اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ماركس أول من دعا إلى خروج الفلسفة من شرنقتها

ماركس أول من دعا إلى خروج الفلسفة من شرنقتها

نشر في: 18 نوفمبر, 2009: 03:11 م

رزاق عداي إن انهيار جدار برلين خلال تشرين الثاني1989 كان حدثا رمزيا ضخما أشّر على منعطف كبير في تاريخ الانسانية فرمزه يكمن في إشارته الى تفكيك منظومة فكرية كبيرة، وبلوغها مستوى العجز في تحقيق الامل الذهبي. ان هذه المنظومة الايديولوجية (الماركسية) في تفككها هذا انما كان من الضخامة التي ادت الى خيبة امل جمعية وعميقة لملايين البشر
 الذين اودعوا حياتهم وتطلعاتهم ومصائرهم في سبيل التطلع لتحقيق اهداف شكلت حدا بين الحياة والموت. والحقيقة ان السرعة التي انتهت اليها احداث الانهيار الذي اصاب جسد الكتلة الاشتراكية وفي طليعتها الاتحاد السوفيتي السابق هو الذي جسد اس الصدمة، فلو كان الانحلال تدريجيا، فما كان مثل هذا الذهول.. لقد ظهرت الكثير من الدراسات في هذا الصدد، كما انعقدت العشرات من الندوات في كل انحاء العالم اهتمت بالتصدي للغوص الى الحقائق الفاعلة خلف هذه التداعيات. لقد اخذت هذه القراءات الجديدة شكل المقاربات او المراجعات لكل حيثيات الحدث الكبير، وعلى وجه الخصوص اخذت هذه الانشطة طابع المراجعة وتفحص الدرس للفكر الماركسي ذاته الذي شكل المنهج او الايديولوجية المهتدى بها في تسيير جميع آليات التطبيق الاشتراكي، باعتبار ان الكثير من المقولات الماركسية كانت تدعو الى ربط – الفكر- الفلسفة مع الواقع العملي ما يسمى(البراكنسس) فقد دعا ماركس الفلسفة على وجه الخصوص لا الى تفسير العالم فحسب انما تغييره، وهذه الاخيرة تعد احدى مقولات ماركس الشهيرة. كما انه على الضد من مواطنه المفكر لودفيغ فيورباخ الفيلسوف المادي الذي اكتفى بتجريد الانسان ماديا وعزله عن ان يختلط مع جدلية الواقع الاجتماعي والسياسي، اما بشأن ماركس فقد عمد وبقوة الى مزج المنظومة الفلسفية مع جدلية واقع الحياة الانسانية، فهو الفيلسوف الاوروبي الاول الذي دعا الى خروج الفلسفة من شرنقتها المفاهيمية لتندمج في مجرى الاحداث السياسية والاجتماعية واسس ليوتوبيا انسانية تزعم الواقعية وأحد شروطها الأساسية هي التحقيق وتشييد الواقع البشري الخالي من الاستغلال، كما انه تقاطع مع ملهمه الاول الفيلسوف هيغل الذي قدس الدولة، سيما الدولة البروسية، واعتبرها التجسيد النهائي للمطلق العام العادل والقادر على تنظيم الحياة الانسانية، اذ اعتبر (جمهورية بروسيا) نهاية التاريخ وفقاً لمفاهيمه، فمن خلال هذه الجمهورية أتم التطابق بين المطلق الفردي مع المطلق العام، عن طريق الاقتراع، والذي جسد الشكل الامثل للحرية الانسانية – جوهر الوجود الانساني وسمته. كل هذه التصورات الهيغلية تتقاطع مع فهم ماركس للدولة الذي يستند الى مفهوم نقدي صارم يعتبر الدولة مؤسسة او أداة عنف كبيرة تحقق مصالح طبقية معينة. لذلك كان المنهج النقدي هو المنهج الاساس او الجوهر في الفكر الماركسي عبر تشكيلاته الاولية، فدراسته النظام الرأسمالي اعتمد اداة النقد في تحليل هذا النظام، فكتاب ماركس الاساس (رأس المال) كان مبنيا استنادا الى هذه الاداة او وفقا لآلياتها. لقد قرأ ماركس النظام الرأسمالي وقوانينه الفاعلة خلافا لآدم سميث وريكاردو اللذين اكتفيا بتوصيف النظام الرأسمالي فقط من دون نقده مثلما جرى تطبيقه وفقاً لقراءات ماركس له. لقد كان(رأس المال) واحداً من أهم الكتب التي تصدت الى دراسة النظام الرأسمالي تحليلا ونقدا.فمفهوم(القيمة للسلعة) الذي عرّفها من قبل ريكاردو بأنها العمل المبذول لإنتاج سلعة فقط، اما الصيغة النقدية المهمة التي كرسها ماركس على هذا الصعيد فهي مفهوم(فائض القيمة) المتحقق من جراء هذه العملية، فقد حدد ماركس هذه الاضافة على وجه الخصوص، انها هي جوهر الاستغلال في النظام الرأسمالي، فلا غرو ان نجد الذين جاءوا في اعقاب ماركس والذين تبنوا آراءه كانوا يعتمدون على النقد والعنصر النقدي وكان هذا التقليد ماطبقه الماركسيون الأوائل حتى مدرسة فرانكفورت والتي سميت بالمدرسة النقدية، انطلاقا من تعاليم ومفاهيم ماركس، فالمؤسسون لهذه المدرسة(هوركهايمر،اديرنو، والتر بنيامين) كانوا ماركسيين أصلاء قلبا وقالبا، ولكنهم كانوا في الوقت نفسه ثائرين على مؤسسات البيروقراطية في التطبيق العملي للنظرية الماركسية. والحقيقة ان الوصية الكبرى التي اطلقها ماركس هي تعزيز مفهوم النقد تاريخيا خصوصا في حقب التطبيق العملي والدولتي لهذه النظرية، وهذا ناجم عن العقل الجدلي العميق الذي يتمتع به هذا المفكر، فمن البديهيات ان النظرية بدون نقد سوف تقود الزمان الى استاتيكية الافكار التي تحتويها، الى عدم قدرتها على استيعاب اندفاع معطيات الواقع الاقتصادي والاجتماعي على العموم، فالمفهوم اللاحق والذي ادى الى انتقاء النقد في الممارسة التطبيقية سيؤدي بالضرورة الى تكريس مفاهيم متولدة جديدة منها البيروقراطية والتي تعني تكلس النظرية وتحويلها من نظرية ديمانيكية فاعلة الى منظومة عقائدية جامدة(دغماتية). وهذا هو الذي حصل في حقب لاحقة من التطبيق العملي للنظرية الماركسية، لقد واجه القياديون الاوائل والمتخصصون الدقيقون لمفاصل الفكر الماركسي(لينين) مثلا الكثير من الامراض والآفات الفكرية والعملية والتي تسللت اثناء التطبيق لهذه الايديولوجيا. ولكن تيار البيرقراطية كان مستشريا وعلى اشده حتى تحول الفكر الماركسي في بعض الب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram