أشعة شمس الربيع مشرقة، في هذه البقعة من الأرض تجاه جسر ساراييفو المقوس، الشارع مزدحم مليء بالطلاب والمتسوّقين، وهناك قطعة معدنية على الجدار الحجري تشير إلى أهمية هذا المكان، ولكن لا احد يهتم بالأمر.والقطعة المعدنية تقول: (من هذا المكان، وفي الـ28 من
أشعة شمس الربيع مشرقة، في هذه البقعة من الأرض تجاه جسر ساراييفو المقوس، الشارع مزدحم مليء بالطلاب والمتسوّقين، وهناك قطعة معدنية على الجدار الحجري تشير إلى أهمية هذا المكان، ولكن لا احد يهتم بالأمر.
والقطعة المعدنية تقول: (من هذا المكان، وفي الـ28 من حزيران 1914، اغتال غافريلو برينسيب ولي عهد العرش النمساوي-الهنغاري، فرانز فيرديناند وزوجته صوفيا).
ولم تذكر هذه القطعة، ان الرصاصتين اللتين انطلقتا في تلك اللحظة من المسدس الاتوماتيكي أدتا إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى أسوأ نزاع وصراع وقتال في التاريخ الإنساني.
ومع اغتيال الارشيدوف فيرديناند، فان ذلك الشخص وهو غافريلو برينسيب ،وهو غافريلو أشعل فتيل الحرب العلمية الأولى التي كان عدد ضحاياها في خلال أربعة أعوام 16 مليون قتيل.
ومع ذلك فان ابن أخت برينسيب من الدرجة الثالثة فخور بتاريخ عائلته السيئ السمعة، وهو يدعى ايضاً غافريلو، الثالث في العائلة بهذا الاسم، ويقول، "انه بطل في نظري، بطل وطني، لقد أراد الحرية لوطنه والتحرر من المحتلين الأجانب، وأنا لم أجد مشكلة في حمل هذا الاسم".
وغافريلو في الـ 61من عمره، ورجل أعمال بارز، أمضى مرحلة من الدراسة في جامعة كيمبردج وهو يعيش في ساراييفو، ولديه منزل آخر في البوسنة، قرية براتيوناك.
ويقول، ان الحياة آنذاك كانت صعبة في تلك القرى الصغيرة القريبة من الحدود الكرواتية وكان غافريلو، طالباً في المدرسة عندما تم إلحاق البوسنة جزءاً من الإمبراطورية النمساوية-الهنغارية، مما أثار غضب الصرب.
وفي الـ15 من عمره، طرد من المدرسة لاشتراكه في الاحتجاج، وغادر بيلغراد والتحق بمجموعة سرية وهي "مالادا بوسنة"، تنتمي إلى حركة اليد السوداء الوطنية، وفي البداية تم رفضه بسبب صغره ونحوله، ولكنه لم ييأس بل انصرف إلى تعلم الرماية بالمسدس.
وقد صدر القرار باختياره كواحد من ثلاثة لقتل الارشيدوف فيرديناند، ولي عهد عرش هاببورغ والإمبراطورية، في خلال زيارته الرسمية إلى البوسنة عاصمة سراييفو.
وكانت الأوامر صادرة إلى الثلاثة، بالانتحار بعد ذلك، وتم تسليمهم سم السيانيد –ويمكنهم حمل الماء- وأيضاً القنابل اليدوية.
وبينما كانت السيارة تقل الارشيدوف وزوجته عبر الشوارع، مفتوحة الغطاء، حاولت منظمة الكف الأسود، مرات عدة اغتياله، ولكنها فشلت وفي مرة انفجرت قنبلة اطلقت على عربة الارشيدوف، ولكنها لم تقتل أحدا، وانتقل الراكبان الملكيان إلى سيارة أخرى بلا غطاء، وبعد نقاش حول الطريق توقفت الدراجات البخارية في شارع فرانز جوزيف خارج محل "شيللر" حيث كان برينسيب منتظراً،منتهزاً الفرصة، ثبت كالسهم عبر الحشود وأطلق عليهما من مسافة تقدر بأقل من مترين، مصيباً فرانز فيرديناند في الرقبة ،وأما زوجته في البطن.
وكانت الكلمات الأخيرة لزوجته صوفيا: "لا تموتي يا حبيبتي-عيشي من أجل أطفالنا"، ولكنهما توفيا لأن جراحهما كانت بليغة.
وتم سحب برينسيب بعيداً عن الحشود وتمت محاكمته مع متآمرين آخرين، وكان في الـ19 من عمره، في يوم الاغتيال وكان عمره آنذاك يقل بـ27 يوماً، عمّن تصدر بحقهم عقوبة الإعدام، ولذلك حكم عليه بالسجن 20 سنة.
وقد تم سجنه ضمن ظروف قاسية، وذلك بسبب اندلاع الحرب، التي كان سبباً في إيقادها، وأصيب بالسل وتوفي في السجن نيسان 28 عام 1918، وهو في الـ23 من عمره ووزنه ضئيل جداً.
توفي برينسيب بطلاً وطنياً.
عن: الديلي ميرور