قبل نحو ثلاث سنوات، شهدت بغداد حملة أمنية غير قانونية على النوادي الاجتماعية المرخصة التي ترتادها النخبة (الأدباء، الصيادلة، السينمائيون، المشرق....)، رفع لواءها "الإيماني" رئيس مجلس محافظة العاصمة والمحافظ السابقان، بدعوى منع شرب الخمور.
لأمثالي من أفراد هذه النخبة، كانت الأهداف الحقيقية للحملة واضحة المعاني والمقاصد.. فالحكام "المؤمنون" كانوا في الواقع قد ضاقوا ذرعاً بحيوية النخبة الثقافية - المدنية التي "فضحت" نفسها بقيادتها موجة التظاهرات الشعبية التي انطلقت ابتداءً من 25 شباط 2011.
غداة تلك الحملة سألت مسؤولاً كبيراً في الدولة وفي إحدى الكتل البرلمانية الإسلامية، إن كانت لديه معلومات تفيد بقيام أحد من روّاد تلك النوادي بتفجير نفسه أو بزرع عبوة ناسفة كما يفعل الإرهابيون الذين عجزت الدولة بقواتها الضاربة عن القضاء عليهم، أو التعدي على القوات الأمنية، فأجابني الرجل بان المشكلة الحقيقية ليست مع روّاد النوادي ولا مع شربهم الخمرة، وانما مع عناصر أمنية ترتاد بعض الملاهي ويجري اختطافها أو استدراجها لكشف أسرار أمنية!
كان عذر المسؤول من النوع الأسوأ من الفعل، فمن أجل حفنة من العناصر الأمنية غير المنضبطة وغير الأمينة على ما عُهد به اليها، جرت معاقبة فئة اجتماعية واسعة لم تجد غير هذه النوادي مجالاً لتمضية وقت الفراغ وللتواصل الاجتماعي والثقافي في عاصمة ظلت -ولم تزل حتى اليوم- خالية تماماً من دور المسرح والسينما والموسيقى والمراكز الثقافية والمعارض الفنية والمكتبات العامة.
الآن يُعاد تشغيل تلك الأسطوانة المشخوطة بصيغة جديدة، "مزيدة ومنقحة"!.. كيف؟
الأمانة العامة لمجلس الوزراء أعلنت أخيراً عن اختتام اجتماع عُقد لبحث الظاهرة المتفشية منذ سنوات (يمتد تاريخها الى عهد النظام السابق)، وهي ما سمتها الأمانة "ظاهرة الأقراص الليزرية غير المرخصة"، وهو تعبير مخاتل، فالمقصود بهذه الأقراص (سي دي) هي تلك التي تتضمن افلام الجنس المبتذل والعنف والمخدرات وما الى ذلك. المهم ان عبقرية المجتمعين تفتقت عن مشروع لاستحداث جهاز شرطة جديد يحمل اسم "شرطة الأخلاق"!، وهذا أيضاً تعبير مخاتل، فشرطة الأخلاق ستكون هي نفسها "شرطة الآداب" التي أنشأها النظام السابق في عهد "الخال" غير طيب الذكر خير الله طلفاح.
بيع وتداول أقراص الجنس الرخيص والعنف والمخدرات تجارة رائجة في البلد، مثلها مثل تجارة المخدرات والأدوية المزيفة والسلع منتهية الصلاحية والدعارة.. ووراء كل هذه التجارات فاسدون ومفسدون في أجهزة الدولة وخارجها.
شرطة الأخلاق، كما شرطة آداب طلفاح، لن تحل مشكلة الاقراص غير المرخصة ولا مشكلة الدعارة، وانما ستخلق مشاكل جديدة لا عدّ لها ولا حصر، لأنها ستتجاوز مهماتها وصلاحياتها، مثلما حدث مع شرطة طلفاح. تجارة الاقراص غير المرخصة وسواها من التجارات السوداء يمكن مكافحتها بمكافحة الفساد المالي والاداري، وبضبط الحدود، وبنظام فعال لادارة ومراقبة العمليات التجارية والمالية في البلاد. وقبل هذا بإصلاح النظام السياسي، وإقامة كيان لدولة قانون حقيقية، فنظام المحاصصة والتوافقات هو أبو الشرور كلها في بلادنا.
شرطة طلفاح ليست الحل
[post-views]
نشر في: 18 مارس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 5
ابو اثير
أستاذنا الفاضل... هناك أحصائية تشير بأن معدل الشباب من سنة 15 عاما الى 30 عاما يبلغ أكثر ثلث تعداد الشعب العراقي من الجنسين أي أكثر من عشرة ملايين نسمة والسؤال المطروح ألآن ماذا قدمت من في يدهم أمور البلاد والعباد عدا تسهيل الزيارات المليونية التي يراد به
ابو همس الأسدي
لايخفى على العرقيين ولن ينسوا ما كانت تقوم به شرطة الآداب نفسها من أعمال مخلةبالشرف والآداب داخل مراكزها النتنه في حينها ؟ وكذلك ما كشفته احدى الناشطات قبل أيام مما تعانيه العاملات الأجنبيات من تجاوز واساءة عند مراجعتهن لمراكز الشرطة الحالية ؟؟ فبينما تم
farid
تحياتي للجميع الأخ عدنان شرطة طلفاح لا قتل على الهوية ولا لها دخل بالشباب وأهدار طاقاتهم الرجل كان مهتم كيف يبني وجاهة تاريخية مزيفة وأموال محرمة. لقد عرفنا صدام محارب خارجي وعسكرة المجتمع للحروب وأبتلي الشباب العراقي بتجنيد مستمر وللأجيال الأب وال
الناصر دريد
المشكلة ان الافكار الرجعية لطلفاح كانت قائمة على اسس اجتماعية بحتة وفق ادراكه المحدود لمعنى الاخلاق ، اما الجماعة فهم ينطلقون من رؤية ايديولوجية اسلاموية خطيرة المدى والاهداف وبالتالي فالامر اشبه بطالبان او بشرطة الامر بالمعروف او غيرهم من ميليشيات الاحزا
من اجل الحرية
احد عشر سنه لم نحصد الصح ماهي المنجزات من الي يتمكن دول مقهى اين دور السينما اخواني الانسان الان يحب ان ينام مرتاح حتى النوم اصبح حرام عليه مايعرف وما يتوقع من الذي يدخل عليه حكومه ام ارهاب خلي هم في الاول يصفون النيه الشعب لايريد كرسي يريد ان مرض ياخذ مر