وأخيراً، ورغم تحفظ بعض أعضائها، أقرت الحكومة اللبنانية الصيغة النهائية لبيانها الوزاري، وذلك بعد نقاش مطول حول البند المتعلق بسلاح حزب الله، ودوره المفترض في "مقاومة" إسرائيل، وهو بند كان يهدد بفشل الرئيس تمام سلام في إنجاز مهمته، التي أُسندت له بعد تعثر استمر عشرة أشهر، وهو كان هدد بالانسحاب منها السبت، قبل أن يتفق أطراف المعادلة على نص توفيقي يقول، إنه استناداً إلى مسؤولية الدولة في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه وسلامة أبنائه، تؤكد الحكومة على واجب الدولة، وسعيها لتحرير أرضها المحتلة بشتى الوسائل المشروعة، مع التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، ورد اعتداءاته واسترجاع الأرض المحتلة.
المتحفظون كان لهم رأي سلبي، حول بعض ما ورد في البيان، لجهة عدم ربط المقاومة بمرجعية الدولة، وكانت قوى 14 آذار مؤيدة بموقف رئيس الجمهورية، سعت إلى تضمين البيان إشارة إلى إعلان بعبدا، الداعي إلى تحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية، والمقصود بذلك هو النزاع السوري، والتأكيد على مرجعية الدولة في ما يتعلق بسلاح الحزب، الذي أصر بضراوة، مدعوماً بموقف الجنرال عون، على التمسك بعبارة "جيش وشعب ومقاومة" الواردة في بيانات سابقة، أو عبارة تحمل المضمون نفسه، مُصراً على إدراج كلمة المقاومة، وأخيراً جاء الحل الوسط بحيث "لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم" أو استمراراً للسياسة اللبنانية القائمة على مبدأ لا غالب ولا مغلوب.
لم تتضح ردود الفعل بعد بشكل نهائي، غير أن حزب الكتائب سيدرس استقالة وزيريه الرافضين للبيان، كما أن وزير العدل أشرف ريفي من تيار المستقبل تحفظ عليه، في حين اعتبر النائب ميشال عون أن محاولة حل جميع الأمور، لا يمكن أن تحصل في كتابة البيان الوزاري، فالكلمة لا تُغيّر مضموناً، إنما الأحداث هي التي تغير وتفرض المعادلات الجديدة، والمطلوب ألّا نتلهى بعبارات التورية عن المقاومة، لان ذلك لن يغير شيئاً في واقع الحال، واعتبر النائب محمد رعد، المنتمي لحزب الله، أن إصرار البعض على إلغاء المقاومة من خيارات الشعب، يُعتبر مطلباً إسرائيلياً بامتياز.
رئيس الجمهورية يؤكد أن الذهاب إلى القتال في سوريا، كسر ضلع المقاومة في ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، في حين واصلت إيران تدخلها في الشأن اللبناني، ولكن هذه المرة بشكل مباشر و "فج"، حين عبّر السفير الإيراني عن احتجاج بلاده على ما ورد بشأنها، في مداخلة وزير الداخلية نهاد المشنوق، خلال اجتماع وزراء الداخلية العرب، وأكد فيها ما كان حدّده الرئيس سليمان بدقة، وهو أن الثلاثية التي ينبغي أن تحكم العلاقات اللبنانية الإيرانية، هي المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولتين.
تطرح الولادة العسيرة لحكومة تمام سلام، وبيانها الوزاري المتزامن مع تفجير استهدف الإسرائيليين في مزارع شبعا، سؤالاً عن قدرتها على الحكم، في ظل الاختلافات الجذرية بين مكوناتها، وهي خلافات علنية انطلقت مجدداً من عقالها، فور إعلان الاتفاق على البيان الوزاري، ما يعني أنها ستكون أقرب إلى الشلل في المواضيع الخارجية، التي بات واضحاً أنها ستظل موضوعا للتجاذب والأخذ والرد، غير أن المهم أنها عبرت بلبنان مرحلة كادت تنتهي بفراغ دستوري، يسبق استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولعل ما اعتبره البعض تنازلاً من حزب الله والذين معه، هو المقدمة الأولى لعودة حليفها الجنرال عون إلى قصر بعبدا، بعد أن فرّ منه سابقاً، مُنهيا احتلاله عبر انقلاب لم يعتد اللبنانيون على مثله، فهل يعود اليوم عبر صفقة، لن تحظى برضى جميع من سيوافق عليها، لكنهم سيوافقون.
هل يرأس عون لبنان؟
[post-views]
نشر في: 15 مارس, 2014: 09:01 م