1-2
مرت عشرون عاماً تقريباً على تبني الأمم المتحدة الوثيقة الخاصة بضمان حقوق الأطفال، وباستثناء الولايات المتحدة طبعاً وقع على هذا الاتفاق جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. رغم ذلك، فإن الأربع والخمسين فقرة التي تضمنتها الوثيقة التي حددت عمل الأطفال حسب القانون الدولي، لم تمتنع حتى الآن، بأن هناك أكثر من 370 مليون طفل في العالم تتراوح أعمارهم بين الخامسة والرابعة عشرة سنة يعملون تحت شروط عمل غير إنسانية، وأن هناك حوالي 100 مليون منهم يعيشون في الشوارع في الوقت الذي لا يزور 72 مليون منهم المدرسة، ناهيك عن أن هناك من اثنين إلى أربعة ملايينن طفل يعملون في الدعارة، بينما يُجبر 300000 ألف طفل على المشاركة في الحروب كجنود. تلك هي بعض الحقائق التي استند إليها عالم الاجتماع الألماني والخبير في شؤون التربية والتعليم، البروفيسور الألماني راينير أنغيلمان في كتابه "أحجار بثمن بخس"، الذي يبحث في التجاوزات التي تعرضت وتتعرض لها الوثيقة الرسمية الخاصة بالأطفال للأمم المتحدة، صحيح أن أغلب تلك المعلومات وغيرها التي يقدمها الكتاب اعتمدت على المعلومات التي قدمتها منظمة أمنستي أنترناشينال للباحث، إلا أن النتيجة التي يتوصل إليها الكتاب في النهاية هي نتيجة مرعبة.
ويخطئ من يظن، أن الخروق تحدث في البلدان النامية وحدها، على العكس، من يقرأ الكتاب، سيكتشف، أن الدول الصناعية بالذات، التي تتباهى بحكم القانون عندها، لم تفعل كل ما في وسعها لتجنب تلك الخروق . نعم، حتى "في بعض الدول الصناعية الغنية ليس هناك ما يدعو التربيت على الكتف والتفاخر"، كما يقول البروفيسور! بهذا الشكل يجلس على الأقل 2225 صبية (أحداث) جناة في السجون محكومين بالحكم المؤبد، دون أن يملكوا فرصة إطلاق سراحهم ذات يوم. الأحداث هؤلاء لم يحصلوا على أية إمكانية لتطوير أنفسهم، كما تطالب وثيقة الأمم المتحدة. وأيضاً في ألمانيا التي وقعت الوثيقة عام 1992، لا يدعو الأمر للتفاؤل، كما تقول الأمثلة التي يوردها البورفيسور أنغيلمان. "أطفال المهاجرين، والأطفال المعوقون المنحدرون من عوائل فقيرة، يتعرضون لأضرار كبيرة من خلال توزيعهم المبكر على أنظمة مدرسية مختلفة"، يُذكر أنغيلمان ويشتكي قائلاً، " بأن طالبي اللجوء الذين هم تحت السن القانونية يتعرضون مثل الآخرين لأضرار دراسية بسبب انعدام الفرص المتاحة لهم للدراسة رسمياً وبسبب قلة المعلمين والمربين الذين يقع عليهم واجب الاهتمام به عادة". لكن رغم ذلك، يظل أطفال العالم الثالث هم الأكثر تعرضاً للغبن والإجحاف، الإحصائيات العالمية تقول لنا، إن 16 بالمئة من الأطفال، الذين عليهم أن يعيلوا أنفسهم بأنفسهم، يعيشون في قارة آسيا، بينما يعيش 32 بالمئة منهم في قارة أفريقيا، و7 بالمئة منهم يعيشون في أميركا اللاتينية. فضلاً عن ذلك، فإن هناك الملايين من الأطفال يعملون طوال أيام الأسبوع، سبعة أيام ليل نهار وأكثر من ثماني ساعات، لا يتمتعون بالعطلة حتى إذا مرضوا، وأغلب هؤلاء يعملون تحت ظروف عبودية تراكم المديونية على عوائلهم، وهي الظاهرة الواسعة الانتشار في بلدان مثل البرازيل وباكستان والهند.
البروفيسور أنغيلمان لا يكتفي في دراسته بتقييم المعلومات الإحصائية التي في حوزته فقط التي حصل عليها من مصادر رسمية ومنظمات إنسانية عالمية موثوقة أغلبها يملك تاريخاً وخبرة طويلين بالعمل في هذا المجال، إنما يقدم للقارئ أيضاً عينتين ملموستين لأطفال يعيشون في الهند ورواندا. المثلان اللذان يقدمهما الخبير التربوي الألماني يبينان حجم البؤس الحقيقي الذي يختفي خلف الأرقام "المجردة". وعن قصة هذين الصبيين سأتحدث في عمود الأسبوع القادم.
يتبع
عن عمل الأطفال بشروط عبودية
[post-views]
نشر في: 11 مارس, 2014: 09:01 م