الاجتثاث ابتكار اميركي ظهر في الساحة العراقية بعد غزو القوات الاميركية للبلاد، اكتسب شرعيته من دعم الحاكم المدني بريمر، المعروف بقراراته المثيرة للجدل، وادى تنفيذ اجراءاته بإلقاء ظلاله القاتمة على المشهد السياسي، ومن تداعياته انه مازال يعد سببا في اضطراب الأوضاع الأمنية، بفعل غياب التطبيق الصحيح لمتطلبات المرحلة الانتقالية من الديكتاتورية الى الديمقراطية، وبحسب الناشطين بهذا الشأن، والمعنيين باقامة نظام ديمقراطي، فانهم يرون ان السنوات التي أعقبت سقوط النظام الديكتاتوري لم تشهد مايشير الى اتخاذ خطوات اجرائية لغلق ملف إنصاف الضحايا، ومقاضاة من كان سببا في الحاق الأضرار بهم، والعمل في هذا المجال الحساس بوصفه احد المظاهر البارزة في العراق خضع للثأر والانتقام، في ظل غياب تشريعات لبناء مؤسسات تمنح لقادة المرحلة الانتقالية من المسؤولين والسياسيين صلاحيات ضمان التطبيق الأمثل للقانون لتحقيق العدل والمساواة في المجتمع، وإلغاء تركة ثقيلة، خلفتها ممارسات النظام الشمولي.
لعنة الاجتثاث في العراق استخدمت ورقة جاهزة من قبل بعض الجهات المتنفذة للإطاحة بالخصوم، وشاع تداولها في معظم الدوائر الحكومية، وعلى سبيل المثال فان الكثير من كوادر الوزارات العراقية ابعدوا من عملهم بذريعة الانتماء السابق لحزب البعث، وخير مثال على ذلك ان شركة الخطوط الجوية العراقية استعانت بطيارين مصريين ومنحتهم امتيازات ورواتب ضخمة ليشغلوا فراغا تركه طيارون عراقيون، فقدوا وظائفهم وبعضهم استقبلته دول خليجية للعمل في شركات طيرانها، ففقد العراق خدمات العشرات من هؤلاء بقرارات اعتمدت تقارير أشارت الى انهم كانوا من اعضاء حزب البعث المحظور، ويتبنون مواقف لا تحترم ممارسة الشعائر والطقوس الدينية، ولعل اغرب تقرير كتب بحق مهندس نفط في محافظة كركوك انه يتعاطى الخمر و"يبول واقفاً " وأوصى التقرير المستند الى مشاهدات على الأرض ان المهندس لا يستحق الترشح لشغل المنصب الجديد، بهذا النوع من التقارير وغيرها يتم التعاطي في العراق مع متطلبات المرحلة الانتقالية، ومن يبدي الاعتراض فليضرب رأسه بالحائط، او يبحث عن بلد اخر للعمل والإقامة والتخلص من اجراءات الاجتثاث من الحياة.
نشاط هيئة المساءلة والعدالة الجهة المستقلة المعنية بتطبيق اجراءات الاجتثاث تتوجه اليها الأنظار كل اربع سنوات، وكأنها سنة كبيسة، فالمرشحون لخوض الانتخابات التشريعية ينتظرون قراراتها بتوجس، وبعضهم ينتابهم القلق والمخاوف من امكانية الإبعاد، ولطالما اعلن سياسيون اعتراضهم على قرارات الهيئة لاعتقادهم بانها لا تنسجم مع الرغبة في إقامة نظام ديمقراطي في اشارة واضحة الى سعي الجهات المتنفذة لاستخدام القضاء للإطاحة بالخصوم.
مفوضية الانتخابات اعلنت تمسكها باستقلاليتها، مؤكدة تطبيقها القرارات القضائية بحق المجتثين بكل عناوينهم سواء كانوا من اعضاء حزب البعث او معارضيه، وفي ضوء ذلك دعا احد رجال الإعلام في العراق الى تشكيل قائمة "المجتثين" للإصلاح تأخذ على عاتقها تطبيق وتنفيذ متطلبات المرحلة الانتقالية، قبل ان يتسع ويتضاعف نشاط كتاب التقارير ودمتم للنضال.
قائمة "المجتثون" للإصلاح
[post-views]
نشر في: 3 مارس, 2014: 09:01 م