TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > القاصرات في السعودية و"العراق"

القاصرات في السعودية و"العراق"

نشر في: 3 مارس, 2014: 09:01 م

في وسعنا ان نتفهم قبل بضعة اسابيع على الاقتراع، المأزق الذي يعيشه حزب الفضيلة، فقد انعدم تأثيره السياسي وصار مجرد حمل وديع في جلباب المالكي طيلة الدورةالبرلمانية الراهنة، وهو جائع لمنجز في اوساط جماهيره، اذ لم يرد اسمه في الاخبار طيلة ٤ اعوام، الا حين يغادر مئات "الداعشيين" سجوننا الحصينة، بسهولة نادرة، وكأنهم مفرج عنهم. وحتى حين يحاول وزير "الفضيلة والعدل" التنصل عن المسؤولية، فإنه يخوض في تلعثم رهيب، ويتهم المالكي وايران بتسهيل هروبهم لحسابات سورية، ثم يعود حين تثار الضجة، محاولاً تخفيف اثر تصريحه او اعترافه او تلعثمه، فيزيد الاطيان بللاً ويقول ان ذلك كان "رأيه وحدسه، الذي لا يستند على معلومة" معتذراً بذلك الى المالكي، الحليف الذي لا امل ل"الفضلاء" الا برضاه عنهم.
ولكن لماذا تتحول عملية الخلاص من مأزق انعدام الرصيد الانتخابي، الى تلعثم متواصل؟ وكيف ظن الحزب ان ترميم صورته المبددة، يكون عن طريق مشاغلة المجتمع بقصص من قبيل تزويج بنت التاسعة، بينما الناس يموتون مدنيين وعساكر في الانبار، والدولة مهددة بالافلاس، والجمهور عازف عن الاقتراع، والمالكي بمليون جندي، حائر بالخطة البديلة غداة انتخابات هي بمثابة تحشيد لعزله؟
ان الامر اكبر من الخدعة القديمة لكاهن يحاول ان يشغل الناس بشؤون السماء والدفاع عن الله، كي ننسى شؤون الارض والدفاع عن الانسان.
وأكثر من ذلك فإن الوزير وحزبه، يثيرون قضية تطبيق الشريعة، في توقيت وطني خاطئ، وفي لحظة شعور عال بالمسؤولية ابدته معظم مراكز القوى الدينية في العراق، حيث انخرطت في سياسة تصالحية مع الاتجاه المدني وتبنت قناعة بأن مشاكل البلاد لا تتحمل فتنة اضافية لاستعادة جدل قديم حول تطبيق الشريعة، في بلد متعدد ثقافياً. وبينما تتحدث مرجعيات عليا في النجف واحزاب دينية مثل المجلس الاعلى والتيار الصدري، عن ضرورات التوافق وآليات المشاركة السياسية، وضرورات بناء صيغ تعايش بين العلماني والديني، لمنح البلاد جرعة سلام، فإن "افندية" حزب الدعوة وحزب الفضيلة، لم يتركوا فرصة خلال السنوات الماضية الا وأثاروا فيها حكاية الفتاوى المتشددة، وضرورة اخضاع المجتمع للسلفية المتطرفة. ان التوقيت الوطني الخاطئ، الذي يدركه عقلاء التيار الديني، يتقصده افندية المالكي والفضيلة، في اطار المتاهة السياسية التي فاقموها، رافضين سماع نصح او كلمة تعقل، في كل المجالات. وهذه الخصيصة، هي "سوس البلا" في كل التدابير الخائبة التي ضيعتنا.
اخيراً حاولت ان اتصفح قوانين دولتين دينيتين عرفا بالتشدد، لأقارن سن الزواج لديهما، بما طمح اليه اطراف صفقة "الفضيلة والدعوة"، فوجدت ان صاحبنا يضع للانثى ٩ سنوات هلالية، بينما تضع ايران ١٣ سنة شمسية، اي ان الفرق هو نحو خمس سنوات!
اما السعودية "الوهابية المتشددة" التي نسخر من تشريعاتها، فقد منعت تزويج البنات دون سن السادسة عشرة، ووضعت استثناء صعباً، فقد تضمن الإذن بزواج من هي دون السن، استكمال ضوابط معقدة، مثل إحضار ولي الفتاة تقريرا من لجان مختصة تتكون من اختصاصية نساء وولادة، واختصاصية نفسية، واختصاصية اجتماعية، لاستصدار تقرير يثبت اكتمال الصغيرة من الناحية الجسمية والعقلية، وأن زواجها لا يشكل خطرا عليها.
ان من الواضح حجم الارتباك في مشروع قانون "الفضيلة والدعوة" الى درجة ان واضعيه لم يكلفوا انفسهم اجراء حوار "ديني - ديني" قبل طرحه على البرلمان، او المقارنة حتى بإيران والسعودية، ولهذا فإن الاعتراض على الوزير جاء واسعاً ومن جبهة متنوعة، ولم يحصل على اي تعاطف.
انه لبلد غريب، يعدم فيه الحزبيون، الحيلة لتسويق انفسهم امام الجمهور، الا بما يثير الاسف او السخرية، ويسيل الدم ويضاعف الكلفة الوطنية. اما اطرف تعليق سمعته من الاصدقاء، فهو ان على اسلاميي السلطة ان يرفضوا تطبيق الشريعة، لانها ستحكم فوراً بقطع أيدي كثير منهم، لم يتورعوا عن سرقة الاحلام والمصائر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 7

  1. هدى عبد الله أحمد

    آه يا اخي الكريم عن كم إشكالية تثير غبار الاسئلة عن المسكوت عنه من الحالات السلبية التي جلبها سياسيو المحاصصة لم يبق لنا سوى قانون الشمري المثير للجدل والذي يعكس حجم التخلف التشريعي في عراق اليوم الذي ينوء بجملة من المشكلات المعقدة السياسية والامنية والاق

  2. د. سمير البغدادي

    لن أناقش قانون السمري ، لانه لا يستحق المناقشة ، واجد ان على كل العراقيين وخاصة المرأة العراقية ان تخرج للشوارع وتمدد پهذا القانون المهزلة . ولا يقبلون فقط بإلغاء القانون ولكن بإرغام الحكومة بإقالة الوزير من منصبه . وعلى حزب الفضيلة ان يفصل الوزير من صفوف

  3. ابن اليعقوبي

    هو اصلا الشيخ اليعقوبي ليس مجتهد ولا عالم بل يدعى العلم اللهم العنه لعنلا وبيلا

  4. مصطفى سعد

    رائع استاذ سرمد ...

  5. انتهاك حقوق الانسان

    لايسعنى سوى التعليق ب ههههههههههههههههههه على قانون الشمري مهزلة المهازل ليش انتو بقيتوا شباب للزواج لو ترديدون تجوزون لانفسكم الزواج من القاصرات عيب والله عيب هذا الانحدار

  6. المدقق

    ارجو من كاتب المقال وكل الذين علقوا عليه ان يجيبوني على السؤال التالي .. كم كان عمر السيدة عائشة عندما تزوجها الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم ..؟؟؟؟

  7. ياسين عبد الحافظ

    قبل اكثر من 15 عام سمعت قصةمن احدى الاذاعات الاجنبية عن حادثة وقعت فى احد مخيمات اللجوء الاسترالية للاجى عراقى قام بنحر نفسه امام لجنة للصليبر الاحمر كانت فى زيارة للمعسكر وذالك احتجاح على سوء المعاملة وخيبة الامل بعد مشوار اللجوء فى ذالك الوقت

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: ماذا يريد سعد المدرس؟

العمودالثامن: الخوف على الكرسي

العمودالثامن: قضاء .. وقدر

العمودالثامن: لماذا يطاردون رحيم أبو رغيف

لماذا دعمت واشنطن انقلابات فاشية ضد مصدق وعبد الكريم قاسم؟

العمودالثامن: أين لائحة المحتوى الهابط؟

 علي حسين لم يتردد الشيخ أو يتلعثم وهو يقول بصوت عال وواضح " تعرفون أن معظم اللواتي شاركن في تظاهرات تشرين فاسدات " ثم نظر إلى الكاميرا وتوهم أن هناك جمهوراً يجلس أمامه...
علي حسين

كلاكيت: رحل ايرل جونز وبقي صوته!

 علاء المفرجي الجميع يتذكره باستحضار صوته الجهير المميز، الذي أضفى من خلاله القوة على جميع أدواره، وأستخدمه بشكل مبدع لـ "دارث فيدر" في فيلم "حرب النجوم"، و "موفاسا" في فيلم "الأسد الملك"، مثلما...
علاء المفرجي

الواردات غير النفطية… درعنا الستراتيجي

ثامر الهيمص نضع ايدينا على قلوبنا يوميا خوف يصل لحد الهلع، نتيجة مراقبتنا الدؤوبة لبورصة النفط، التي لا يحددها عرض وطلب اعتيادي، ولذلك ومن خلال اوبك بلص نستلم اشعارات السعر للبرميل والكمية المعدة للتصدير....
ثامر الهيمص

بالنُّفوذ.. تغدو قُلامَةُ الظِّفْر عنقاءَ!

رشيد الخيون يعيش أبناء الرّافدين، اللذان بدأ العد التّنازلي لجفافهما، عصرٍاً حالكاً، الجفاف ليس مِن الماء، إنما مِن كلِّ ما تعلق بنعمة الماء، ولهذه النعمة قيل في أهل العِراق: "هم أهل العقول الصّحيحة والشّهوات...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram