اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > نصب الجواهري سجين فناجين القهوة .. وتمثال (الباذنجانة) بكلفة 8 مليارات دينار

نصب الجواهري سجين فناجين القهوة .. وتمثال (الباذنجانة) بكلفة 8 مليارات دينار

نشر في: 15 مارس, 2014: 09:01 م

فوجئ أبو سنان ، وهو يمر بسيارته الخاصة بالقرب من ساحة الأندلس عند نصب بغداد للفنان محمد غني حكمت بسؤال ولده"بابا شنو هذا؟"،وقام الوالد بشرح  بسيط ومفصل عن النصب وقيمته الفنية  وأهميته كونه يمثل وجه بغداد، وزاد أبو سنان بالشرح لولده بشأن الأ

فوجئ أبو سنان ، وهو يمر بسيارته الخاصة بالقرب من ساحة الأندلس عند نصب بغداد للفنان محمد غني حكمت بسؤال ولده"بابا شنو هذا؟"،وقام الوالد بشرح  بسيط ومفصل عن النصب وقيمته الفنية  وأهميته كونه يمثل وجه بغداد، وزاد أبو سنان بالشرح لولده بشأن الأبيات الشعرية التي تغزل بها شعراء العرب بالعاصمة بغداد، هذا الأمر جعل أم سنان تشارك زوجها الموضوع مقترحة أن تكون هناك كراريس خاصة ومطبوع كدليل سياحي لجميع نصب بغداد وبقية مدن العراق تعرف طلبتنا ومنذ المراحل الاولى  بهذه الرموز وكذلك عمل سيرة ذاتية لجميع الفنانين الذين قاموا بتلك الأعمال التي تمثل ثروة فنية كبيرة للبلد وتعكس الوجه الحضاري والرقي لجميع بلدان العالم بحسب قول أم سنان.

مواقع النصب ما بعد التغيير
دول العالم ترتقي بفنها وفنانيها ومبدعيها الذين غادروا عالمنا لاسيما من تركوا وراءهم منجزات وأعمال ستبقى شاخصة للأجيال وبمختلف المجالات العلمية والأدبية والإنسانية، إلا ان ما حدث في الآونة الأخيرة من إقامة نصب تذكارية وتماثيل تجسد شعراء وأدباء كانوا أحياء يوما من الأيام، وابدعوا في رسم معالم حضارية مهمة عريقة وإرث امتد آلاف السنين، لم يكن بمستوى الآمال، فجل الأعمال الفنية والتشكيلية الموجودة لم تلب طموح اغلب العراقيين وبمختلف المهن والاختصاصات الذين طالبوا الجهات المعنية والمختصة في وزارات الدولة ومن ضمنها وزارة الثقافة والهيئات والاتحادات التابعة لها بضرورة إعادة هيكلة الخطة ورسم ستراتيجية جديدة لتعكس صورة الإبداع والتألق العراقي أمام بلدان العالم المختلفة والمتحضرة.
"المدى" تحدثت مع شرائح مختلفة  واستمعت الى آرائهم ووجهات نظرهم  بشأن هذا الموضوع الذي اصبح حديث اليوم بسبب التناقضات التي رفضت من قبل اغلب المواطنين.
إزالة ما يشوه وجه بغداد
يفترض ان تتم إزالة اغلب النصب التي وضعت في الآونة الأخيرة و بأسرع وقت ممكن .. هذا ما عبر عنه (حمد مهدي) طالب الفنون الجميلة الذي بين لـ"المدى" مدى صدمته ومعه الكثيرون بعدد من النصب التذكارية والتماثيل في بغداد وبقية المحافظات لأنها لا تمثل الحقبة الزمنية المهمة التي يراد تذكير الأجيال بها من خلال النصب والتماثيل، مؤكدا ان الدول المتحضرة والمتطورة تضع جل امكانياتها لإقامة شخوص تبقى للتاريخ من خلال تحديد المكان المناسب وتحديد الفكرة التي توصل للمشاهد أفكارا ومخيلات من الأجدر ان تكون جميلة وتنقل تاريخ وحضارة البلد، إلا ان ما نشاهده هنا هو العكس تماما ، فكيف يكون الجواهري صاحب قهوة وفناجين ودِلال، كيف تجرأ النحات او الذي اطلق عن نفسه لقب الفنان ان يضع الجواهري متوسطا فناجين قهوة ومسبحة يدوية، أهكذا ننقل مزايا وسمات هذا الرجل العظيم الذي دافع عن الحضارة والمدنية بقصائده العظيمة بعيدا عن الدلال والفناجين.
نُصُب بغداد وساحة الأندلس
(زين يوسف) ، طالب قسم التصميم في معهد الفنون الجميلة اكد للمدى ان العديد من النصب الجديدة التي نراها اليوم وضعت في أماكن تلغي وتشوه قيمة تلك النصب الفنية ، وعلى سبيل المثال لا الحصر نصب بغداد للفنان الراحل محمد غني حكمت والذي وضع في ساحة الأندلس ،فعدم رؤيته الا في حالة الاقتراب منه جعلت منه مهملاً بصرياً من قبل المارة ،على الرغم من ان جميع الأساتذة في المعهد بينوا لنا ان الفنان الراحل حكمت الذي أقام النصب كانت أمنيته ان يكون النصب في ساحة الفردوس كونها تقع في مركز بغداد ،فضلا عن كون العلو غير المألوف للنصب في وضعه الحالي لا يعطي للناظر أية رؤية دقيقة للتمعن بملامح النصب والتعرف على القيمة الإبداعية خاصة وانه من عمل فنان كبير ويعد من القامات الفنية الكبيرة ليس على مستوى الفن العراقي وانما العربي ايضا بحسب قول يوسف.
غياب الخطة الفنية
(احمد صالح) ، طالب كلية الإعلام لفت لـ"المدى" ان الفكرة المستوحاة من إقامة رموز برونزية او طينية او نحاسية لرجال كانوا بيننا يوما من الأيام تعود الى التغيير الحضاري والنقلة النوعية التي كان لهؤلاء دور كبير فيها، فعندما تقوم الجهات المعنية بتشييد تماثيل لهم فأن هذا ليس فضلا منها عليهم بل واجب، الا ان الحالة التي شاهدناها لبعض النصب لا ترتقي الى المستوى المطلوب والطموح الذي يرغب المواطن والمثقف والفنان بأن يراه على ارض الحضارات والثقافات المختلفة، فهناك غياب للخطة الحقيقية والستراتيجية الواضحة وإبعاد المتخصصين ما جعل هذا التوجه ينحني الى زاوية لا ترضي اغلب طبقات المجتمع الذي يفترض ان تكون له الأهمية والمشاركة في تحديد معالم النصب والتماثيل".
تمثال (الباذنجانة)
موضوع  نصب الحرية الذي تحول الى تمثال  الباذنجانة والخيول قرب ساحة سعد في محافظة البصرة يشير الى مستوى الاستخفاف بالإرث الفني العراقي ،وتدخل السياسيين حتى في الفن من دون أي ادراك او دراية فنية، وهمهم كما يقول الطالب في كلية الفنون احمد عدنان ، هو الكسب المادي ، فما معنى ان يسحب العمل من فنان متخصص اعد نموذجا راقيا للنصب ويسلم الى شركة يمتلكها احد اعضاء مجلس محافظة البصرة ،ليتحول نصب الحرية في البصرة الى نصب (الباذنجانة )الذي اصبح موضع سخرية وتندر عند البصريين الذين اكد العديد منهم ان هذا النصب يذكرهم بأيام الحصار بعد ان اصبح الباذنجان سيد المائدة في تلك الأيام، علما ان ذلك النصب التي تحيط به الخيول قد كلف موازنة الدولة ثمانية مليارات ونصف المليار دينار، ويرى عدنان ان إقامة النصب ومواقعها  يجب ان تكون من قبل ذوي الاختصاص حصريا والا فعلى الفن السلام.
 لابد من رسالة إيجابية للأجيال
وقال (فراس انور) ، احد زائري شارع المتنبي لـ"المدى" لا أريد ان أكون قاسيا على ما شاهدته في المركز الثقافي الذي يقع عند مدخله تمثال الجواهري متوسطا دِلال قهوة ممسكا بيده مسبحة عراقية، نحن مع كون الجميع يعيشون في بلاد تحكمها أعراف وتقاليد وقيم لا يمكن المساس بها لكننا نعي ايضا ان الجواهري لم يكن يميل الى حياة البداوة التي تمثلها الدلال وفناجين القهوة ، مع احترامنا الشديد لمفاهيم مجتمعنا، نريد ان تكون لهذا الرجل العظيم مكانة كبيرة عند إيصال رسالة الى الأجيال المقبلة فبدلا من جعله بين قهوة ودلال وماء، الأجدر وضعه في ديوان شعراء، كيف يسمح ان يوضع هذا الشاعر الكبير في هكذا أجواء، عتبي على الجهات المختصة لسماحها بوضع هكذا رمز بصورة ومخيلة لا تليق باسمه في مكان يرتاده عشرات المثقفين والأدباء والفنانين".

تفعيل اللجان الثقافية بات
 من ضروريات المرحلة
أستاذ الإعلام في جامعة بغداد سالم العزاوي اوضح لـ"المدى" ان إقامة تماثيل تتطلب الكثير من الأمور والاجراءات والعوامل التي يفترض على الجهات المعنية بهذا الأمر اتباعها ، من بينها الأخذ بنظر الاعتبار طبيعة الشخصية المراد العمل بها وايضا اهمية المكان، لذا من الضروري اختيار المنطقة التي يراد ان تكون اساسا لوجود هذا النصب او التمثال ، وايضا الأخذ بنظر الاعتبار البعد التاريخي الحقيقي ودراسة الشخصية بكل تفاصيلها حتى لا يقع المشاهد او الزائر في تشويش ذهني نتيجة إيصال صورة غير واقعية لا تمثل الرمز او التمثال الموضوع في اي مكان، وفيما يخص الإعلام بهذا الأمر فإن الأهمية تكمن في اننا اليوم اصبحنا في زمن الإعلام البديل الذي يقوم بإيصال الصورة او المادة المصورة الى ابعد نقطة في العالم بغضون دقائق، فنحن لا نريد ان تؤخذ علينا نظرة مغايرة للمجتمعات التي ستكون صورتها الذهنية مرسومة من خلال ما يشاهد من خلال ما ينقل اليهم، لذا فالعمل بجدية وتفعيل اللجان والهيئات الرقابية المسؤولة عن الأمر بات من ضروريات المرحلة الحالية والمستقبلية".
أعمال تسيء للفن العراقي
(علي عاتب) ، الفنان التشكيلي ، اكد لـ"المدى" ان بغداد بحد ذاتها نصب رائع ثري بالقيم الجمالية موشح بتاريخ عظيم زاهر فلا بد من دقة اختيار النصب والتماثيل ليوازي أهمية العاصمة بغداد وكان أملنا ان تنهض من جديد بأعمال كبيرة من خلال مشروع بغداد عاصمة الثقافة ،بل على العكس رأينا اعمالا تسيء لسمعة وتاريخ الفن العراقي سليل الفن الرافديني الممتدة جذوره بعمق التاريخ الأمر الذي اصبح مثار استنكار ونقد كبيرين وخير مثال على ذلك، انه في كل جمعة يحتشد المثقفون أمام نصب الجواهري في البيت الثقافي قرب القشلة في شارع المتنبي، ليتبادلوا الاحاديث الساخرة والنقد الشديد لطريقة عمل التمثال والمقتربات حوله والذي يفتقد لأبسط مقومات العمل الفني وخدش للذائقة وتشويه بصري واضح".

الثقافة البرلمانية : غياب الرقابة من أسباب التدني الفني
عضو لجنة الثقافة البرلمانية ميسون الدملوجي أكدت لـ"المدى" ان الفن التشكيلي في العراق من الفنون المتقدمة وله شأنه ومكانته بين الدول العربية والأجنبية، لما يمتاز به من قيمة وذوق فجميع النصب التذكارية سواء نصب الحرية او الرصافي اوغيرها جلها أصبحت اليوم جزءا من الهوية الوطنية العراقية، والسبب بسيط هو انه عندما تبحث عن صور للعراق في أية دولة فأن اول ما سيظهر تلك النصب والتماثيل التي ذكرنا، كنا نتمنى بعد العام 2003 ان نرى لهذا الفن دورا اكبر وأوسع واجمل ما كان عليه في السابق، وتمنيت ان أرى اكثر من عشرين رمز كنصب الحرية لما يحمله من أمور وعوامل نفتقرها اليوم ، ما حدث عند الاعلان عن افتتاح تمثال الجواهري صدمني حقيقة ولم اكن اتوقع ان التراجع الذي يشهده الفن التشيكلي قد وصل الى مراحل لا يود المرء مشاهدتها، شاهدت عملا غير موفق ولا يمت لهذا الرجل الكبير ولا لاسمه، وكان من المفترض على محافظة بغداد ان لا تعتمده كنصب ثقافي، لكن غياب الرقابة والمتابعة سبب تدني الفن التشكيلي في البلاد وحتى في مكاتب المسؤولين والنواب وحتى بناية وزارة الثقافة نادرا ما نجد لوحة فنية تشكيلية تحمل في طياتها وجماليتها دلائل الفن العراقي والذوق الأصيل، فوضع النصب في اماكن عامة لا يميز مرتادوها بين الدين والعرق والمذهب خير دليل على نجاح ايصال فكرة هذا النصب بمعنى انه لابد من دراسة معمقة وحقيقية لأي نصب او تمثال يراد وضعه في العاصمة ".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram