TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اضحك من يقينكم يا حزب الدعوة

اضحك من يقينكم يا حزب الدعوة

نشر في: 17 مارس, 2014: 09:01 م

شعوري وكثيرين معي، بأن الزمان تغير كثيراً، يجعلني احافظ على ايمان عميق، بأننا بعد فترة تقصر او تطول، سنضحك ملء اشداقنا على "اليقين السياسي" الذي يحاول حزب الدعوة التمسك به اليوم، متصورين ان في وسعهم فعل ما يشاؤون، بمزاعم عن مصلحة الامة، وأنهم سيظلون بمنأى عن الحساب والكتاب.
لقد شهدت الشهور الثلاثة الاخيرة، أوج الارتجال الذي راح يقوم به فريق السلطان من طرف واحد، فيغير قواعد اللعبة، ويقلب رقعة الشطرنج باعتبار ان نتائجها لا ترضيه، والفريق هذا يعتقد ان مشروعية عظمى تسمح لهم بفعل كل شيء. وآخر ما تفتقت عنه قرائحهم الفذة، هو تقسيم ساسة العراق الى اصحاب سلوك حسن، وأصحاب سلوك شائن. وبالطبع فإن جماعة السيدة حنان الفتلاوي هم اصحاب سلوك حسن، وكذلك السيد مشعان الجبوري الذي سيضمن له المالكي حرية خوض الانتخابات. اما مثال الالوسي وصباح الساعدي فسلوكهم "شائن" ويلحقهم كل من جواد الشهيلي ورافع العيساوي.. والمصادر الرفيعة تقول ان "الحبل على الجرار" وكل الساسة الذين مارسوا اعتراضاً على نهج السلطان، او عكروا مزاج حنان الفتلاوي، وتحدثوا عن "إست" الشيخ خالد، يمكن ان يتحولوا في لحظة، الى سلة الاستبعادات التي يكتب قوائمها ساسة "حسنو السيرة".
ان "اليقين السياسي" الذي يتسلح به فريق المالكي، هو عامل توريط رهيب لحزب الدعوة وأتباعهم، وهذا العامل جرت تجربته على نطاق واسع وخاصة في العراق، وعلى مدى قرون، وكل الزعماء الذين تورطوا بهذا النوع من "اليقين" واعتبروه مساراً حقاً ومنهاجاً مشروعاً، انتهوا الى مصير مضحك ومؤسف.
تقول تجارب الامم ان السياسي الذي يمتلك يقيناً بأنه يمثل الحقيقة المشروعة، وأن الاخرين شر من الضروري تدميره، يعجز عن التدقيق في خططه، ويعجز عن مراجعة خطواته، ولماذا يدقق ويراجع وهو على يقين بأن "القضية سهلة، والاسئلة واضحة، والاجابات جاهزة". ومن يفشل في اعادة النظر بطرائقه، يصاب بعد فترة بالتبلد، وينكشف بنحو مخزٍ، ويفقد احترام اللاعبين الكبار، ويقع ضحية تحوله الى طرف لا يصلح لابرام اتفاق، ولا وثوق في تسوية.
واليقين السياسي من هذا النوع، يمنح المرء "جرأة مزيفة" تجعله قادراً على التفنن بأصعب المشاكل، وفي الوقت نفسه تحوله الى فاقد للشجاعة التي يتطلبها تدبير ابسط الحلول، فالجرأة المزيفة تلك والتي لا تقوم على مبررات معقولة، تجعل السياسي لا يحترم الحلول المتوازنة، ويعتبرها دليل جبن او هوان، ويندفع واهماً نحو طلب البطولة، ويسخر اذا تأسف الناس على دماء الشباب او اموال الشعب او ضياع سنوات العمر وفرص التقدم.
اليقين السياسي هذا، يمنع النقد الذاتي والمراجعات، ويمنح السلاطين اوهاماً مفزعة، ويجعلهم مستعدين لفعل كل شيء، طالما كان فريق السيدة حنان الفتلاوي، جاهزاً للاستمرار بالكذب والتصفيق، وغاطساً في بحر الاوهام ذاتها.
انني وكثير من اهل هذه البلاد، شهود على تغير الزمان، يحق لنا ان نضحك بأسف، على ثقة عمياء تقوم بتوليد عجز سياسي عميق، لدى فريق السلطة، وهو عجز يرسم لوحة هزلية اتقن تقديمها منظمو مؤتمر مكافحة الارهاب، بكل التلعثم وسوء التعبير عن مأساة البلاد.
ان الذي يسود على الناس ويأخذ بأطراف الشرف والعلياء، لابد ان يكون حريصاً على مالهم وعرضهم وخواطرهم، كحرصه على اهله ومجموعته. لأن الناس قد يسكتون ويتغافلون، ترجيحاً للسلامة، على من يتحامق ويعربد مزهواً بقوة جيش او مال دولة، مغروراً بغفلة من الزمن انتهزها، الا ان الزمن نفسه يتغير بسرعة، والناس انفسهم يزدادون خبرة بأساليب الخداع العتيقة، وهذا ما سنتذكره، وما يجعلنا نحافظ على ايمان عميق، بأننا سنضحك ملء اشداقنا على "اليقين السياسي" الذي يحاول حزب الدعوة التمسك به اليوم، متصورين ان في وسعهم فعل ما يشاؤون، بمزاعم عن مصلحة الامة، وأنهم سيظلون بمنأى عن الحساب والكتاب. هيهات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 6

  1. علي كريم

    هذا زمان السحت اذا لم تستحي فافعل ماشئت وإذا سؤلت فقل ما شئت فهذا زمان الغش والسحت زمان صار فيه الفوق تحت وأرتقى التحت علينا وإنفلت عجباً، حتى الكلاب إستأسدت نَبَحَت فتصورت بأنها قد زأرت عبعبت فخربطت واسترسلت وإدعت دون علم فأخط

  2. لازم علي

    انا لا اعرف لكاذا الكتاب القديرون امثالم لا يكتبون عن دور مرجعية النجف الى ما نحن فيه من مشاكل وانحلال سيلسي واستخفافي ؟ هل هو الخوف مثلا ؟

  3. ابو سجاد

    هل من المعقول ان المختار ورهطه اقوى من الكتل السياسية الاخرى لماذا كل هذا الغياب التام لاغلب رؤساء الكتل وخصوصا عمار الحكيم ولماذا المختار يصول ويجول وكانه الاله الاوحد كما كان يفعل الطاغية اين نحن واين سنصل هل من المعقول اننا وصلنا الى طريق اللاعودة

  4. ابو همس الأسدي

    لاأعتقد أنهم قد بالغوا في ((يقينهم السياسي )لاسيما وقد بات معلوما للجميع أنهم اليوم على نهج وخطى من سبقهم يخططون للتشبث بالسلطة ؟؟ ولهم في شخصية (أبو العلوج)خير قدوة !! وهو الذي لم يفقد( يقينه السياسي ) في انتصار قائده على الأمريكان حتى في لحظة وجود الق

  5. farid

    تحياتي للجميع..يا أستاذ سرمد أنقبل مرة أخرى بالضحك على أنفسنا عقود وبعدها نرى حلا لا يا سيدي أدوات التغير لا تتم إلا بثورة الشعب على الدكتاتورية قبل أن تستفحل! كيف أولا بإرادة الناس الحقيقية للتغير ثانيا..الإلحاح ودعوة المرجعية أن تقف بجدية مع الشعب

  6. ,وحشي

    استاذي الفاضل سرمد وهل يملكون يقين حركة الحشاشين في استلام الخلافة بالاغتيال والتصفية السرية وهل قامت للحشاشين دولة ان يقينهم سيتلاشى بمجرد ان تتخلى عنهم ايران لمصلحتها الخاصة بعيدا عن نصرة الشيعة في العراق هذا اذا كان ميدعونه صحيحاوولدي انا ايضا يقين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram