TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > في تحية جمعة الزيني

في تحية جمعة الزيني

نشر في: 1 مارس, 2014: 09:01 م

عملت خريطة السياسة العراقية الحالية بتشكيلاتها المنقسمة إلى فريقين طائفيين رئيسيين والمتفرعة منها إلى شرائح سياسية- دينية متباينة في هوياتها ومرجعياتها، على شل أحلام العراقيين في رؤية بلادهم قوية، متماسكة، قادرة على النهوض والوقوف بوجه الفساد والإرهاب والتخلص منهما والاستعداد لدخول المؤسسة الأممية المتحضرة عن طريق الصناعة والاستثمار ومتطلبات الحياة الجديدة على وفق ما تسير عليه بقية شعوب الأرض.
ولتبيان ما أنتجه الانقسام السياسي هذا نجد أن أي كتلة حاكمة، في مجلس أي محافظة في الجنوب او الوسط، ظلت تعمل حبيسة فكرة السيطرة على الكرسي الأول، والتقدم منفردة لتحقيق مشروعها السياسي، لا الخدمي وها نحن نجد أن كتلة المحافظ تعمل بجهد منتقص، ينهض متردداً، متوجساً من مكيدة الكتلة الأخرى، لا يختلف عن الدورة الانتخابية السابقة التي ظل محافظها يعمل بنفس آلية التردد والتوجس من مكيدة الكتلة المناوئة او الكتل المناوئة الأخرى. وهي متوالية دأب النظام الانتخابي على تكريسها منذ العام الاول بعد سقوط النظام السابق، حتى أن ما بذل من جهود خدمية لدى أي كتلة حاكمة لا يشكل سوى نسبة قليلة بالقياس إلى جهودها في منع وصول الكتل الأخرى ومشاركتها موجبات الكرسي ذاته.
في كثير من المؤتمرات التي نحضرها نجد حضورا واضحاً لأحد المسؤولَين الكبيرين (محافظ –رئيس مجلس) ممثلاً بعدد من اصطحب معه، فإذا كان رئيس المجلس على رأس المؤتمر برز معه عدد كبير من كتلته وإذا كان المحافظ  على رأس المؤتمر برز معه عدد كبير من كتلته. وهكذا الحال بالنسبة لبقية المناصب الحكومية، الكل يعمل على تقديم مشهده السياسي لا الخدمي، حتى قدم الكثير من مراقبي الحدث المحلي، لمطالبة بعض المسؤولين في قضاء الزبير بجعلها محافظة، تفسيراً سياسيا أكثر مما هو إداري، آيته إضعاف كتلة البصرة أولاً، ومن ثم الإيقاع بها ،حتى إذا تم الأمر لهم وعادت الكتلة الأولى حاكمة امكنها عودة الزبير إلى سابق عهده قضاءً لا محافظةً.     
منذ أكثر من شهرين تقريبا والبصرة تعاني من ارتفاع نسبة الملوحة في مياه شط العرب، وكان الاعتقاد السائد أن إيران تطلق مياه البزل باتجاه الأراضي العراقية لتتغير طعوم المياه فيها، فيما تبين أخيرا بان الحكومة المحلية في الناصرية صوتت بأغلبية أعضائها على فتح سدة الخميسية لتغرق أنهار البصرة بكميات هائلة من الأملاح. وقد يبدو الخبر تقليديا جداً إذا كانت جهة ما في وزارة الموارد المائية هناك هي من قام بفعل كهذا، لكن أنْ يُعرض مشروع كهذا على مجلس المحافظة ويصوت عليه بالأغلبية قضية لا تبدو من أعمال الري والزراعة والحاجة للماء إذا ما علمنا بان الغالبية في المجلس هناك من كتلة دولة القانون المختلفة في الأصل مع كتلة المواطن ( البصرة اولاً).
لا نعدم وجود أصحّاء، عقلاء، ممسوسين بهموم ناخبيهم في كلا الكتلتين، وهنا لا نسجّل على الجميع خضوعه لإرادة كتلته، ذلك لأن غالبية الكتل تستعين وفي كل دورة انتخابية بعناصر مستقلة، لا تربطها معها رابطة انتماء حزبي من قبل، نقول لا نستبعد وجود المخلصين في هذا الفريق وذاك لكن لا جامع بينهما، ومن يتفحص عناصر وأعضاء الكتل العراقية الكبيرة يجد الغث والسمين، القوي والضعيف، العاقل والمجنون، التابع والذليل العبد، مقابل المتبوع السيد الحر . لكن لا جامع بين الأعضاء المنقسمين.
قد نختم بدعوة جادة، مخلصة لكي يتفحص كل عضو من أعضاء الحكومات نفسه، ليبحث عن قرينه داخل وخارج كتلته، وليشق عصا الطاعة على فريقه الذي لا يجد بين مشاريعه خدمة أهله وجمهور ناخبيه، ذلك لأنه أقسم على الولاء للوطن والعمل على تقديم مصلحته على أي مصلحة ضيقة. ولم يقسم على الولاء لكتلته وحزبه .
أتقدم بالتحية وأخلع قبعتي للشيوعي جمعة الزيني، رئيس لجنة الزراعة في مجلس محافظة البصرة، كان واحداً من كثيرين في مجلس محافظة البصرة، على اختلاف انتماءاتهم وكتلهم، ظلوا يفكرون بمصلحة مدينتهم قبل ان يكونوا موالين لكتلة بعينها

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. أبو همس الأسدي

    ومع ذلك استاذنا الفاضل ..لازال أمامه الكثير من العمل والجهد المضني والشاق والخطر !! للأيفاء بما ينتظره منه ناخبيه وأهالي البصرة عموما ؟باعتباره يمثل حزبا له مواقفه التأريخية المشهودة وتضحياته من أجل اسعاد الفقراء وتحرير الوطن

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

التلوث البيئي في العراق على المحك: "المخاطر والتداعيات"

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

 علي حسين في السبعينيات سحرنا صوت مطرب ضرير اسمه الشيخ امام يغني قصائد شاعر العامية المصري احمد فؤاد نجم ولازالت هذه الاغاني تشكل جزءا من الذاكرة الوطنية للمثقفين العرب، كما أنها تعد وثيقة...
علي حسين

زيارة البابا لتركيا: مكاسب أردوغان السياسية وفرص العراق الضائعة

سعد سلوم بدأ البابا ليو الرابع عشر أول رحلة خارجية له منذ انتخابه بزيارة تركيا، في خطوة رمزية ودبلوماسية تهدف إلى تعزيز الحوار بين المسلمين والمسيحيين، وتعزيز التعاون مع الطوائف المسيحية المختلفة. جاءت الزيارة...
سعد سلّوم

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

احمد حسن تجربة الحكم في العراق ما بعد عام 2003 صارت تتكشف يوميا مأساة انتقال نموذج مؤسسات الدولة التي كانت تتغذى على فكرة العمومية والتشاركية ومركزية الخدمات إلى كيان سياسي هزيل وضيف يتماهى مع...
احمد حسن

الموسيقى والغناء… ذاكرة الشعوب وصوت تطوّرها

عصام الياسري تُعدّ الموسيقى واحدة من أقدم اللغات التي ابتكرها الإنسان للتعبير عن ذاته وعن الجماعة التي ينتمي إليها. فمنذ فجر التاريخ، كانت الإيقاعات الأولى تصاحب طقوس الحياة: في العمل، في الاحتفالات، في الحروب،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram