TOP

جريدة المدى > منوعات وأخيرة > بيت المدى يستذكر العلامة عبد الكريم الماشطة رجل السلام الاول فـي العراق

بيت المدى يستذكر العلامة عبد الكريم الماشطة رجل السلام الاول فـي العراق

نشر في: 19 أكتوبر, 2012: 07:23 م

أقام بيت المدى للثقافة والفنون في شارع المتنبي أمس الجمعة حفلا استذكاريا للشيخ العلامة عبد الكريم الماشطة بمناسبة ذكرى وفاته الثالثة والخمسين. قدم لحفل الاستذكار الإذاعي لطيف جاسم الذي أشار إلى أن العلامة عبد الكريم الماشطة ولد في الحلة بمحلة جبران سنة 1881، ودرس الفقه في النجف الأشرف وكان يدعو إلى التحرر والتجديد.  
كان أول المتحدثين نائب رئيس مجلس السلم والتضامن العراقي نجيب محي الدين الذي قال خلال كلمته "إن الشيخ الماشطة شخصية وطنية وديمقراطية جليلة، وهو من مؤسسي حركة السلام"، مثمناً احتفال المدى بهذه الشخصية الوطنية الكبيرة.

جلال الماشطة: استذكاره دعوة للنهوض من الركام بعد عقود الاستبداد
بعدها تحدث الدكتور جلال الماشطة الذي وصف استذكار الشيخ عبد الكريم الماشطة بأنه ليس تبجيلاً لإنسان كرس حياته وسخر معارفه لخدمة الناس، بل انه مناسبة للدعوة إلى أفكار يمكن أن تعين مجتمعنا على النهوض من الركام الذي خلفته عقود الاستبداد، ومعالجة المعضلات الكبار التي تواجهنا منذ سنوات.  وأضاف: أن أفكار الاعتدال التي نادى بها الشيخ عبد الكريم الماشطة ومن سبقوه ورافقوه من رجالات الفكر والدين والسياسة، إذا ما غدت ناظماً ومحوراً لحياتنا الراهنة فأنها سوف تساعد، بالتأكيد على تعجيل حركة المجتمع والبلد نحو استقرار ليس عماده الأمن فقط، بل التفاهم ومواءمة المصالح والقبول بالآخر نداً وشريكاً، والسير على طريق الحداثة والتقدم، وتابع الماشطة: لقد كان الشيخ على عمق معارفه وسعة مداركه، مثالاً للتواضع والزهد، وأذكر أنني كنت بعد انتقال عائلتنا من الحلة إلى بغداد، أعود لأمضي العطلة الصيفية في أحضان مدينتي الجميلة، وأقضي أياماً في بيت الشيخ الذي لم يكن يبخل بوقته في التعاطي مع ابن أخيه الغرّ، وكان يختار لي ما قرأ، من مجلات وكتب بما يناسب مداركي القاصرة.
وتذكر الماشطة: انه في أواسط الخمسينات كان الشيخ عبد الكريم معتقلاً في السراي ببغداد وأفردت له غرفة فيها مروحة، وهو آنذاك ترف ما بعده ترف، وخصص له شرطي لمرافقته (أو مراقبته)، وبعد أيام اقتحم مدير المركز الغرفة معاتباً الشيخ: تريد تسوي شرطتنا شيوعيين؟ فاستغرب الشيخ وسأل عن سبب هذه الغضبة فأجاب المعاون بأن الشرطي اختلت موازينه حينما رأى الشيخ المهتم بالشيوعية منكباً على قراءة القرآن وأداء الصلوات. وفي نهاية حديثه أشار الماشطة إلى أن الشيخ كان يقدم أمثلة تبسّط أفكاراً ومبادئ سامية في الدين والحياة، ويسعى إلى نشرها بين الناس، مؤمناً إيماناً راسخاً بأن النخب الفكرية والسياسية ينبغي أن تؤثر في المجتمع ليس من خلال التعالي عليه بل عبر التداخل والتفاعل معه.

ناجح المعموري: أحد رموز فكر النهضة العربي الحديث
وأشار الباحث ناجح المعموري إلى أن عبد الكريم الماشطة واحد من الشخصيات الثقافية والدينية والاجتماعية والسياسية البارزة ليس فيه مدينة الحلة فقط وانما في العراق والوطن العربي، وهو يمثل أحد أهم الرموز التي اشتغلت في مجال فكر النهضة العربي الحديث.
أصدر الشيخ الماشطة عام 1959 كُتيباً طبع في مدينة الناصرية تحت عنوان (الشيوعية لا تتعارض مع الإسلام والقومية). وأضاف المعموري: الشيخ عبد الكريم الماشطة كان في مشروعه السياسي واضحاً، وان الشعارات التي رفعها الشيخ رفاعة الطهطاوي وتسلمها عبد الكريم الماشطة وأكد عليها في محاضراته وفي المنتدى الذي أسسه وأنتج عددا من الأسماء المهمة في مدينة الحلة حيث أكد الشيخ الماشطة على الحرية والعدل والمساواة وضرورة الانتباه لأهمية وخطورة الثقافة متعاملاً مع التجربة العصرية بوصفها نموذجاًً للعمل المهني الحر، ودعا إلى فك الاشتباك ما بين الثقافة والسلطة وبسبب هذه الدعوات الوطنية، تعرّض الشيخ الى المحاكمة والسجن وتم إغلاق مجلة (العدل) التي لم يصدر منها إلا عدد واحد.

أحمد الناجي: العلمانية لا تشغل مركز الصدارة في فكر الماشطة
وأكد الكاتب والباحث أحمد الناجي والذي اصدر كتابا عن العلامة عبد الكريم أن العلمانية لا تشغل مركز الصدارة في فكر الماشطة، وانه لم يشر إليها بصريح العبارة، ولم يبح بها علانية، ولكنها كانت فكرة في اساس تفكيره، وهي تحصيل حاصل لمضامين أطروحاته، وانه قام بدور معين من التنظير لها، بدءاً من دعوته الى الحريات مروراً بنظرته الى العدل والمساواة وانتهاءً بالتعويل على العقل وتقديمه على النقل، وأضاف الناجي: فعندما نطالع ما كتبه الشيخ الماشطة من أفكار في مجلة العدل نجد بأن المقالة الأولى هي بعنوان (العدل)، ويكفينا العنوان وحده لمعرفة ما هو مبثوث بين سطورها عن العدالة الاجتماعية وقرينتها المساواة، يعضدها بمقولة للإمام علي (ع)، صوت العدالة الانسانية على حد تعبير جورج جرادق: (والله لأن أبيت على حسك السعدان مسهداً أو أجر في الأغلال مصفداً، أحب إلي من ألقى الله ظالماً). ثم يأتي على الحرية عنواناً للمقالة الثانية، ممهداً لها بمقولة مأثورة للإمام جعفر الصادق (ع) تفيد بأن: (كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي)، ومن ثم يمر برؤية ثاقبة على تفاصيل التفاصيل حول حقوق الإنسان والحريات الشخصية. وتابع الناجي: أما قضية العقل، فالشيخ الماشطة يقول: (العقل هو بمنزلة الرسول الباطن من الله تعالى كما ان النبي (ص) هو الرسول الظاهر.. فان ورد في الشريعة المقدسة حكم ظاهرة يخالف ما يقتضيه العقل وجب تأويله وحرفه على ظاهرة، أما إذا ورد ذلك برواية غير صحيحة فتطرح وتهمل ولا يعنى بها)، كذلك قال: (فاذا ورد على لسان الأنبياء (ص) ما ظاهره يخالف ما يحكم به العقل فلابد تأويله إلى ما يطابق العقل أو اهماله ان لم يصح النقل به).

طارق حرب: عبد الكريم الماشطة والغزّالي
أما المحامي طارق حرب فقد بين أن أوجه الشيخ عبد الكريم الماشطة لم تكن سياسية ولا دينية واجتماعية فقط ، فمن قرأ مقالته عن الإمام أبي حامد الغزالي ليجد أن الجنيد وبشر الحاتي ومعروف الكرخي وقبلهم الحلاج كان له مكانة في قلبه، إلا ان الشيخ عبد الكريم الماشطة دخل الى التصوف يقدم رجلاً ويؤخر آخر والسبب في ذلك هو أن الشيخ الماشطة مازال متأثراً بتأريخه الحضاري لذلك عندما انتقى لدراسة المتصوفة انتقى الأمام الغزالي لانه درس الفقه وتكلم بالسياسة فأجادها فجاء للتصوف وهو حامل رايتين راية الفقه وراية الفلسفة.وبذلك فقد اخذ الشيخ الماشطة برأي الغزالي.

معالم عبد الكريم الماشطة: لم يكن بالنسبة لي مجرد والد
وأشارت ابنته معالم إلى أن الشيخ عبد الكريم الماشطة لم يكن بالنسبة لها مجرد والد حنون وناصح حكيم ومرب فاضل بل انه كما للكثيرين من أبناء الحلة والعراق، كان إنساناً كرس حياته وعلمه ومعارفه من اجل قيم سامية آمن بها، قيم الانتماء إلى الوطن والتآخي بين أبنائه والمساواة الكاملة فيما بينهم وإنصاف كل منهم، وكان يعتقد اعتقاداً راسخاً بأن الفقر والاضطهاد الاجتماعي والانتقاص من كرامة أبناء آدم هي آفات يجب اقتلاعها وزرع بذور المحبة والوئام والسلام، وهذه المثل الرفيعة لم تكن مجرد شعارات براقة جميلة بل انه كافح من اجلها كفاحاً عنيداً، ولم يثنه إن درب الكفاح أدى به، وهو الشيخ الجليل المعمم، على دخول معتقلات النظام الجائر الذي كان يخشى هيبة الشيخ الذي يحظى بالاحترام والسمعة الطيبة بين أبناء الحلة الكرام.
كما إن الشيخ عبد الكريم الماشطة لم يكن له داخل عائلته موقف أو وجه يختلف عن ذلك الذي عرف به بين الناس، فهو كان منصفا بين الناس.
وأكدت انه وبرغم مرور أكثر من نصف قرن من الزمن على رحيل الشيخ عبد الكريم الماشطة، إلا أنها مازلت تشعر بغصة وألم حينما تستذكر ذلك اليوم الحزين.  وتابعت الماشطة: اليوم ازداد اقتناعاً بأن السنين لم تمح ذكراه ليس في نفوس اثنتين من بناته الباقيات على قيد الحياة أو في نفوس أقاربه وذويه وأصدقائه الكثار. واليوم أحس بالامتنان لأهل الحلة الكرام الذين ظلوا أوفياء لذكرى إنسان عشق هذه المدينة الجميلة المباركة وأحب أبناءها وبناتها، كما اشكر كل من ساهم من أبناء وطننا الغالي في إحياء ذكراه السنوية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

غادة العاملي: نجاح أي مؤسسة ثقافية يتطلب تخطيطاً مدروساً وأهدافاً واضحة

غادة العاملي: نجاح أي مؤسسة ثقافية يتطلب تخطيطاً مدروساً وأهدافاً واضحة

 بغداد / متابعة المدى وأدارت الجلسة الشاعرة غرام الربيعي، التي أكدت في مستهل حديثها على أهمية الدور الذي تؤديه المؤسسات الثقافية في العراق، مشيدةً بتجربة مؤسسة المدى ومركز كلاويز في ترسيخ الفعل الثقافي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram