يمارس الفنان العراقي " عاصم عبد الامير" لعبة الظل والضوء، والتلاعب الفني بمتناقضات رياضية متغايرة ،محاولا خلق الرموز التشكيلية ذات المثلثات، والدوائر، والمربعات، والخربشات العفوية الممزوجة بالعتمة والضوء، والتنوع الحركي المحبوك برؤية فنية عابقة بتراث
يمارس الفنان العراقي " عاصم عبد الامير" لعبة الظل والضوء، والتلاعب الفني بمتناقضات رياضية متغايرة ،محاولا خلق الرموز التشكيلية ذات المثلثات، والدوائر، والمربعات، والخربشات العفوية الممزوجة بالعتمة والضوء، والتنوع الحركي المحبوك برؤية فنية عابقة بتراث رافديني منقوش بصريا على لوحات تروي عراقيا لغة فنية تشكيلية تغمرها الألوان الحارة والباردة ، المفتوحة على الأزمنة الماضية والحاضرة والحداثة المعاصرة ، فالأبعاد في لوحات الفنان " عاصم عبد الأمير" تحفظ العمق الموضوعي للتخاطب الزمني المصبوغ طفوليا بذاكرة مجازية. رسمها عاصم بأسلوب ذي ميلودراما معاصرة ، تؤدي ذهنيا دورها في خلق تأملات تثير عند المتلقي الرغبة في المزيد من الاكتشافات. أو بالأحرى تحليل الرموز والحركة ، والضوء، والاستمتاع بموسيقى كل مفردة صاغها بتكنيك مدروس لونيا.
مفردات بصرية ذات أحجام وأشكال إيقاعية توحي بنظم لغة صامتة. تعتمد على الإيقاع اللوني ونغمة الخط المتقطعة التي تعتمد على الفكرة أو الايديوغرافيك ( deographic writin) ومن ثم يضعنا أمام دراما تصويرية طفولية تمثل المراحل الزمنية والمكانية، لذاكرة شعوب تحتفظ بتراثها الفني مع انعكاسات المشاعر الذاتية داخل لوحاته المؤطرة بأنماط ذي شيفرات عميقة المعنى. ليوحي بصدق المراحل القنية والتاريخية لبلاد الرافدين التي انطلقت منها ألوانه الجريئة الواعية نفسيا من حيث التأثيرات التجريدية الظاهرة على السطوح التصويرية ، المصبوغة بهواجس فنان يرسم خطوطه المستوحاة من سومرية الأشكال الرمزية المفتوحة الفضاءات التخيلية حيث العناصر الفنية تتفاعل مع بعضها البعض. لتظهر الفراغات ضمن الأبعاد الثلاثية التي تتراءى بشفافية مع طبقات اللون الممزوجة بتضاد تخيلي تارة حار يأخذنا نحو الخطوط الرمزية وتارة آخر بارد نحو الأزرق الطفولي الساكن مع حركات مخفية تحت طبقات اللون المختلفة بدرجات موجاتها الطولية.
يوظف " عاصم عبدالامير "خربشاته الفطرية، ليترجم مشاعره الذاتية في لوحة هي بمثابة نص قصصي أو وثيقة تاريخية أو مقطوعة زمنية لمرحلة لا تنسى من زمن الوطن أو الإنسان الباحث عن تراث اندثر، لكنه بقي في ذاكرة الزمن البصري حيث نستطيع استرجاع البراءة. لنضعها هندسيا ضمن أنماط فنية تشكيلية تخاطب الحواس، وتعصف بالوجدان مما يخلق فسحات بصرية تعكس جمال المعنى الرمزي المثير خياليا حيث يستعيد الوعي من خلال رسومات عاصم عبد الأمير ذكريات اللغة السومرية ومنحوتات انفصل عنها مكانيا الإنسان العراقي لكنه حمل بصماتها مع كل لون وخط كشف عن جمال توجه بصدق فني سردي له انطباعاته وتأثيراته على المتلقي رغم بساطته وتعقيداته في آن.
تتفاوت درجات الألوان من حيث نسبة الإضاءة والتعتيم . إلا أنها تتوازن بصريا رغم السماكة والكثافة، والرقة اللامتناهية عند الاقتراب من اللون الأبيض، واستراحاته الهادئة التي تختزل هندسيا التصميمات الهندسية التي تركها ضمن مفهوم رياضي تناقضي، يمنح اللوحة توهجات وانعكاسات تمتد طوليا لتشكل المساحات الأساسية فضاءات متناغمة هارمونيا مع الواقع والخيال ، والحسي ، والملموس، وكأنه بين الطفولة والنضج تائه عن مرحلة مفقودة ما زال يبحث عنها " عاصم عبدالامير" في ذاكرته المرتبطة بالعراق والتمسك فيه والهروب منه حيث الرمز واللغة السومرية التي تسمو مع الحركة التعبيرية الإيحائية المرتبطة بلحظة الولادة في كل شيء زمني.
يجمع " عاصم عبدالامير" بين الوعي واللاوعي من خلال مفهومين متناقضين الطفولي العفوي والساذج، والرمزي الواعي والمنبثق من حركة المثلثات، والدوائر، والمربعات، والمستطيلات، وخطوط المائلة، والعامودية، والأفق والتشابه المبني على سيمترية تحقق محاكاة خاصة تؤثر على المعاني المبهمة التي تركها بين الخطوط والنقاط والمبعثرة، والتوليفات الرؤيوية المتماسكة فنيا من حيث قياس اللوحة وانسجامها مع المساحة والسطوح التصويرية ذات التعبيرات الرمزية التي تلعب دورا مهما في تنشيط الذاكرة التراثية ، وتفعيل قدرات الذهن من خلال الألوان وأحجام كتلها المتناقضة التي تشبه البقع الضوئية المتناثرة على مساحة مظلمة. إلا ان الألوان في لوحات " عاصم عبدالامير" هي أحجام وكتل لها أبعادها القياسية الخاصة التي تتناسب مع المقاطع المنفصلة، وكأنها مربعات " بلوك لوجيك ( "(block logic حيث يمكن تفكيك اللوحة وفق مفهوم منطق اللون المستقل أو الحجم أو الرسومات ذات المعاني الذاتية فنحاول ترتيب اللوحة تبعا لذاتية كل متلق يجد نفسه داخل لوحات " عاصم عبدالامير " كطفل يعبث على جدار منزل أو يلعب بأشكال رياضية ديناميكية .
مربعات كنوافذ مفتوحة على أزمنة وأمكنة متعددة توحي بالقديم والجديد ، والطفولة والكهولة ، والكلاسيكية والحداثة، فالصياغات الفنية المغلقة والمفتوحة الأبعاد هي بمثابة علامات استفهام، ونغمات متقطعة لسمفونية حالمة نستحضر من خلالها العوالم القديمة، والطفولة النائمة لنلمس الازدواجية في طيات كل لون لامسه الأسود أو الأزرق أو الأحمر، حيث تطفو على السطوح الأشكال الهندسية المتآكلة أو المعتقة لونيا دون أن ينسى التلميح إلى الموروثات العراقية ، كالهلال مع مشاكسات للوجوه والخطوط اللولبية العبثية، وبهذا يجمع " عاصم عبدالامير" بين القديم والمعاصر، وبين والوعي واللاوعي التشكيلي.
أعمال الفنان العراقي عاصم عبدالامير أقيمت في غاليري أرجوان بالاشتراك مع الفنانين محمود شبر وفاخر محمد بالتعاون مع المركز الثقافي العراقي في بيروت.
جميع التعليقات 1
فاروق
يجمع عاصم عبدالامير بين الوعي واللاوعي من خلال مفهومين متناقضين الطفولي العفوي والساذج، والرمزي الواعي والمنبثق من حركة المثلثات، والدوائر، والمربعات، والمستطيلات، وخطوط المائلة، والعامودية، والأفق والتشابه المبني على سيمترية تحقق محاكاة خاصة تؤثر على