TOP

جريدة المدى > غير مصنف > كاريكاتير ماعدّاش على مصر!

كاريكاتير ماعدّاش على مصر!

نشر في: 18 نوفمبر, 2009: 03:45 م

محي الدين اللباد لفت رسامان شابان من العراق نظر جمهور "معرض الكاريكاتير العربي" المقام في باريس، الرسامان هما: "مؤيد نعمة" و "عبد الرحيم ياسر" المولودان في عام واحد هو 1951. وهذا التاريخ يعني انهما ولدا في السنة التي كان فيها "عبد السميع" يصول ويجول على اغلفة روز اليوسف التي رسمها بخطوط كرباجية بالاسود والاحمر،
وجعل منها هجاء مقذعا للملك فاروق وللفساد ولمصطفى النحاس رئيس حزب الاغلبية ورئيس الوزراء، وفضح ـ على هذه الاغلفة ـ خفايا صفقات الاسلحة الفاسدة خلال حرب فلسطين 1948. ويعني هذا التاريخ ايضا ان الرسامين كانا في سن الخامسة عندما صدرت مجلة "صباح الخير" مفرقعة المدرسة الجديدة في الكاريكاتير المصري وبالتالي العربي. وعندما كان "مؤيد" و "عبد الرحيم" في سن المراهقة المبكرة، كانت العلاقات المصرية العراقية في حالات شبه متصلة من التأزم، مما جعل انتظام وصول الصحف والمجلات المصرية الى العراق مستحيلا، اما حين مراهقتهما المتأخرة، فكانت "المدرسة المصرية" لم تعد هي "المدرسة المصرية بتاعة زمان". ولم يعد "عبد السميع" هو "عبد السميع زمان" و ـ بالطبع ـ كان "صلاح شاهين 67" غير "صلاح شاهين56". ومثلما فتح الرسامون الجزائريون عيونهم بعد الاستقلال (1962) على مدارس الكاريكاتير الفرنسية والبلجيكية، تفتحت عيون "مؤيد" و "عبد الرحيم" على مدارس اخرى، لعل اهمها كانت مدارس الكاريكاتير في بعض بلاد اوروبا الشرقية (المجر ـ بولندا ـ بلغاريا ـ يوغسلافيا). تلك البلاد التي مرت علاقاتها بوطن "مؤيد" و "عبد الرحيم" بعلاقات تحسن خاصة لسنوات طويلة فيما مضى. ومدارس كاريكاتير اوروبا الشرقية (التي نقصده هنا) ليست هي المدارس السائدة والغالبة في تلك البلاد، حيث يتغلب هناك ـ من ناحية التعداد والتواجد اليومي ـ كاريكاتير "الهاور" والزغزقة، وكاريكاتير البنات الرفيعات بالبكيني، وكاريكاتير العشيق تحت السرير، وكاريكاتير النفاق السياسي بأفكاره المتكررة المتوقعة، وهجائه، الميكانيكي للخصوم وحدهم، وكاريكاتيرات اخرى من النوع الذي، لا يودي ولا يجيب، لكن مدارس الكاريكاتيرات المعنية هنا على اقليتها ـ تتمتع بوجود مهم في بعض المجلات الثقافية في اوروبا الشرقية، وفي كتب الكاريكاتير التي تصدر هناك. وفي المهرجانات والمعارض الدولية للكاريكاتير. ويمكن تسمية كاريكاتير هذه المدارس: المثقف ـ الاسود ـ الذهني ـ العبثي ـ الجرافيكي (بدون كلام طبعا). ويتسم كاريكاتير اوروبا الشرقية (والكاريكاتير الذي تأثر به عندنا) بذكاء حذر من نوع جديد، لكي يتمكن من المشي على تلك الشعرة المشدودة بين التفاهة والزغزقة المطلوبة، وبين النتائج التي لا تحمد عقباها على يد السلطات (بضم السين وتشديدها). وقد ادى هذا الحذر الى ان يكون هذا النوع من الكاريكاتير مبالغا في التعميم، متفاديا للموضوعات والاحداث الراهنة، مركزا على الفرد الكالكاوي. وعلى الاشياء والمواقف التفصيلية في الحياة، واذا تناول السلطة، فهو يمثلها برموز غير محدودة للسلطان والقمع. ثم يترك هذا الكاريكاتير لقارئه متعة اسقاط ما فيه على من يشاء وما يشاء وكما يشاء! ومؤخرا بدأ التاثر بالكاريكاتير المذكور بين رسامي الكاريكاتير العرب المثقفين من الاجيال الجديدة ما بعد "صباح الخير" والذين درسوا الفن الاكاديمي الغربي، والذين لا يقنعون برسم الرسوم المؤقتة باحداث جارية، ولا بالانخراط في حملات البروباجندا السياسية التي تقررها السلطات المحلية. ولا بالتضحيك المباشر سريع التلاشي. وتجدهم ـ غالبا ـ وقد انسحبوا الى المجلات الشهرية او الاسبوعية. كما تراهم مترددين بين الغطس بالكامل في نهر الكاريكاتير بمتطلباته المختلفة (واولها ضرورة ولاء الرسام الكامل للمهنة). وبين جنة الفنون " التشكيلية" التي يقدرها ويهتم بها المثقفون وفئات خاصة من الجمهور. ففي بلادنا (اكثر من باقي بلاد الدنيا) تجد تلك "التشكيلية" احتراما مقدسا خاصا، وتوضع في مراتب اعلى بكثير من باقي "صنائع" الرسم، حتى وان كان ذلك "التشكيل" ضعيفا او غير اصيل. ويظل فنانو الكاريكاتير المثقف في بلادنا العربية حيارى ومترددين ومعزولين نسبيا تتنازعهم الرغبة في التواصل مع جمهوريهم العربي العريض المتحمس للذوق التقليدي في الكاريكاتير الذي يحتل كل المساحات في المطبوعات العربية الا قليلا، كما تتنازعهم الرغبة في التميز بالغموض الثقافي الذي يتمتع به التشكيل واشكال الادب الحديث، والاعلان عن تعففهم عن الانزلاق الى ارتكاب الكاريكاتير اليومي "ألعادي" والخوف من مغادرة المكانة "التشكيلية" الثقافية المطلوبة . ويتأثر هؤلاء الرسامون كثيرا بالترحيب الذي تلاقيه رسومهم من منظمي المعارض والمهرجانات الدولية، اكثر مما يلاقيه الكاريكاتير الذي يكون في الواقع المحلي وفي الاحداث الجارية المتعلقة به، او ذلك الكاريكاتير الذي يهجو سلطات محددة او سياسيات حكومية معينة. مما يسبب الغضب او الحرج لاصحاب المعارض والمهرجانات (انظر ـ على سب

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

انتشار مزارع المخدرات في العراق.. تهديد جديد يفاقم المخاوف الأمنية!

اقــــرأ: وصفات طعام بسيطة

مقالات ذات صلة

اقــــرأ: وصفات طعام بسيطة
غير مصنف

اقــــرأ: وصفات طعام بسيطة

صدر عن دار المدى كتاب "وصفات طبية بسيطة" تأليف مادلين ثين ترجمة علي عبد الامير صالح.. والكتاب مختارات قصصية تكشف حيوات واحاسيس اسر تمزقت بفعل الصراع بين الاجيال، والثقافات، والقيم التي تكافح الشخصيات فيها...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram