أن تتحدث مرشحة شابة، بصرية، جميلة تشغل منصباً رفيعاً في القضاء العراقي اليوم (قاضية) عن برنامجها الانتخابي فتقول واثقة "سأصل البرلمان، وأسعى لتسلم حقيبة وزارية، ولتكن وزارة الثقافة او السياحة أو الرياضة والشباب او حقوق الإنسان أو أية وزارة ممكنة، لأني أريد من وجودي هناك أن يكون علامة مضيئة في الحياة، سأعمل على تغيير صورة مدينتي البائسة، أريد بناء مشاريع سياحية كبيرة، مولات فارهة جداً، مسابح ونواد اجتماعية، ملاعب للغولف ووو.. أريد وجوداً شعبيا مفعماً بالحياة، بعيداً عن الآلام والمآسي، أسعى لأجعل من الشوارع والأرصفة والساحات العامة والجزرات الوسطية أماكن ممتعة، تزيد من متعة الناظرين اليها." وبحماس من يثق بنفسه أكثر وأكثر راحت القاضية (رغد مؤيد الكناني) تتحدث عن العشرات من المشاريع والطموحات التي تجدها ممكنة جداً لو أنها فازت في الانتخابات البرلمانية القادمة وأنيطت بها مهام وزارة ما.
القاضية رغد، هكذا تسمّى في مبنى محكمة الاستئناف في البصرة، امرأة شجاعة، واثقة من انوثتها، ممتلئة حيوية ونشاطاً، قد تدخل البرلمان عبر بوابة كتلة دينية ما لأنها تعلم ان قوائم الحراك المدني قد لا تؤهلها للفوز، لكنها تجد أن العمل ممكن في أية كتلة، هناك فرص كثيرة ضاعت بسبب من وجود برلمانيين وسياسيين تقليدين، متمسكين بنمطهم التقليدي في رؤية الحياة، تتحدث عن رؤيتها في القضاء فتجد أن كثيرين وقفوا أمامها بتهم وجرائم لم يكونوا ليرتكبوها لو انهم في مجتمع سوي، لو انهم تمتعوا بحقوقهم الانسانية. هذه المراة ستقلب معادلة الحضور البرلماني البصري في بغداد، تلك الصورة النمطية، الملفعة بالسواد أو المرأة البرلمانية (الملاية) التي ظلت لازمة للمرأة البصرية هناك، البرلمانية المحنطة والمرتبطة بحزبها الديني وتعاليم مرجعيتها.
هناك إعلان صريح عن بدء مرحلة جديدة في الحضور البرلماني النسوي، لأن القاضية رغد ترفض ان تدخل بوابة البرلمان من بوابة الكوتا النسائية، ذلك لأنها تحمل مرسوما جمهورياً، ولأنها كذلك لا يحق لها أيضاً أن تكون عضواً في مجلس محافظة. بل هي لا تعول على حزب سياسي بعينه لبلوغ مقعدها هناك، هي تجد أن واجباً وطنيا واخلاقياً وانسانياً يدعوها لتكون ممثلة لمدينتها على العكس من النساء الأخريات اللواتي يرشحن ثم يتحدثن بالتكليف الشرعي والواجب الفقهي وما إلى ذلك من المعاني التي لم يتسلم الشعب منها شيئاً.
من الواضح جداً أن العملية السياسية في العراق ومن خلال الانتخابات البرلمانية القادمة ستشهد انعطافة جديدة، ستنحرف بموجبها نتائج العملية برمتها أكثر من درجة لصالح التغيير والإصلاح والتجديد، وهذا لا يعني أننا سنشهد بزوغ أحزاب جديدة، أو اننا سنتخلص من تشكيلات الاسلام السياسي، التي عبثت بالبلاد لكننا سنشهد بزوغ وجوهٍ جديدة، من داخل التشكيلات نفسها، ذلك لأن الشعب العراقي المجبول بطبعه على كراهية الوجوه القديمة، الميّال بفطرته إلى التغيير حتى وإن كان ذلك على حساب المعتقد والمذهب والولاء للطائفة، سيقول كلمة أخرى وستفصح الصناديق عن مشهد سياسي مغاير تماماً.
وما هذه بنبوءة، لكننا وعبر الدورات الانتخابية السابقة وجدنا أن غالبية التشكيلات الدينية ولافتقادها إلى الشخصيات المقبولة سياسيا واجتماعياً ظلت تستعين بشخصيات مقبولة من خارجها، من أجل الفوز بعدد أكثر من المقاعد او لتليمع الصورة التي في ذهن الناخب عنها ، وهذه النماذج الخارجية ظلت تشكل الصف الثاني لغالبية القوائم. وهي ممارسة مشروعة وتنظيم مقبول إلى حد بعيد، إن لم تكن نوعاً من الخداع الذي مارسته الكتل تلك. وقد شهدنا خروج العديد من أعضاء مجالس المحافظات ومثلهم في البرلمان من الكتل التي قدموا منها والإعلان عن استقلاليتهم، في سعي للتخلص من شوائب ما علق في سلوكهم جراء وجودهم هناك.
نحن لا نتحدث عن دعاية انتخابية للقاضية رغد مؤيد الكناني ، نحن نبشر بميلاد مرشحين جدد مختلفين جداً، حتى وإن كانوا ضيوفا على تيارات دينية.
صورة جديدة لبرلمانيات البصرة
[post-views]
نشر في: 11 مارس, 2014: 09:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 2
رمزي الحيدر
نتمنى أن لا تكون من خلال حزب الفضيلة ، لتواصل نضالهم من أجل زواج النساء من تسهر سنوات.
جابر الكناني
تحية لبنت البصرة الطامحة لتغيير صورة مدينتها الكالحة، لكن سلم الكن سلم الأولويات يجب ألا ينطلق من بناء المولات التجارية فهي رمز لثقافة الإستهلاك ، بل عليها أن تبدأ من أصلاح البنى التحتية، ومحاربة الثلوث والتصدي لظاهرة الهجرة المكثفة لمعدان الناصرية والعما