أسرة جويخ نزحت مطلع خمسينات القرن الماضي من قرية في أرياف الناصرية الى بغداد للتخلص من جور وظلم الإقطاع ، واستقرارها في احد أحياء العاصمة وفر لأبنائها فرص التعليم ، وبعضهم حصل على شهادات جامعية باستثناء "جويخ " الذي اتخذ له توجها اخر ، فتخصص بالطب الشعبي ومعالجة المرضى ، بشتى الوسائل والأساليب التي استخدمها أجداده السومريون ، ومنها كتابة "الحرز" بوصفه العلاج المجرب والأكيد من الأمراض العضوية والنفسية ، ولنجاحه في علاج بعض الحالات اكتسب شهرة عريضة وصلت الى احياء بغدادية شعبية ، تداول سكانها قدرة الدواء السحري حتى في منح المرأة العاقر امكانية انجاب البنين والبنات بوضع الحرز تحت وسادتها .
أشقاء "جويخ" كانوا على ثقة بان حرزه مجرد شخابيط ، ومن يصدقها جاهل اومجنون ، ولطالما ابدوا استغرابهم من الإقبال الواسع على خدماته ، لكنهم ،اي الاشقاء، لم يفصحوا بالعلن عن تشكيكهم ، واستسلموا الى القول الشائع "الجمهور عاوز كدة "، ولاسيما ان الرجل اتخذ من المهنة تجارة وفرت له الدخل الشهري المرتفع نسبيا ،وكان يمنح الأموال الى المحتاجين من الأشقاء والمقربين الأقربين ، ليثبت لهم في اقل تقدير بان عمله الذي يثير الشكوك والريبة يحقق مكاسب مالية يحلم بها موظفو الدولة من أصحاب الشهادات الجامعية، وواقع الحال كان يدعم وجهة نظره لتعرض الأشقاء الى موجة من رياح الإفلاس ، فيطلبون منه ما يعينهم على تسديد نفقاتهم لحين حلول موعد تسلم الراتب الشهري .
مواسم الاضطراب أثرت في عمل جويخ ونقل احد المقربين عنه قصة تعرضه الى استجواب من قبل الأجهزة الأمنية عندما عثرت في بيت احد الأشخاص كان هاربا من اداء الخدمة العسكرية على حرز ، وبداخله ورقة مكتوبة بخط أثار حيرة ومخاوف المحققين من احتمال ان يكون شفرة سرية تستخدمها جهة معادية تخطط للإطاحة بالنظام ، وعلى حد قول راوي القصة فان "جويخ " دفع مبلغا من المال مقابل اطلاق سراحه ، بعد ان كشف خلال التحقيق عن طبيعة عمله ، وحرصه على بذل الغالي والنفيس لخدمة الحكومة وقيادتها الحكيمة ، فخرج بعد الاستجواب مدعوما بتأييد رسمي ، وأشاع بين الأهل بانه خرج بفضل حرزه وليس عن طريق دفع مبلغ ضخم من المال .
تلك الحادثة جعلت من حرز جويخ مثلا شائعا، ودليلا اخر على قدراته الخارقة في التخلص ليس من الأمراض فحسب، بل حتى من اصعب المواقف ، فتضاعف الإقبال على خدماته من قبل العسكريين ، واسر المعتقلين للحصول على الحرز لتخفيف الأحكام الصادرة بحق الأبناء ، ولما كان تخصص الرجل بعيدا عن تناول هذه القضايا لارتباطها بقرارات رسمية تتعلق بالأمن القومي قرر ان يكون عمله محددا بعلاج المرضى من كلا الجنسين .
تراجع الأوضاع الأمنية في العراق ، دفع الرجل الذي ترك عمله منذ سنوات، الى تقديم خدماته للمسؤولين للاستعانة بحرزه عسى ان يحقق استقرار امنيا نسبيا في المدن العراقية ولاسيما في محافظة الأنبار لتطهيرها من الإرهابيين ومن تحالف معهم من أعداء العملية السياسية بحرز جويخ المجرب.
حرز جويخ
[post-views]
نشر في: 15 مارس, 2014: 09:01 م