يحتفل العالم صبيحة هذا اليوم الخميس، باليوم العالمي للسعادة الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ولاننا شعب يبحث عن الكآبة والحزن وخطب ابراهيم الجعفري عن البُنية التحتيَّة للمواطن والبُنية الفوقيّة للمسؤول والسياسي، فقد خرج علينا السيد رئيس مجلس الوزراء ليفتتح مهرجان السعادة العراقي باصدار فرمان حكومي يعاقب بموجبه كل من يساعد على جعل المواطنين "يشتمون الحكومة".
قرأت البيان الذي اصدره مكتب المالكي، وأنا اتصفح كتاب صدر حديثا بعنوان " السعادة " لايذهب بكم الخيال بعيدا فتتوهمون ان مؤلفه هو الحاج خضير الخزاعي صاحب نظرية الحكم السعيد هو تكليف شرعي لا وظيفة مدنية، فالمؤلف كاتب امريكي اسمه نيكولاس وايت، يحاول ان يقول لنا ان السعادة نتاج لمجتمعات متطورة تحترم الإنسان وحقوقه ويستشهد المؤلف بمحاورة لأفلاطون وأستاذه سقراط في كتاب الجمهورية، حيث يلقي المعلم الدرس المهم على تلميذه: أتعرف ما هي السعادة.. إنها خير آخر.. وحين يسأل أفلاطون عن الأرض التي تزدهر فيها السعادة يقول سقراط : تخضر السعادة وتزدهر في ارض تشيع العدالة الاجتماعية، وأنا أقرأ هذه الجملة تساءلت: هل نحن مجتمع سعيد، كيف.. ؟ وحولنا مظاهر الحزن التي يحاول سياسيونا إحياءها وتعميمها عبر ممارسات تعيد العراق إلى زمن العصور الوسطى، فالموسيقى حرام لأنها تثير الغرائز، والغناء رجس من عمل الشيطان، والفرح مهنة أصحاب الدنيا، ونحن نريد أن نؤسس لثقافة الحياة الآخرة، زينة المرأة غواية، الضحك طريق إلى جهنم!
سياسيون لانعرف ماذا يريدون! ويكون الجواب: ليس لديهم شيء، ليست لديهم إلا شهوة احتلال مؤسسات الدولة، ليدمروها ويجلسوا على أطلالها، ثم نراهم من خلال الفضائيات مستمتعين بانتصاراتهم المزيفة، يعتقدون ان الدول تبنى بالخطب والشعارات والأمنيات، فيما التعساء والحزانى مطلوب منهم ألا يصدقوا تقارير دولية تقول إن العراقيين يتصدرون قائمة الشعوب الأكثر تعاسة.. ومطلوب منهم أن يخرجوا ألسنتهم ليسخروا من كل من يقول اننا لا نعيش عصر الانجازات السعيدة، الذي يبشرنا به صبيحة كل يوم الشيخ خالد العطية.
يتشابه البؤس مع الخراب، وتختلف أرقام وأحجام خسائر الوطن والمواطن، فيما الناس تدفع ثمن ما تجمّع عليها من دراويش وروزخونية ارتدوا زي الساسة، خطفوا كل شيء، المال والقانون، والرفاهية، والأمل. تجمَّعوا وخرجوا في خطاب كريه، ففي اللحظة التي يخرج فيها العالم كل يوم إلى السعادة والعدالة الاجتماعية والمستقبل... يصر" زعاطيط السياسة " الى بناء سواتر تمنع الفرح عن الناس، الم يحذرنا عباس البياتي يوما من معصية الاحتفال بعيد الحب ، لانه بدعة وكل بدعة ظلالة.
كم ضاع من زمن على هذا الشعب الذي يريدون له أن يظل بائسا خانعا خائفا ذليلا تحت أقدام الساسة، وان يجرَّد من إرادته وخياراته.. كم ضاع من أعمارنا في ظل حكومة وبرلمان صوروا للناس أن الفرح والسعادة، انما هي خروج على سلطة الدِّين وإرادة "القائد المنقذ"، وأن الضحك والفرح "اختراع امبريالي" بدليل ان العميل الاممي بان كي مون قرر ان يجعل من هذا اليوم عيدا للسعادة؟!
فيا أهالي بغداد والبصرة والانبار وميسان وبابل وانتم في انتظار السعادة، حكومة تلو حكومة، والفرج لا يأتي، والأزمات تشتد ولا تنفرج، لا تغضبوا، فالرهان اليوم على مدى قدرتكم على رفض سماع الأغاني والموسيقى.. والتخلص من قانون الاحوال المدنية الذي وضعته نزيهة الدليمي الذي سيؤدي بكم الى النار حتما.. عندها ستجدون أن الرفاهية ستصل إلى ابعد نقطة في الزبير وان بغداد تحولت الى مدينة تناطح دبي "الزرق ورق".. وان ذي قار سرقت السياح من اسطنبول وباريس.
أيها السادة مازال في العراقيين رمق حياة، يثورون، يغضبون، يرضون، ينخدعون، لكنهم شعب يرفض الموت، يريد ثقافة الحياة، لا ثقافة حسن الشمري، ثقافة الحياة هي التي قدمت الأوروبيين إلى العالم رسل علم وفكر وتقدم، الشعوب التي لا تفرح لا تستطيع العيش، والشعوب التي لا تسعد هي شعوب لا تبالي بمصائرها ، فثقافة الحزن لم تنجب لنا سوى صخرة الحاج عبعوب واخواتها .
السعادة على مقياس خالد العطية
[post-views]
نشر في: 19 مارس, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ابو اثير
كيف يجد الشعب العراقي المظلوم بفرح وسعادة كشعوب ألأمم ألأخرى وهو يرزخ تحت حكم أحزاب دينية أكل وشرب الدهر عليها ولفظتها الشعوب منذ مئات السنين . دلني على شعب مرفه يعيش في بحبوحة وسعادة وتكاتف أجتماعي يعيش تحت مظلة حكم ديني خذ الشعب ألأيراني الجار كان يعيش
داخل السومري
الحزن والخوف غرسا في قلوبنا،نحن العراقيين،غرسا متعمدا من قبل اصحاب العمائم والروزخونيون ومنذ قرون.انا اكتب هذا التعليق وانا ارتعش من المتأسلمين المتطرفين خائفا ان اكون قد تجاوزت التابو ويحل قتلي.انا قلت اني اخاف من المتأسلمين المتطرفين ان يحلوا قتلي وكان