اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > تجارة الأعضاء البشرية.. موت معلن يُديره السماسرة

تجارة الأعضاء البشرية.. موت معلن يُديره السماسرة

نشر في: 21 مارس, 2014: 09:01 م

كان كلامه يُوحي بعدم إمكانية التفاوض أكثـر من ذلك بالنسبة للسعر، يضيف السمسار الذي رفض ذكر اسمه " المتبرع يستلم المبلغ كاملا قبل إجراء نقل العضو ونحن غير مسؤولين عما يحدث للمريض بعد  إجراء العملية"، انتهى الحوار مع (السمسار ) ليبقى هذا الكلام لا

كان كلامه يُوحي بعدم إمكانية التفاوض أكثـر من ذلك بالنسبة للسعر، يضيف السمسار الذي رفض ذكر اسمه " المتبرع يستلم المبلغ كاملا قبل إجراء نقل العضو ونحن غير مسؤولين عما يحدث للمريض بعد  إجراء العملية"، انتهى الحوار مع (السمسار ) ليبقى هذا الكلام لاصقاً في الذهن ويحيـِّر الذاكرة  ، لكن الوسيط يسعفنا بشرح بعض ما نريد معرفته ،  قال إن الكثير من الدلالين  أو السماسرة هم الآن في  غياهب السجون يقضون عقوبات ممارسة عمل غير قانوني، وبعضهم راح ضحية على أيدي أهل مرضى داهمهم من الموت أثناء عملية زرع الأعضاء، وآخرون يُرثى لحالهم بالرغم من الأموال التي يحصلون عليها من تجارتهم 
كان الوسيط متخوفاً أثناء كلامه وبان عليه الارتباك لكنه قال "المهم تراضي الطرفين والاتفاق على كل شيء قبل العملية، وسألته عن كيفية العثور على غيره من السماسرة (مدعياً أن السعر غال ٍجدا) قال (قرب مستشفى الخيال و مستشفى الكرامة وفي أزقة البتاوين) وأكد أن أسعار بيع الكلى تتراوح ما بين 11 إلى 17 مليون دينار عراقي .
سرقة برضى المسروق
عمولات وتبادل صفقات خلف الكواليس بأساليب تحيطها الحيطة والحذر، ولصوص يتنظرون سرقة قطعة من جسد إنسان بحثه على بيعها بسعر حتى وإن أدى ذلك إلى إعاقته ً، وهو يعلم أنها صفقة خاسرة ويسرق (عينك عينك )، لكن الضحية لا حول له ولا قوة وهو الذي كان يحلم بأزهد وأقل بكثير من هذا المبلغ ليساعده على تحمل أعباء الحياة، حياته التي انتابها الإرهاق والتعب واللف والدوران من دون أية فرصة تجعل منه إنساناً محترما ، وتراه يجد ضالته لدى أحد السماسرة الذين يجيدون اصطياد ضحيتهم من الباعة وكذلك من المرضى الذين يشترون سنوات حياتهم مقابل أثمان باهظة، بعضهم قادر على تدبيرها وآخرون يضطرون الى بيع كل ما يمتلكون مقابل العيش بأعضاء لأشخاص آخرين قد تكلفهم الكثير، أكثر من حكاية تدور تفاصيلها على ناصية الأرصفة القريبة من المستشفيات الخاصة في بغداد.
وزارة الصحة تتابع الصفقات المشبوهة
ولمعرفة حال المستشفيات الحكومية ووضعية المرضى هناك قامت (المدى) بجولة ميدانية في مبنى مدينة الطب وبالتحديد لمركز زراعة الكلى في بغداد، لتلتقي بعد حصولها على موافقة مدير المركز الدكتور علاء بالتنسيق مع مدير الدائرة الإعلامية لمدينة الطب محمد سباهي على إجراء مقابلة مع الدكتور سحبان الملاح اختصاصي باطنية وأمراض كلى وعضو كلية الأطباء الملكية البريطانية وعضو كلية الاطباء الملكية الايرلندية ليؤكد بدوره أن اكثر الاعضاء التي يمكن المتاجرة فيها هي الكلى كونها العضو الوحيد الذي يتم زراعته حاليا في العراق، والظاهرة تأسست في العراق عام 1973 حيث كان العراق من اوائل الدول في الشرق الاوسط لزراعة الكلى، وتم تشريع قانون نقل الأعضاء عام 1986 وتم التعديل عليه عام 1989 حيث سمح بنقل الاعضاء من الغرباء.. كانت هذه هي البداية الحقيقة لتجارة الأعضاء، حيث ظهر الوسطاء الدلالين الذين يستغلون بعض الشباب الباحثين عن المال فيتم استغلالهم من قبل السماسرة، مضيفاً أن القانون العراقي يمنع المتاجرة بالأعضاء لكن الحاجة الماسة لها أحكام تحول دون توقف الاتجار بها ، وأكد الملاح أن المسؤولية تقع على عاتق وزارة الصحة في متابعة مثل هذه الحالات وبالفعل يتم بين فترة وأخرى قيام قسم التفتيش في الوزارة بحملة لمتابعة ومراقبة مثل هذه الصفقات المشبوهة.
معوقات التقاليد والأعراف
الملاح أوضح أنه في بعض الدول يتم الحــد من المتاجرة بالاعتماد بنسبة 70 % الى 80 % على نقل الاعضاء من الاموات في حالات موت الدماغ، ويتم الأمر بأخذ موافقة أهل المتوفى أو يكون الشخص تبرع بأعضائه عند موته عندما كان على قيــد الحياة، مما ينقذ حياة شخصين أو أكثر بنقل عدد من الاعضاء، وهذا غير موجود في العراق بسبب العقبات الاجتماعية والتقاليد والعادات، مشيرا أيضا إلى عدم وجود منظمات تتبنى نقل الأعضاء من المتبرع إلى المريض، كما هو الحال في التجربة الإيرانية حيث توجد مؤسسة يتقدم لها المتبرع وهي تقوم بإرشاده إلى التبرع بشكل سليم لكي يستفيد منها المريض، وعادة ما يهب المتبرع أحد أعضائه دون مقابل لكن المؤسسة تقوم بمكافأنه ومساعدته على إيجاد وظيفة أو تقديم تسهيلات مالية ،لكن هذه التجربة لم تطبق في العراق المحتاج لتشريعات تنظم هذه المسألة، وكان إقليم كردستان خاض هذه التجربة عام 2006 حيث تم العمل على مكافأة المتبرع بمبلغ 6 ملاين دينار عراقي من وزارة الصحة، لكن العقبات المالية حالت دون استمرار تلك الظاهرة، وحالياً يمنع مركز زراعة الكلى أي متبرع قادم عن طريق السماسرة بواسطة لجنة الاستفسار من المتبرعين الغرباء التي نشترط وجود صلة علاقة بين المتبرع ومتلقي التبرع أو أن يكون المتبرع غريباً على علاقة وصلة مباشرة بالمريض .
لا يوجد ضمان اجتماعي
الملاح أكــد أن السبب الرئيس هو عدم توفير ضمان اجتماعي أو حل جدي لمشكلة البطالة وعدم توفر سُبل العيش وبالتالي يلجأ الاشخاص الذين يرون في مثل هكذا تعاملات أقصر طريق لتمويل مشروع صغير أو لسد الحاجة، واضاف أن الحل يكمن في تشريع قانون نقل الأعضاء من الأموات وإقامة حملات توعية إعلامية في جميع وسائل الإعلام، بالتنسيق مع وزارة الصحة، وتفعيل دور الضمان الاجتماعي وحث الشباب على عدم التقرب لمثل هذه الأعمال التي تعــد مجازفة كبيرة قد تؤدي إلى فقدان حياتهم، وشدد الملاح على دور السلطات الرقابية والتنسيق مع قوى الأمن الداخلي لمنع انتشار عصابات المتاجرة بالأعضاء ،مؤكدا أن من محفزات هذه الظاهرة والسبب الرئيس في انتشارها هي حالة العوز التي يعيشها بعض الاشخاص.
جميع الأديان تحرَّم الظاهرة
لمعرفة رأي الشرع في المتاجرة بالأعضاء البشرية وزرعها التقينا بأحــد أئمة الجوامع في مدينة الكاظمية لمعرفة نظرة الشريعة الإسلامية فقال أن الإسلام يحرِّم المتاجرة وبيع الأعضاء البشرية من قبل جماعات تحصل عليها بطرق غير شرعية تحريما قطعيا استناداً إلى ما ورد من المراجع في المذاهب الاسلامية وحتى الاديان الاخرى، حيث لا يجوز قطع جزء من انسان حي لإلحاقه بجسم غيره ،إذا كان قطعه يلحق ضرراً بليغاً كما في قلع العين وقطع اليــد وما شابه ذلك، وأما اذا كان لا يُلحق به الضرر البليغ كما في قطع قطعة من الجلد او جزء من النخاع أو إحدى الكليتين لمن لديه كلية أخرى سليمة فلا بأس به ،مع رضا وقناعة المتبرع كما يقول الشيخ ، مشيراً إلى أن الأمر مرهون بشرط أن لا يكون المتبرع قاصراً ولم يصل سن البلوغ، أو به مسّ من الجنون وفي تلك الحالات لا يجوز ذلك مطلقاً، وإذا جاز القطع بالحالات المشروعة يجوز أخذ المال كثمن للجزء المقطوع بتراضي الطرفين .
الحــل في ملاحقة السماسرة
يختتم الطبيب الملاح تحقيقنا بتأكيده وجوب وضع حــد لهذه التعاملات المشبوهة فهي في تفاقم ولابد من استجابة الجهات المعنية لإلزام المستشفيات الحكومية والأهلية بشروط وتعليمات الجهات المعنية بهذا الصدد، وتفعيل دور اللجان لمتابعة الموضوع وتطبيق التعليمات بالشكل السليم، إضافة إلى وجوب وجود متابعة للأماكن التي تُمارس فيها مثل هذه الأعمال وملاحقة السماسرة وإحالتهم الى الجهات القانونية لكونها ظاهرة خطيرة ودخيلة على المجتمع العراقي حسب وصفه .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram