غضبت السيدة معاون المدير العام لدار المأمون للترجمة ، حين أخبرتها سكرتيرتها بأن احد المترجمين خالف الشرع والتقاليد ، فارتكب جرماً شنيعاً حين تجرأ وترجم رواية حجر الصبر للسينمائي والروائي الأفغاني رحيم عتيقي، ولان سيدتنا "المعاونة" الفاضلة لا تقرأ ولا تكتب ، فقد اعتمدت على تقرير "سري" كتبته السكرتيرة التي اعتقدت ان الرواية "غرامية" وبما اننا في بلاد يسعى قادتها الى نشر قيم الفضيلة والأخلاق العربية "الأصيلة" ، ولهذا فان المجرم الأفغاني رحيمي اراد بفعلته هذه ان يوقف المسيرة الإيمانية التي يقودها "الحاج" سعدون الدليمي.
"المعاونة" الغاضبة على ترجمة رواية رحيمي الى العربية ،دخلت مع زملاء لها في سباق محموم على من يرفع سيف الدفاع عن قيم الأخلاق الحميدة ، حيث حاولت هذه الرواية ، إشاعة "الفسق" في مجتمعنا الذي يعيش أزهى عصور الإشراق والازدهار في كل المجالات.
وقبل ان ادخل في تفاصيل ثورة السيدة المعاونة ، التي قررت منع العراقيين من لمس الرواية فسحبتها من معارض دار المأمون ، وأخفتها في سرداب خوفا من الفضيحة، تعالوا نتعرف على رواية رحيمي التي قام بترجمتها الى العربية الصديق كامل عويد، الرواية التي تحولت الى فيلم سينمائي وحصلت على ارفع جائزة ادبية فرنسية "الغونكر" تهتم بضحايا الحرب الأفغانية، خاصة من النساء والأطفال، وقد استوحى الروائي أحداثها على خلفية اغتيال شاعرة أفغانية ، قتلها زوجها الأصولي المتشدد بوحشية عام 2005 بسبب كونها مثقفة !.
تتذكرون معي مهزلة الممثلة الالمانية التي قامت الدنيا ولم تقعد بسببها ، لانها قدمت مشهدا تمثيليا تصور مسؤولونا الأفاضل انه مشهد "إباحي" واعتقد انكم مثل العبد الفقير لله ، قراتم انذاك بيان وزارة الثقافة ، الذي ملأ الأجواء بكاءً على إهدار الأخلاق وضياع الحشمة وانتشار الرذيلة، وشاهدتم كيف وجّه البعض برقيات تحذير إلى المؤسسات الفنية لأنها تستورد فرقاً للغناء الذي هو شكل من أشكال المجون، هكذا وجدنا من يصرخ ويفتح مزاد الفضيلة ويتنافس على شتم الغناء وتحريمه، وقد سجل بعض شيوخنا "الأفاضل" رقما قياسيا في شتم الفعاليات الفنية، فألقى خلال الأشهر الماضية أكثر من ست خطب تمعن في إظهار أننا نعيش في مجتمع ينشر الرذيلة، ويصر أفراده على عدم الالتزام بلبس "حزام العفة".
لعل السؤال الذي يشغل العراقيين اليوم ، هل يمكن أن يتخيل أحد ، أن المسؤولين عن الثقافة هم الذين يصرون على جرنا الى الوراء بحجة الحشمة والأخلاق، من سوء طالعنا جميعا أن تتحول مؤسسات الدولة إلى ملكيات خاصة يمارس فيها المسؤول سلطة الأب الشرعي فيجيز هذا ويمنع ذاك، اليوم الكثير من سياسيينا يريدون دفع المجتمع إلى حفرة يغطون عليها بعقدهم وأمزجتهم الشخصية.
التجارب التي تعيشها الشعوب الحية تثبت لنا كل يوم أن الفعل البشري الحر يمكن أن يفعل الكثير إذا توفرت له الإرادة والرؤية الصادقة، حيث يسعى العديد من البلدان إلى تقديم نموذج جديد للبشرية، نموذج يحترم الإنسان ويقدر قيمة الحياة، سياسيون يخصصون الأموال لرفاهية شعوبهم لا لشراء المصفحات واجراء عمليات " بواسير " ، نقرأ في الأخبار أن الحكومة التركية منحت لكل طالب جهاز "أيباد" وتناقلت وكالات الأنباء تركيا وزعت ستة عشر مليون جهاز إلى طلبتها ، فيما بشرتنا النائبة سوزان السعد أن عصر الطالبات الصغيرات السافرات قد ولى الى غير رجعة ، ولهذا شاهدنا كيف توزع هذه النائبة "الهمامة" الحجاب في المدارس الابتدائية، لتعلن ان "الحشمة" للصغيرات ، أهم من العلم والمعرفة، وبشرتنا احدى المدارس في محافظة الديوانية بان اقامت احتفال بمناسبة بلوغ تلميذات الصف الثالث الابتدائي سن التكليف الشرعي.
هكذا إذن فصغيرات العراق مطالبات بأن يقدمن الشكر للنائبة سوزان السعد التي سعت الى إنقاذهن من الفتنة والغواية، وفتحت أمامهن نوافذ المستقبل الوردي الذي سينتظرهن ، لو التزمن بتعليمات "الفقيه" حسن الشمري ، حول فوائد الزواج في سن التاسعة.
ولان الأمر لا يخرج عن كونه كوميديا من النوع الرخيص فقد كنت أتمنى على السيدة سوزان السعد أن تجيبني على سؤال يحيرني: لماذا تصرعلى الترشيح للبرلمان ، وفيه مفاسد كثيرة ابرزها الاختلاط بالرجال والتحدث اليهم .
"حجر" وزارة الثقافة "وايباد" سوزان السعد
[post-views]
نشر في: 18 مارس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 3
أبو سعد
سأجيبك نيابة عنها رأفتا بك ان لاتحتار(هي تعتقد واعتقد اعتقادها صحيح بانه لايوجد رجال بالبرلمان ولو كانوا كذلك لبنوا البلاد ولم يفرقوا العباد)
ابو اثير
وزارة ثقافة وزيرها وزير الدفاع وكالة أقرأ عليها السلامة على كولت المثل البغدادي ... سأسرد عليك سيدي الكريم هذه السالفة التي حصلت معي عندما في زيارة لمقر وزارة الثقافة قبل عام لأمور وظيفية قبل أحالتي على التقاعد فعندما دخلت ألأستعلامات والسؤال بالذي والتي
داخل السومري
يا استاذ علي لماذا تقول سياسيينا يريدون دفع المجتمع إلى حفرة يغطون عليها بعقدهم وأمزجتهم الشخصية. هو نحن في هذه الحفره منذ قرون والجديد هو ان حراميتنا الجدد منشغلين ومهمومين بالتضيق التام على هذه الحفره حتى لا يدخلها اي شعاع من النور.انا لا استغرب من سياس