مفاجئاً وباعثاً على الحيرة، بل صادماً، كان رد الفعل الذي أبداه رئيس مجلس الوزراء حيال القرارات والإجراءات السعودية الخاصة بمكافحة الإرهاب، فالمنطق يقول انه كان يتعين أن نسمع كلاماً مختلفاً من السيد المالكي أو أحد مساعديه، وليس مجرد اتهامات غير مُسندة بأدلة قاطعة، وغير مقترنة بشكوى الى الأمم المتحدة وسائر المنظمات الدولية.
السعودية أعلنت قرارات واتخذت إجراءات قوية في حق التنظيمات الإرهابية، والإسلامية المتطرفة عموماً، ونشاطاتها داخل البلاد وخارجها، وفي حق مموليها والمتعاونين والمتواطئين معها والداعين اليها والمدافعين عنها بأي صورة من الصور. وكان بين هذه التنظيمات تلك الأكثر نشاطاً، قتلاً وتدميراً، في بلادنا، داعش والقاعدة.
شخصيا توقعت أن توفد حكومتنا وزير الخارجية ومعه وزير الدفاع بالوكالة والوكيل الأقدم لوزارة الداخلية الى الرياض للشدّ على أيدي المسؤولين السعوديين والبحث معهم في برنامج عمل مشترك لتحقيق الاهداف المبتغاة من القرارات والاجراءات السعودية، وهي أهداف تهمّنا أكثر من غيرنا.
وكنت أتوقع أيضاً أن يطلب وفد حكومتنا الاستفادة من الاستراتيجية التي وضعتها السعودية لمكافحة الإرهاب، فهي تبدو ناجحة بدليل تراجع النشاط الإرهابي في المملكة كثيراً، بل انعدامه، في السنوات الأخيرة.
ومن المفيد التوقف قليلاً عند الاستراتيجية السعودية لمكافحة الارهاب، ففي اطارها طبقت الرياض برنامج "المناصحة" القائم على العمل الفكري والاجتماعي والنفسي مع المتورطين بالالتحاق بالمنظمات الإرهابية وسائر المنظمات المتطرفة دينياً ومذهبياً، سواء الذين يُلقى القبض عليهم أو الذين يسلمون انفسهم طوعاً. حتى المعتقلون منهم لا يجري تعذيبهم واعتقال اقاربهم واهدار كرامتهم الإنسانية، كما يجري لدينا. ويشمل البرنامج توفير فرص عمل لهم وتأهيل غير المؤهلين منهم للعمل، وحتى تزويجهم. والنتيجة ان الأغلبية الساحقة من المتورطين أعيد دمجهم في المجتمع كأفراد أسوياء، بخلاف ما يجري لدينا حيث يُلقى القبض على أبرياء ويُحتجزون في المعتقلات والسجون أمداً طويلاً، فتتحول السجون والمعتقلات الى مفارخ للمزيد من الإرهابيين. البرنامج السعودي لم يزل قابلاً لنفيد منه كثيراً.
حتى لو كان في اتهام رئيس حكومتنا للسعودية (ومعها قطر) بدعم النشاط الارهابي في بلادنا قدر من الصحة، فان مصلحتنا تقتضي تشجيع كل اجراء تتخذه السعودية وغيرها لتحريم النشاط الارهابي وتجفيف منابع تمويله والتجنيد في صفوفه بأي شكل من الاشكال.
بخلاف رئيس حكومتنا، وصف وزير الخارجية هوشيار زيباري، الموقف السعودي الأخير بانه "صائب"، وانه "يؤكد أن المملكة العربية السعودية قد انتبهت لمخاطر الإرهاب ومن يقف خلفه. كذلك يؤكد هذا الموقف خطورة دعوات التجنيد والجهاد من بعض المؤسسات، ولهذا اتخذت السعودية مجموعة مهمة من الخطوات، أولاً بخصوص مواطنيها بمحاسبتهم ومعاقبتهم، وثانياً، بتسمية منظمات إرهابية نحن نقاتلها أيضا، ومنها (داعش)، وهي حاليا في صراع معنا في الأنبار ومناطق أخرى، و«جبهة النصرة» موجودة في سوريا أيضا وتنظيمات منتشرة في أكثر من مكان تتبنى عمليات إرهابية" (صحيفة الشرق الأوسط).
نعم هذا هو الكلام المفيد والسليم الذي يعيننا في تشكيل جبهة إقليمية لمكافحة الإرهاب.
كلام .. وكلام
[post-views]
نشر في: 11 مارس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ابو اثير
أستاذنا الفاضل ... أن السلطويون في العراق هم من شجع ألأرهاب في التغلغل في وطننا..وأفضل مثال على ذلك هو عندما أجتمع المالكي قبل نحو شهرين مع محافظ الأنبار وبعيته وزير دفاعه في مجلس الوزراء أشتكى له المحافظ بوجود أعضاء من داعش في ساحات ألأعتصام يعدون على عد
أحمد عبدالوهاب
بسم الله الرحمن الرحيم استاذ عدنان المحترم اعتقد ان تدهور العلاقات السعودية الايرانية حاليا هو السبب فأن التحالف الأخوي بين المالكي وروحاني يتطلب تشويه سمعة السعودية واذكاء الخلاف معها لكي لاتبقى ايران الوحيدة الناقدة للسعودية مع تحياتي