TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شعار المفوضية الجديد: من غشّنا منّا!

شعار المفوضية الجديد: من غشّنا منّا!

نشر في: 2 مارس, 2014: 09:01 م

 ما كانت المفوضية العليا للانتخابات في حاجة لتناول مشروب طاقة أو إجراء تمارين إحمائية، كيما تتعبأ بقدر من الشجاعة يمكنها معه الإعلان على لسان المتحدث باسمها عمّن يكون الشخص الذي من أجله استبعدت المفوضية مرشح التحالف المدني الديمقراطي، النائب السابق مثال الآلوسي، من السباق الانتخابي وحرمته من حق كفله الدستور له ولكل عراقي.
المفوضية قالت إن "مجلس المفوضين قرر استبعاد النائب (السابق) مثال الآلوسي من الانتخابات بسبب ورود شكوى بحقه حول تصريحات أدلى بها عبر وسائل الإعلام تمسّ مرشحين وألفاظ غير صحيحة وهو عكس ما يجب أن يتحلى به المرشح". وأضافت أن القرار استند الى "وثائق وأدلة مدعومة تقدم بها المشتكون"، وان "الآلوسي تحدث بكلام غير مقبول وغير صحيح على مرشحين قسم منهم على مستوى كبير في الدولة وهذا إخلال بشروط المرشح".
السيد الآلوسي معروف بانه لا يداور ولا يناور في أحاديثه وتصريحاته.. انه يسدد في المرمى مباشرة.. ينتقد صراحةً رئيس الحكومة والحكومة والوزراء وعموم الطبقة السياسية المسؤولة عن هذا الخراب العميم المتواصل بعناد عجيب، والذي لا يشبهه إلا ما خلّفه لنا صدام من خراب شامل، وهذا حق كفله له الدستور (حرية التعبير). واذا كان السيد الآلوسي قد تجاوز في أحاديثه وتصريحاته القوانين السائدة فكان الأولى برئيس الحكومة أو غيره ممن انتقدهم الآلوسي أو "تطاول" عليهم فاشتكوه لدى المفوضية، أن يشتكوه لدى محكمة قضايا النشر والاعلام التي أنشئت خصيصاً لمعالجة القضايا من هذا النوع.
لنفترض أن الآلوسي بتصريحاته التي عنتها المفوضية وجعلتها أساساً لقرارها باستبعاد المرشح الديمقراطي، قد أخلّ بشرط حسن السير والسلوك المطلوب للانتخابات، فماذا تقول المفوضية في مرشحين يمارسون الاحتيال؟ هل الاحتيال من حسن السير والسلوك في نظر المفوضية؟
معاجم اللغة تفسّر الاحتيال بالغش والمحتال بالغشاش، والغش سلوك شائن مذموم ومنبوذ، والدليل على هذا ان النبي محمد ذمّ الغش وتبرأ من الغشاشين، فهو القائل "من غشنا فليس منا".
المفوضية حذّرت خلال الشهرين الاخيرين جهاراً نهاراً من خرق النظام الانتخابي والبدء بالدعاية للمرشحين والقوائم والكيانات قبل الموعد الرسمي لانطلاق الحملات الدعائية، وأكدت غير مرة انها ستتخذ اجراءات رادعة في حق المخالفين، بما في ذلك الحرمان من خوض الانتخابات.
مئات المرشحين وقوائمهم وكياناتهم خرقوا النظام واطلقوا حملاتهم الدعائية، ولجأوا في ذلك الى الحيلة، أي الغش، فبحجة دعم القوات المسلحة والتنديد بالإرهاب والحضّ على تسلّم البطاقة الانتخابية وسوى ذلك، نشر هؤلاء المرشحون صورهم ولافتاتهم في الشوارع والدرابين طولاً وعرضاً. وقد وصف رئيس الادارة الانتخابية في المفوضية السيد ذلك بانه "التفاف وخرق للانظمة والاجراءات التي وضعتها المفوضية"، طالباً وقفه في الحال.
لو كانت المفوضية مستقلة حقاً وفعلاً ما استبعدت الالوسي الذي مارس حقه الدستوري في التعبير عن رأيه، ولجعلت الاستبعاد جزاءً لمن خرقوا انظمتها واجراءاتها ومارسوا الاحتيال (الغش) .. هؤلاء أولى بالاستبعاد، فاذا كانوا الآن يمارسون الاحتيال (الغش) علناً، ما الذي سيفعلونه عندما يصبحون أعضاء في مجلس النواب ومن أرباب السلطة والنفوذ؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. مسلم علي

    أستاذ عدنان أصبت الحقيقة ولكن كما يقال اذا عرف السبب بطل العجب فالجميع يعلم ان المفوضية غير مستقلة وهي تحت جناح الحكومة منذ ان تأسس مجلسها الجديد لذلك تأتمر بأمر الحزب الحاكم وتنفذ الأوامر بالاستبعاد وإلغاء الاستبعاد بالهاتف فقط .. من هنا ليعلم الجميع خطو

  2. فاروق ابراهيم

    المفوضيه (المستقله) لديها تعليمات(من فوك) غليها الالتزام بها و الا تمسح منها صفة مستقله وهي ان لاتعترض غلى أي مرشح للبرلمان عندما يكون حراميا محتالا سيء السلوك له سجل جنائي كل هذا غير مهم عليها فقط ان تعترض بشده على كل من يتغرض للسلطان وبطانته من بغيد او

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram