اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > قضايا جنائية:التحقيق الجنائي في قضايا إطلاق العيارات النارية

قضايا جنائية:التحقيق الجنائي في قضايا إطلاق العيارات النارية

نشر في: 2 مارس, 2014: 09:01 م

لم تكن تجارب الكابتن «لويس لاجارد»، الضابط والطبيب الجراح في الجيش الأمريكي عام 1893 الأولى من نوعها. التجارب تضمنت إطلاق النار على مجموعة من أجساد الموتى المعلقين من سقف قاعة الرماية. كان عليه استخدام نوعين من الأسلحة؛ بندقية «سبري

لم تكن تجارب الكابتن «لويس لاجارد»، الضابط والطبيب الجراح في الجيش الأمريكي عام 1893 الأولى من نوعها. التجارب تضمنت إطلاق النار على مجموعة من أجساد الموتى المعلقين من سقف قاعة الرماية. كان عليه استخدام نوعين من الأسلحة؛ بندقية «سبرينج فيلد» الحربية الجديدة من عيار 30,0 وأختها القديمة من عيار 45,0 وإصابة كل جسد منها في عدة مواضع متباينة من مسافات مختلفة، ثم فحص الأجساد تشريحياً. كانت مهمته مقارنة تأثير السلاحين على الجسم من الداخل بما في ذلك العظام.
سبقت ذلك تجارب مشابهة قام بها بشكل مستقل كل من الجيش الفرنسي، والجيش الألماني، والجيش السويسري منذ عام 1800. أمضى أستاذ الجراحة السويسري الدكتور «ثيودور كوخر»  سنة كاملة يطلق الرصاص من بندقية «فيتيرلي» السويسرية الصنع على أهداف مختلفة لدراسة آلية حدوث جروح رصاص البنادق، وكان من بينها الزجاجات والكتب وأمعاء الخنازير المليئة بالماء وعظام الثيران والجماجم البشرية وأخيراً جسدان بشريان كاملان! وقد نصح «كوخر» استخدام مقذوفات أصغر حجماً من مادة درجة انصهارها أعلى من الرصاص لكي يقل اعوجاجها عندما تصيب الجسم ،وبالتالي تحدث أضراراً أقل داخل الجسم. كانت فكرته أن هدف الحرب ليس قتل العدو بل هزيمته، وذلك يمكن أن يتحقق بإعاقته جسدياً ليعجز عن الهجوم والمقاومة.
تركزت الأبحاث والتجارب المتعلقة بالأسلحة على اختبار قدرتها على إعاقة العدو أو ما يُدعى اصطلاحاً (قوة الإيقاف). واهتم بعضها بإيجاد أسلحة ومقذوفات تكفل (إيقاف العدو) دون إصابته بعاهة مستديمة أو قتله،  قبل أن يتمكن من الرد ليصيب أو يقتل.
استأنف «لا جارد» أبحاثه مجدداً على أجساده المعلقة عام 1904 وكانت غايته تطوير (قوة الإيقاف). اعتمد على قياس مدى ارتداد الجسد المعلق إلى الخلف إذا أطلقت عليه الرصاصة من الأمام، ولكنه ما لبث أن اكتشف أن معرفة قوة الإيقاف لا تتحقق بإجراء  تجارب على من هم (متوقفون) نهائياً وإلى الأبد.
 لذلك اختار أن ينقل تجاربه إلى الحيوانات، فاستخدم الأبقار التي توشك أن ترسل إلى المجازر، وأثبت أن الإصابة بثلاث أو أربع طلقات من مسدس (كولت) عيار 45,0 كفيلة بإسقاط الأبقار إلى الأرض (إيقافها)، بينما لم تسقط الأبقار التي أصيبت برصاص من العيار الأصغر 38,0 حتى بعد تلقيها عشر طلقات.
ولم تستخدم الأبقار أو المواشي بشكل حصري في هذه التجارب إلاّ في أمريكا وأوروبا. ففي الصين مثلاً اختيرت الكلاب؛ ربما لأن أواصر المودة منقطعة بين الصينيين والكلاب (على الرغم من أن بعض الصينيين يأكلونها). وفي أستراليا تستخدم الأرانب في تجارب إطلاق الرصاص نظراً لكثرة أعدادها بحيث صارت مثاراً للإزعاج خاصة لدورها في القضاء على المحاصيل الزراعية. وتستخدم الخنازير في أوروبا وأمريكا لأن أحشاءها تشابه  أحشاء الإنسان إلى حد كبير.
وليس من ضرب الخيال أن الممثلين الذين يتلقون الطلقات النارية في مسلسلات التلفزيون وأفلام السينما يقعون مباشرة إلى الأرض، بل إن ذلك يحدث فعلاً في كثير من الإصابات الحقيقية. لماذا يحدث ذلك إذن ونحن نعرف أن غياب الوعي (بسبب فقدان الدم وبالتالي نقص تزويد الدماغ بالأوكسجين) يحتاج إلى عشر ثوان على أقل تقدير؟ ربما يكون ذلك تأثيراً سيكولوجياً (نفسياً) محضاً، يحدث حصرياً لبني البشر ولا نراه في الحيوانات لأنها ببساطة لا تعرف أنها أصيبت بطلق ناري، ولهذا لا تقع إلى الأرض مباشرة بل تستمر فيما كانت عليه لعدة لحظات. الغزال المصاب برصاصة في القلب يستمر في العدو لمسافة أربعين أو خمسين متراً قبل أن يسقط إلى الأرض.
 هذه الحقيقة يعرفها صائدو الحيوانات المفترسة فيحرصون على عدم الوقوف قربها لحظة إطلاق النار عليها حتى  لا تؤذيهم  خلال الثواني القليلة الفاصلة بين الإصابة ووقوع الحيوان.
مما يؤيد التفسير السيكولوجي لما تقدم أن بعض الأشخاص الذين تطلق عليهم النيران فتخطئهم أو تصيبهم بشكل سطحي غير قاتل، يقعون إلى الأرض مباشرة في حالة إغماء أو شبه إغماء، ولم يلاحظ ذلك بطبيعة الحال على الحيوانات لانعدام الدور النفسي بسبب عدم الإدراك.
وقد أجريت تجارب على الحيوانات في محاولة لمعرفة صحة نظرية أخرى حول دور الاستثارة العصبية في إحداث الموت دون علاقة بالتلف الفعلي الذي تسببه الإصابة بالمقذوف، إلاّ أنها لم تصل إلى نتيجة قاطعة.
يزعم مؤيدو النظرية العصبية أن (فجوة التمدد المؤقتة) التي يُحدثها المقذوف الناري في الجسم هي مصدر التأثير العصبي. عندما تخترق الرصاصة الجسم تسبب فجوة كبيرة في الأنسجة حول مسارها نتيجة موجة ارتجاج قوية، ولا يمكن مشاهدة هذه الفجوة لاحقاً لأنها تنشأ وتختفي خلال جزء من الثانية. تلك الفجوة المؤقتة تؤدي إلى انفعالات عصبية عنيفة تعطل الجهاز العصبي المركزي. وكل ما زادت سرعة المقذوف عظمت قوة موجة ارتجاجه، وكبر حجم الفجوة التي يحدثها داخل الجسم، وارتفعت فعالية المقذوف أو ما يعرف بقوة الإيقاف.
ولقياس قوة إيقاف المقذوف يتعين قياس اتساع (فجوة التمدد المؤقتة) التي يحدثها، ولذلك اخترع الباحثون (شبيه النسيج الإنساني) لإجراء التجارب عليه. يصنع شبيه النسيج من الجيلاتين الشفاف، ويشكّل في قوالب مستطيلة أو مربعة، ثم يُجعل هدفاً لإطلاق الرصاص. على عكس الأنسجة الإنسانية، لا تنغلق الفجوة التي تحدثها الرصاصة في الجيلاتين؛ ولذلك يمكن مشاهدتها ودراستها.
وعلى غرار الجيلاتين الغذائي؛ يُصنع هذا الجيلاتين من عظام الأبقار وغضاريف الخنازير، بيد أنه أشدّ اكتنازاً وأغلظ قواماً (هذه المعلومة قد تثني الناس عن تناول المواد الغذائية التي يدخل في مكوناتها الجيلاتين تجنباً لأكل الخنزير أو خشية الإصابة بمرض جنون البقر). هذا النوع من الأبحاث لا يهتم بإنقاذ حياة الإنسان؛ بل على العكس تماماً، فالهدف الرئيس من تطوير (قوة إيقاف المقذوف) هو جعله أشد فتكاً.
ربما يبرر البعض أن في قتل الأشرار إحياء للأخيار، ولا أستطيع أن أخالفهم الرأي. ولزيادة قوة الفتك تصنع أنواع خاصة من رصاص البنادق، من بينها الرصاص ذو المقدمة المقعرة أو الفارغة الذي يتمدد ويتفتت بمجرد ملامسته للهدف فيحدث أكبر قدر من التلف الداخلي في الجسم. الغرض الآخر من هذا النوع من الرصاص ألا تنفذ الرصاصة إلى الجهة المقابلة من الهدف، أو ترتد إذا أخطأت الهدف وارتطمت بجدار مثلاً، لأنها قد تصيب الأبرياء في الحالتين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

القبض على عشرات المتسولين والمخالفين لشروط الإقامة في بغداد

لهذا السبب.. بايدن غاضب من صديقه اوباما 

في أي مركز سيلعب مبابي في ريال مدريد؟ أنشيلوتي يجيب

وزارة التربية: غداً إعلان نتائج السادس الإعدادي

التعليم تعلن فتح استمارة نقل الطلبة الوافدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram