ألين رينيه (91 سنة)، المخرج الشاعر حسبما وصفه ديرك بوغارد، بعد عملهما معاً في عام 1977، رغم اعتماده على سيناريو كتبه شخص آخر، أما الموضوعات التي تناولها في أفلامه فكانت ترتكز على الحروب، العلاقات الجنسية والأفكار أو النزوات التجريدية للذاكرة والزمن.
ألين رينيه (91 سنة)، المخرج الشاعر حسبما وصفه ديرك بوغارد، بعد عملهما معاً في عام 1977، رغم اعتماده على سيناريو كتبه شخص آخر، أما الموضوعات التي تناولها في أفلامه فكانت ترتكز على الحروب، العلاقات الجنسية والأفكار أو النزوات التجريدية للذاكرة والزمن.
وشخصياته في الأفلام بالغة (مع استثناء الأطفال ،إذ لا ذاكرة ذات تفاصيل لديهم)، يحترفون مهن الطبقة المتوسطة، وأسلوبه كان معقداً وخاصة في الحذف. كان يحيط نفسه بالممثلين والموسيقيين والكتّاب ذوي المواهب، وكانت النتيجة عملاً للنخبة دون اهتمام بالحقيقة أو المجتمع أو الفكر، علماً أن أفلامه تتناول الحرب ومنها: "ليل وضباب" و"الحرب قد انتهت"، وعندما عرض فيلمه الذي يستغرق عرضه نصف ساعة،"ليل وضباب" (1955) أثار آنذاك الناقد فرانسوا تروفو، واصفاً إياه، بأعظم الأفلام التي قدمتها السينما، وبعد عقود من الزمن، مايزال الفيلم الأكثر أهمية عن موضوع الهولاكوست. والنقد الوحيد الذي كتب عنه، تناول حذفه مئات الألوف من الشاذين جنسياً، الذين تعرضوا أيضا للمذابح، ومع ذلك فان تجاهله ذلك لم يقلل من أهمية العمل وقوته.
ونال الفيلم في حينه جائزة "جان فيغو"-1956، وسيبقى الفيلم قطعة فنية رائعة، ومن أفضل أفلام رينيه.
أما فيلمه الثاني فكان "العام الأخير في مارينباد" 1961، وكانت شخصيات الفيلم غامضة، وكذلك أسلوب السرد، ومع ذلك فإن المتفرجين اعتادوا مناقشة أفكاره الغامضة حول الجنس والعنف واللغة والمخدرات، وأثار هذا الفيلم غضباً وإعجاباً وذمّاً على أسلوب الإخراج.
ولد رينيه في فانينز، بريتانين لعائلة مرموقة.. والطفلة الهادئة المريحة، أتاحت له التفكير بالسنيما وهو في مرحلة الطفولة.
وكان يصوّر أعمالاً جيدة على أشرطة فيلمية 8 ملّم وبعد ذلك (16 ملم).. وقد اختار مدرسة الفيلم الفرنسي في (IDHEC). بباريس، بديلاً عن الجامعة، ولكنه تركها قبل ان ينهي الدراسة، بسبب تجنيده للجيش.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، قدم رينيه مجموعة من الأفلام القصيرة التي أنتجها على حسابه، من نوع 16 ملم وبعدئذ 35 ملم، ومنها دراسته عن الرسام فان كوخ (1948)، وكان عمره آنذاك 26 سنة، وواصل أفلامه القصيرة في السنوات الإحدى عشرة التالية، تحت عنوان "لوحات لفنانين"، ومن بينهم غوغان (1950) ودراسة عن لوحة غورنيكو لبيكاسو، وفي هذه المرحلة حرّر كتاب أغنس فارد، عام (1955) ،وبعد هذه الفترة من الكتابة غير المفيدة، والإخراج، قرر انه قادر على صنع فيلم روائي، وأخرج آنذاك "هيروشيماجبي" عام (1959) عن سيناريو لمارغريت دوراس، وأصبح الفيلم، الأكثر إثارة للآراء والأكثر مديحاً بعد فيلم أورسون ويلز "المواطن كين" وفاز بجائزة النقاد في نيويورك وفي مؤتمر كان للسينما.
والفيلم ذو السيناريو المعقد ومشاهد العودة إلى الخلف للتذكر، ومشاهد الجنس المتداخلة فيه جعلته ناجحاً، ويتحدث الفيلم عن ممثلة فرنسية (إيمانويل ريفا)، في علاقتها بالمهندس الياباني (إيجي أواكادا)، وتتذكر حبها لجندي ألماني في خلال الحرب العالمية الثانية.
وجاء بعد ذلك فيلمه الأقل إثارة وهو "العام الأخير في مارينباد" المستند إلى عمل لألين روب-غرييه، الذي فاز بالجائزة الأولى لأفضل فيلم في مهرجان فينيسيا عام 1961، وكانت بطلته ديلفين سيريغ في دورها الأول، وشاركت بعدئذ في فيلم رينيه الناجح، "موريل"-1963، وتسلمت جائزة التمثيل الأولى في مهرجان فينيسيا لذلك العام، وعلى الرغم من أن هذا الفيلم كان يختلف عن الذي سبقه تعقيداً وغموضاً، فهو يتناول أيضاً الذاكرة والعلاقات الغامضة، الماضي والحاضر.
وفي نهاية الستينات، كان لرينيه منصب كبير ضمن "الضفّة اليسرى للسينما" وهي حركة ضمت الفنانين ،مثل فاردا وكريس ماركو، ولكن أعماله القصيرة-أطلق عليها البعض الأفلام الأفضل –برهنت على صعوبة الفهم.
ومن أفلامه أيضاً (انقضت الحرب) في منتصف السبعينات، بطولة إيف مونتان، كثائر إسباني حذر، يعيش في باريس مدركا أن الكفاح ضد الفاشية قد حقق القليل لبلدانها.
وفي عام 1967، عكس عدد من المخرجين (جان-لوك غودارد،فاردا، وماركا) آراءهم تجاه تراجيدية الحرب، وكان الجزء الذي قدمه رينيه يتحدث عن مقدرة المثقف من الانحياز إلى إحدى الجهات، وجاء فيلمه التالي في عام 1968 بعنوان "أحبك، أحبك"، وسقط تجارياً وتم إهماله، وهو يتناول قصة حب، ضمن موضوع معقد.
ومضت بعدئذ ستة أعوام قبل ظهور فيلم "ستافيسكي" عكس نجاحاً وترحيباً بسبب الدور الرئيس الذي أداه جان-بول بيلموندو حيث يقوم بدور خبير مالي، أدت تعاملاته إلى إسقاط الحكومة الفرنسية ومثل الدور الأول: جارلس بوير، والموسيقى ستيفن سودينم، وكذلك تمكن المخرج من إعادة خلق أجواء الثلاثينات، وهذا الفيلم أعاد رينيه إلى النجاح التجاري-وكان يدعوه بـ"التسلية".
وتأجّج ثانية تقدير النقاد له عام 1977 عندما أخرج أول أفلامه باللغة الإنكليزية، "العناية الإلهية" عن سيناريو كتبه ديفيد ميرسير وموسيقى ميكلوس روزا-وكان الفيلم من بطولة جون غيلغود وهو من أفضل أعماله السينمائية، ويمثل دور الكاتب المدمن على الكحول، الذي يكتب روايته عن عائلته.. ولا نرى "عائلته" إلا في خلال مأدبة بمناسبة عيد ميلاد، ونتعرف على أفراد تلك الأسرة، ابنان رهيبان، وهذا الفيلم كان سبباً في شهرة ديرك بوغارد، الذي وصف رينيه بـ"المخرج الشاعر".
وفي أعوام الثمانينات، استمتع رينيه بأعظم نجاح تجاري عبر فيلمه الساخر، "عمي الأمريكي" الذي حصل على الجائزة الكبرى في مهرجان كان، وبعدها حصل الفيلم على ست جوائز سيزار الفرنسية وأيضاً لترشيح سيناريو الفيلم لجائزة الأوسكار.
وجاء بعد ذلك النجاح فيلمه، "الحياة سرير من الزهور"-1983.
وتوالت أفلامه بعدئذ: فيلمه "حب إلى الموت"-1984 قبل فيمله الغريب، "ميلو"-1986 عن مسرحية هينري بيرنشتاين، وكتب رينيه السيناريو بنفسه وصوّره في ثلاثة أسابيع، وتناول الفيلم قصة حب، تنتحر في نهايتها المرأة.
وجاء في عام 1948، فيلمه التالي "أريد أن أذهب إلى الحرب، وفي عام 1992، قدم فيلماً تلفزيونياً (60 دقيقة)، عن جورج غريشوين.
وفي عام (1993) قدم فيلمه (تدخين/لا تدخين) عن مسرحية ألان كربورن، وتلاه بعد ذلك بفيلم "رفض المجموعة" عن مسرحية لميشيل فينر. ولم يحقق له الفيلمان شيئا، واختفيا بعد عرضهما في مهرجان برلين للأفلام.
وبعد خمسة أعوام وفي المهرجان نفسه، عرض فيلمه "نفس الأغنية القديمة" كعرض أول عالمي له، وقد حقق الفيلم نجاحاً ساحقاً في بلده فرنسا، وكان من نوع الكوميديا الخفيفة . ومنح رينيه جائزة الدب الفضي عن المهرجان عن فيلمه وأيضا تم تكريمه لمساهمته الطويلة في تقديم الأفلام السينمائية.
وفي عام 2003 قدم فيلمه "ليبيرتو"، تمثيل مجموعة من الفنانين وفي مقدمتهم "أزيما" زوجته منذ عام 1998، تدور أحداثه في العشرينات من القرن الماضي، عن امرأة ،فهي على الرغم من حبها لزوجها، لا تقدر على مقاومة الغزل، وقدم بعدئذ فيلمه "ليس على الشفاه". وكان عمله التالي :عودة إلى الكاتب أكبورن، وحوّل مسرحية "مخاوف خاصة في أماكن عامة" إلى فيلم عرض باسم "قلوب"، عام 2006، وتفاوتت الآراء حوله.
وبعد ثلاثة أعوام، تأسست شركة للإنتاج فرنسية-إيطالية، بميزانية تفوق 10 ملايين، وكان فيلمه عبر هذه الشركة باسم "قصة العشب الوحشي".
أما مغامرته الإخراجية الخمسين، فكان فيلم "إنك لم ترَ شيئاً حتى الآن"، مستند بشكل كبير على مسرحية لـ جان آنوي، كتبها عام 1941 بعنوان "إيريديس"، وعرض الفيلم في مهرجان كان قبل زمن قصير من عيد ميلاده التسعين، وكان فيلمه الأخير "حياة دايلي" معتمداً أيضاً على عمل كتبه أكبورن، وعرض للمرة الأولى في مهرجان برلين السينمائي الأخير ولم يعد في هذه المرحلة المتأخرة من حياته سهلاً تقديم فيلم مذهل كما كان في السابق.
حياته الخاصة:
كان رينيه متزوجاً من فلورنس مارلو، التي عملت مخرجة مساعدة في عدد كبير من أفلامه وانتهت حياتهما الزوجية بالطلاق، وكانت زوجته الثانية "سابين".
ولد ألان رينيه في 3-حزيران-1922و توفي في الأول من آذار 2014.
عن: الغارديان