنين من قتلته بالسجن المؤبد وتم تبرئة عدد منهم وإحالة الآخرين على المادة (331) التي تتضمن الإهمال في أداء الواجب في حين ان أوامر القبض صدرت وفق المادة 406 /31 وهي القتل العمد ..من يومها ، حاصر القلق أهل محمد وأحبته فالقضية خضعت لتأجيلات عديدة وتسربت أخبار الى أهله تقول بأن احد المحكومين بالسجن وهو ضابط برتبة ملازم أول من أقارب المالكي، فوالدته هي ابنة عم المالكي وهو موجود في بيته، ما يعد خرقا للقانون وإهانة لدم الشهيد المغدور ..
في يوم الثلاثاء الفائت ، أصدرت محكمة تمييز كربلاء قرارا جريئا وشجاعا قلب موازين قضية محمد عباس واسترد له كرامته حين نقضت المحكمة أحكام السجن المؤبد والبراءة وحكمت بتشديد حكم المحكومين بالسجن المؤبد ومعاقبتهم بإيقاع اقصى العقوبة بهم وهي الإعدام وإعادة المبرئين من القضية والحكم عليهم بالسجن والإعدام لثلاثة منهم ..
الحقيقة إذن كالنور لا يمكن إخفاؤها ، والحق ينام أحيانا لكنه لا يموت وفي قضية محمد عباس نام الحق طويلا حين حاول البعض تسويف حق المتهم وإطالة أمد القضية وتبرئة أشخاص تلوثت أيديهم بقتل الشهيد عمدا ، لكنه عاد ليستيقظ ويحيا من جديد على يد محكمة التمييز التي نظرت الى القضية نظرة قانونية صرفة لا تخضع للعاطفة او ل( الواسطة ) فالقانون كما يقول أرسطو منطق خال من العاطفة ولا ضير ان يخالف ذلك رغبة المسؤولين وأولهم المالكي الذي يجب ان يتقبل خضوع قريبه لحكم القانون ..
المشكلة ان الضابط المقصود واثنين من المفرج عنهم والمحكومين بالإعدام حسب قرار محكمة التمييز لاذوا بالفرار الى جهة مجهولة منذ ان سمعوا بقرار محكمة التمييز ..ولأن العدل أساس الملك والمالكي يتشبث مؤخرا بكل ما يديم له لقب ( راعي دولة القانون ) فينبغي عيه إذن ان يطبق القانون ويعمل على تسليم الفارين للعدالة ليثبت للعراقيين ان قائمته تسعى بالفعل لإرساء أسس دولة القانون ..
انه امتحان عسير دون شك للمالكي وربما اكثر صعوبة من تورطه في حرب خاسرة حصدت الأخضر واليابس معا لكنه وسيلة ناجعة لكسب ثقة شعبه وورقة انتخابية يمكن له اللعب بها لتغطية أخطائه وعثراته التي لاتعد ولا تحصى فهل يطبق راعي القانون القرار القانوني المنطقي ام سيمارس المراوغة والبطش بمن وضعه في هذه الزاوية المحرجة ليخرج منها سالما ؟...حتى لو فعل ذلك فليتذكر دائما ان هناك نزاهة قضاء وعدالة أثبتت تفوقها عليه وان الفخر ليس في قهر الأقوياء بل في نصرة الضعفاء ..
نم يا أخي محمد، نومة هادئة ولتسكن روحك الهائمة لأن هناك من أنصفك، وانتظر معنا ما سيصدر عن المالكي وكيف سيجتاز امتحانك العسير.